لقد نشر في الصحافة، أن مباراة قد أجرتها الأمانة العامة للحكومة، لتوظيف 30 مستشاراً قانونياً، في موضوع التشريع، وأن نتيجة هذه المباراة التي شارك فيها خمسة وثلاثون متبارياً، ضمنهم أساتذة الجامعة، حاملون لدرجة الدكتوراه، وأطر عليا. إلا أن المثير للتساؤل، هو أن نتيجة هذه المباراة كانت سلبية، حيث لم ينجح أي مشارك. وهذه النتيجة تطرح أكثر من علامة استفهام وتساؤل، فالأمانة العامة في حاجة إلى كفاءات في مجال اختصاصها، والضرورة لإجراء المباراة، هو حاجة التشريع لكفاءات علمية، تعزز الموجودة منها، نظراً لتزايد الحاجة إلى التشريع، لتغطية المجالات المتعددة في الحياة الوطنية المختلفة، وفي كل القطاعات، التي يشكو بعضها من فقر صارخ في التشريعات. فما سبب هذه النتيجة الصفرية ؟ هل الضعف في المستوى المعرفي للمشاركين، أم في تشدد لجنة التصحيح؟؟ فالسؤال في جميع الأحوال يبقى مطروحاً، لأنه لا يمكن أن تقبل هذه النتيجة، باعتبار أن المشاركين هم أطر عليا، وأساتذة جامعات، وهؤلاء هم أرفع درجات الكفاءة العلمية، نظرياً على الأقل، وعنهم يتم تكوين أجيال من حاملي الشواهد العليا، في مختلف الجامعات المغربية. ألا تطرح هذه النتيجة، مصداقية ومحتوى الدرجات العلمية، التي تمنحها الجامعة المغربية اليوم ؟ وكونها أصبحت مجرد شهادة زور، وجريمة علمية، يشارك فيها من أعطاها، ومن يحملها فاقدة لأية قيمة علمية حقيقية، ونتيجة المباراة هي أقوى وسيلة إثبات في هذه الحالة، فلو أن الأمر يتعلق بحالة فردية، لقيل بأن هذا استثناء، لكن أن يتعلق الأمر ب 35 إطاراً من حاملي «شواهد عليا»، لفظياً على الأقل، فإن الأمر يحتاج وقفة، في موضوع بهذه الأهمية، لأن النتيجة تطرح حقيقة الدرجات العلمية، التي تمنحها المؤسسات الجامعية المغربية. ومعنى هذا أن عدم نجاح أي مترشح، يؤكد أن هؤلاء، لم يصل أي أحد منهم حتى إلى المستوى المتوسط الذي يؤهله للقبول، أي أنهم جميعاً أدنى من المعدل، رغم حملهم شهادات عليا. وبالإضافة إلى ما تثيره هذه القضية، من تساؤلات، حول مستوى الشهادة الجامعية العليا، فإن المشكل يبقى مطروحاً أمام الأمانة العامة للحكومة، المطالبة دائماً بتسريع عملية إصدار التشريعات المختلفة، بل وتتهم بأنها تشكل أحياناً، عقبة في وتيرة التشريع، فهل ستعيد عملية إجراء المباراة، بالرغم من التجربة الخائبة؟ أم ستلجأ إلى الخبرة الأجنبية ؟. والأمر ليس مستغرباً، ولا مستبعداً، ما دامت بدعة اللجوء إلى الأجنبي حلاً سهلاً، حتى في أبسط قضايانا اليومية، كجمع النفايات المنزلية، وتوزيع الماء والكهرباء على البيوت، ونقل المواطنين بين الأحياء داخل المدن ... . هذا في وجود الجامعات، مع الأسف، في مختلف العلوم والتخصصات التقنية والعلمية والإدارية ... التي تلفظ كل سنة، مآت، إن لم يكن آلاف الخريجين، وتجيز مآت الأطروحات الجامعية، فإذا كانت هذه المؤسسات الجامعية، مع تكاليفها الباهضة، لا تغني البلاد عن الحاجة للخبرة الأجنبية، في قضاياها الحيوية، ومنها قضايا التشريع، فما الغاية من وجودها ؟ ذلك هو السؤال.