يخلد المغرب يوم الأحد 21 يوليوز 2013 ، الذكرى الثانية والتسعين لمعركة أنوال المجيدة التي حققت فيها قبائل الريف المجاهدة بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي، انتصارا ساحقا على قوات الاحتلال الأجنبي. وأمام الوضع الذي تعيش على وقعه منطقة أنوال، يبقى لازما على مسؤولي المنطقة البحث عن مشاريع تنموية واقتصادية مهيكلة، من شانها أن تعيد الكرامة للإنسان الريفي، وتخرج أنوال من عالم التهميش والإقصاء وتبرزها على ارض الواقع وتعيدها المكانة التي كانت عليها من قبل عوض تهميشها وإفراغها من محتواها التاريخي ورصيدها النضالي المستميت. منذ مطلع القرن العشرين وتحديدا في الفترة ما بين 1907-1912، قاد الشريف محمد امزيان مقاومة شرسة ضد الغزاة، وخاض عدة معارك ضد قوات الاحتلال حقق فيها انتصارات باهرة وظل صامدا في وجه الاحتلال إلى أن سقط شهيدا في ساحة الشرف والكرامة يوم 15 ماي 1912 . وجاءت مقاومة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي كامتداد لهذه المقاومة الريفية في الزمان والمكان، حيث استطاع بفضل كاريزميته وشخصيته القوية هيكلة حركة المقاومة سياسيا واستراتيجيا وعسكريا ولوجيستيكيا، لتشمل مناطق الشمال بكاملها. معركة أنوال أيقونة الملاحم البطولية لقد تميزت حركة محمد بن عبد الكريم التحريرية بدقة التنظيم، وقدرة الاستقطاب وبالتخطيط المحكم والإتقان في الأداء، إذ كانت معركة أنوال في يوليوز سنة 1921 بمثابة الضربة القاضية للقوات الأجنبية بفضل الأسلوب المتطور في اكتساح الميدان وإصابة الأهداف، وبعد مواجهات ضارية مع قوات الاحتلال وصل قائدها العام الجنرال «سيلفستر» المعروف بحنكته العسكرية على رأس قوة عسكرية لفك الحصار عن قواته، لكنه عجز واضطر إلى الانسحاب والتراجع إلى مليلية، فلاحقه المجاهدون الريفيون بقيادة القائد البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي، وتوجت هذه المعركة الكبرى بمنطقة أنوال بانتصار ساحق للمجاهدين الريفيين، مما شكل ضربة موجعة للغزاة المعتدين الذين تكبدوا خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وقدر عدد القتلى بالآلاف من بينهم الجنرال» سلفستر»، كما غنم المجاهدون أسلحة عصرية عديدة ومتنوعة. وبعد هذه الهزيمة النكراء، تراجعت القوات الاستعمارية وتمركزت بمدينة مليلية بينما حظيت حركة التحرير الوطني بتأييد وإعجاب العديد من المنظمات والحركات التحريرية في العالم. لقد منيت قوات الاستعمار خلال معركة أنوال بهزيمة ثقيلة، وأربكت معركة أنوال حسابات المحتل الأجنبي الذي اهتزت أركانه، واضطر بذلك للتفاوض مع المجاهدين لحفظ ماء وجهه. وبالرغم من تحالف قوات الاستعمارين الاسباني والفرنسي، استطاع البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي وأتباعه الصمود في وجه قوات الظلم والطغيان لمدة سنة كاملة دخل خلالها في مفاوضات معهما، فتمت عدة لقاءات ومحادثات مع القوتين العسكريتين، أسفرت عن قبول شرط إيقاف الحرب الريفية دون تسليم الأسلحة. وبعد أن تبين لهذا القائد أن هذه الحرب غير متكافئة بين الجانبين، فضل تسليم نفسه للمحتل الفرنسي حقنا للدماء صبيحة يوم 26 ماي 1926، وتواصل نضال أبناء الريف المغربي في سياق نضالات الحركة الوطنية المغربية التي قادها بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس. محمد بن عبد الكريم الأمير من أجدير إلى القاهرة مثواه الأخير عرف محمد بن عبد الكريم الخطابي بعدة أسماء وألقاب محليا ودوليا وارتبطت هذه الأسماء بفترات حياته ونضاله، إذ اشتهر في الريف بمولاي موحند، القائد موحند، السي موحند، ميس نسي عبد الكريم، الفقيه السي موحند، الرايس مولاي موحند، المجاهد الكبير، الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، واشتهر دوليا بعبد الكريم الخطابي وهو اسم والده الذي يعتمده عدد كبير من الباحثين. وأغلب الأسماء السابقة ارتبطت بجوانب من شخصيته ومهامه النضالية والإدارية، وأهم لقب كان هو لقب الأمير الذي أعطي له من قبل مؤتمر مندوبي القبائل يوم 18 يناير 1923 والذي أعلن فيه استقلال الريف وقيام الجمهورية الريفية وتشكيل مجلس ممثلي القبائل وعوض لقب الأمير لقب الفقيه الذي كان يحمله قبل معركة أنوال ولقب الرئيس الذي حمله بعدها. ويقسم الباحثون حياة محمد بن عبد الكريم الخطابي إلى أربعة مراحل متمايزة فيما بينها: تمتد الأولى من 1882 إلى 1918 وهي مرحلة الطفولة بأجدير والتكوين والعمل في الإدارة الإسبانية وتمتد الثانية من 1918 إلى 1926 وهي مرحلة حرب التحرير الريفية في حين تمتد الثالثة من 27 ماي 1926 إلى ماي 1947 وهي مرحلة المنفى بلارينيون وتمتد الرابعة من ماي 1947 إلى 6 فبراير 1963 وهي المرحلة الثانية من المقاومة ضد الاستعمار والطغيان. وبقي الأمير على نهج المقاومة ثابتا لا يلين ولا يستكين إلى أن اسلم روحه يوم 6 فبراير 1963 ليدفن في مقبرة الشهداء بالعباسية في مصر. أنوال المجيدة والإقصاء الممنهج تمتد منطقة أنوال على الطريق الرئيسية المؤدية إلى الحسيمة، والطريق الرابطة بينها ومدينة ابن الطيب محفوفة بالمخاطر تغلب عليها الحفر والمنعرجات، وتطاير الغبار، بشكل يكشف أن المنطقة مدرجة ضمن قائمة المناطق المحكوم عليها بالنسيان الأبدي، في حين يعيش معظم سكان أنوال بديار المهجر بنسبة تفوق 60 في المائة، أما الباقون فيزاولون نشاطهم اليومي في القطاع الفلاحي والتجاري. وتحتوي المنطقة على أراضي زراعية منها السقوية والبورية ولكنها تعاني من ضيق المساحة أو ما يسمى بسيادة الملكية المجهرية نتيجة تقاسم الأرض بين الورثة، وهذه الأراضي توجد بمحاذاة الوادي الدائم الجريان (الحمام). منطقة أنوال التابعة لعمالة إقليم الدريوش مهمشة من قبل المسؤولين، بالرغم من موقعها الاستراتيجي وتواجدها بين مختلف الطرق الرابطة بين مدن الناظوروالحسيمة وطنجة عبر الطريق الساحلي، في حين تتوفر على ثروات طبيعية وبشرية هامة، إلا أن هذه المؤهلات التي تزخر بها لم تساهم في إخراجها من العزلة. وتفتقر المنطقة إلى مشاريع تنموية وبنيات تحتية ومرافق عمومية من شانها أن تنهض اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا بالمنطقة، وتبرزها على ارض الواقع، على اعتبار أنها ذاكرة الريف المنسي، واحد المناطق الشاهدة على أحداث ملحمة « معركة أنوال التاريخية». وتعاني اغلب الدواوير من عدم ربطها بالكهرباء والماء الصالح للشرب، الأمر الذي جعل الساكنة تقول «كلما قمنا بالمطالبة بمطالبنا ?المشروعة- إلا ووجدنا أمامنا جيشا عرمرما من القوات العمومية وهم يحاولون فض الاحتجاجات، الأمر الذي يثير الكثير من ردود الأفعال». كما لا تتوفر المنطقة على مستوصف صحي، مما يجعل الساكنة تضطر إلى قطع عشرات الكيلومترات في اتجاه مراكز صحية أخرى التي بدورها تعاني من ابسط التجهيزات الضرورية التي تبقى خدماتها جد محدودة، ومما يزيد من الوضع تفاقما غياب سيارة الإسعاف، وغالبا ما يتم نقل المرضى على متن سيارات عادية أو على الدواب. الأمر الذي يجعل من كل زائر غريب لمنطقة أنوال، يحس بالظروف التي تعانيها والتي أثرت بشكل واضح على واقع الحياة الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة، أمام غياب المشاريع الإنمائية والاقتصادية المهيكلة، الأمر الذي يجعله يقول» إنها منطقة علاها الصدأ وأصبحت بقرة حلوب للمسؤولين، بالرغم من تاريخها النضالي الحافل بالنضال والكفاح في سبيل نصرة قيم المواطنة واستكمال الوحدة الترابية». وأمام هذا الوضع الذي تعيش على وقعه منطقة أنوال، يبقى لازما على مسؤولي المنطقة البحث عن مشاريع تنموية واقتصادية مهيكلة، من شانها أن تعيد الكرامة للإنسان الريفي، وتخرج أنوال من عالم التهميش والإقصاء وتبرزها على ارض الواقع وتعيدها المكانة التي كانت عليها من قبل عوض تهميشها وإفراغها من محتواها التاريخي ورصيدها النضالي المستميت. حالة المآثر التاريخية بالريف من سيئ إلى أسوأ يموت الإنسان ألما وحسرة وهو يتأمل الأوضاع الكارثية التي آلت إليه المآثر التاريخية. فإذا كانت الدول المهتمة بماضيها تعمل جاهدة على صيانة ذاكرة شعوبها وإبراز مقوماتها خدمة لحاضرها ومستقبلها، فإن الاهتمام بالتراث الثقافي والمعماري بالمغرب وبالريف خاصة لا زال ضعيفا إن لم نقل منعدما، يشهد على ذلك الحالة المزرية لمعظم المواقع والبنايات التاريخية. على سبيل المثال لا الحصر نذكر بما آلت إليه البناية (فيسينا) التي شيدها الإسبان في عشرينيات القرن المنصرم بأجدير/الحسيمة، مكان القيادة العامة للمقاومة الريفية ومكان سكنات عائلة الخطابي، فما هو معروف من خلال الروايات الشفهية أن عائلة الخطابي استقرت بالمكان منذ بداية القرن 19 وأن القاضي السي عبد الكريم الخطابي والد الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي كان له منزل كبير بالمكان استغله لعقد تجمعات بين عدد من إمغارن أيث ورياغل وإمغارن القبائل المجاورة لها كما أن المكان استعمل لعقد اجتماعات لبحث سبل الرد على التهديدات التي كان يطلقها المدعو بوحمارة على أيث ورياغل، وبعد أن أصبح مولاي موحند قائدا للمقاومة الريفية خصص جزءا من المكان مقرا لقيادة المقاومة. عندما استولى الإسبان سنة 1925 على منطقة أجدير عمدوا إلى تدمير المقر الرئيسي لقيادة المقاومة لضرب دلالاته ورمزيته، وأنشؤوا مكانه وبجواره مقرات إدارية ومنشآت «اجتماعية» (مستوصف، مدرسة...)، واعتمدوا في البناء على هندسة معمارية استوحاها المدعو إيمليو بلانكو إزاكا من الطريقة التي يعتمدها سكان الأطلس في بناء تجمعاتهم السكنية. يحكي سكان أجدير أن الإسبان عند انسحابهم من المنطقة تركوا البنايات التي أنشؤوها في حالة جيدة، دفع بالمسؤولين المغاربة إلى استغلال البعض منها، لكنهم همشوا الباقي، خاصة المقر الإداري الرئيسي الذي تهدم سقفه وأجزاء هامة منه سنة 1969 بفعل الإهمال وانعدام الصيانة والترميم. اليوم وبعد مرور أزيد من 80 سنة، أصبح المكان عبارة عن بنايات مخربة تحيطها سكنات عشوائية كانت بالأمس مبنية بالقصدير وأصبحت اليوم بالأجور والإسمنت، مما يهدد اندثار هذه المعلمة بشكل نهائي. رغم ارتفاع عدد الأصوات المطالبة بالاعتناء بهذا المكان التاريخي الهام، فإن المسؤولين في السلطة والجماعات المحلية ووزارة الثقافة... لا زالوا يصمون آذانهم، ولم يقوموا إلى حد اليوم بأية مبادرة عملية لحماية هذه المعلمة التاريخية من الضياع والطمس، وكأنهم بذلك ينتظرون اندثارها كلية للقطع مع كل ما من شأنه أن يذكر سكان الريف وغيرهم بالصفحات المشرقة لتاريخهم الحافل بالأمجاد والبطولات والانتصارات، خصوصا ما يرتبط منها بتاريخ المقاومة الريفية بقيادة الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي. قيل الكثير عن هذه المعلمة، فمرة نسمع عن مبادرة مشتركة بين إحدى المؤسسات المدنية والجماعة القروية لأيث يوسف وعلي ووزارة الثقافة لبناء متحف على نفس المكان، متحف بصون ذاكرة الريف ويبرز إسهامات الريفيين في المقاومة وجيش التحرير ويعرف بتاريخهم وحضارتهم ومنتوجاتهم... وأحيانا نسمع عن إمكانية بناء نواة جامعية، وفي الواقع لا نجد إلا مزيدا من التخريب، فيوما عن يوم يزيد حجم الدمار وتكتسح السكنات العشوائية المكان، وما تبقى من الآثار أصبح مرحاضا للمارين ومرتعا للمتسكعين وملعبا للأطفال المجاورين. ولتكن هذه الأسطر المتواضعة نداء لحمل المسؤولين والمعنيين على الإسراع في اتخاذ الخطوات الضرورية. بلدة أجدير رمز التحدي عندما دمرت مدينة المزمة عن أخرها في القرن 15 التجأ سكانها وسكان المناطق المجاورة لها إلى الجبال، وأصبحت المنطقة خالية إلا من بعض المجموعات التي كانت تتناوب على حراسة الساحل من هجمات مباغثة للأجانب. أحيانا كانت بعض من هذه المجموعات تتهاون في القيام بمهمتها، مما يجعل الشواطئ عرضة لأعمال النهب... ومع أواخر القرن 17 سيقرر أحد الأولياء الصالحين (وهو سيذي امحند وعلي) مع عدد من أنصاره القادمين من «ثجذاث» من خمس إمرابظن الاستقرار مجددا بالمنطقة لضمان حماية دائمة للساحل، من هنا أصل تسمية أجدير التي أطلقت على المنطقة. لكن هناك رواية أخرى تقول أن أجدير كلمة أمازيغية تعني مطمورة، وأصل التسمية هو أن السكان الذين سكنوا المنطقة بعد تدمير مدينة المزمة، كانوا يستعملون المطامير المتواجدة في هذه المدينة قصد خزن محاصيلهم من الحبوب. سكان أجدير الأصليون ينقسمون إلى ثلاثة أفخاذ وهي أيث زاعا وأيث مسعود أيوسف وأيث عرو عيسى، وهذه الأفخاذ الثلاثة تابعة لفرقة أيث يوسف وعلي التي تكون مع فرقة أيث علي أحد أخماس قبيلة أيث ورياغل المشكلة من خمسة أخماس وهي بالإضافة إلى الخمس المذكور، أيث بوعياش، إمرابضن، أيث عبد الله، أيث حذيفة. واعتبارا لموقعها الجغرافي حيث تتواجد وسط الريف ووسط قبيلة ايث ورياغل ونظرا لكونها مسقط رأس الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي فإن المقاومة الريفية عندما أعلنت قيام جمهورية الريف اتخذت أجدير عاصمة لهذه الجمهورية الفتية. عندما نجح الجيش الإسباني في عملية الإنزال بشاطئ صباديا (اجداين) في 08 شتمبر 1925، وبعد خوضه لمعارك ضارية في كل من إكار أزوكاغ وثخنوسث، سيتمكن في 26 شتمبر من احتلال بعض المنازل وسط أجدير وفي 30 شتمبر سيتقدم لاحتلال دهار ن سدجوم وفي 03 أكتوبر سيتمكن من احتلال جميع الهضبات المتواجدة قبل الخط الممتد من رمجاهذين حتى دهار أمقران. بعد أن توقف القتال مؤقتا (مدة 7 أشهر) قصد تحصين المواقع المحتلة وانتظار التعزيزات العسكرية، سيقوم الإسبان بهجوم كاسح وعنيف استعملوا فيه جميع أنواع الأسلحة وكانت معركة واد إبرلوقن أيام 8 و9 و10 ماي 1926 والتي انتهت باحتلال الإسبان لكل شبر من أرض أجدير... أجدير اليوم هي بلدة تبعد عن مدينة الحسيمة بحوالي 5 كلم، يحدها شرقا واد إعيساوين وغربا واد إسري وشمالا البحر الأبيض المتوسط و جنوبا ثساسنت وإزفزافن، أما السهل التابع لأجدير فيمتد من رمجاهذين غربا إلى شمرة شرقا. عدد سكانها وصل حسب إحصاء سنة 2004 إلى 3987 نسمة موزعة على 787 أسرة. وتتوفر البلدة على ست دوائر انتخابية ويمثلها في المجلس القروي لجماعة أيث يوسف ستة أعضاء، وتتكون من عدد مهم من المداشير نذكر منها: ثلا نتبوذة ? دهار سدجوم (مرتاح) ? ثغربونت ? ثمسقيذنت ? إبالون ? ملعب ? كونترون (ذاخزانت أو إكا وور) ? أوشانن ? إبرلوقن- أمزيذاو- إذاغارن (أيث المدينة) ? إشفارن...