بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    ميغيل أنخيل رودريغيز ماكاي، وزير الخارجية السابق لبيرو: الجمهورية الصحراوية المزعومة لا وجود لها في القانون الدولي    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    بريطانيا بين مطرقة الأزمات الاقتصادية وسندان الإصلاحات الطموحة    الجزائر والصراعات الداخلية.. ستة عقود من الأزمات والاستبداد العسكري    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    الوزير بنسعيد يترأس بتطوان لقاء تواصليا مع منتخبي الأصالة والمعاصرة    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء        التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    وسط حضور بارز..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تخلد الذكرى الستين لتشييد المسجد الكبير بالعاصمة السنغالية داكار    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور    قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    "مرتفع جوي بكتل هواء جافة نحو المغرب" يرفع درجات الحرارة الموسمية    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة        "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية الوحدة الترابية

تعد دورة أبريل 2013 لمجلس الأمن حول الصحراء منعطفا نوعيا في تعامل الأمم المتحدة مع هذا الملف، ويمكن أن نختصر إعداد مسودة مشروع المقرر الذي لوحت به الممثلة السابقة للولايات المتحدة بمجلس الأمن بعمل اللوبيات التي تدعم البوليساريو والقريبة من الحزب الديمقراطي الحاكم. لكن رد فعل الشعب المغربي القوي الذي عبر في وحدة وطنية متراصة لمواجهة أي مس بالوحدة الترابية هو الذي ثنى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية عن دعم مقترح مندوبتها ، كما كان لهذا الموقف أكبر الأثر على أعضاء مجلس الأمن لإبعاد مشروع توسيع مسؤولية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. لكني لا أتفاءل كثيرا بالنسبة للمستقبل خصوصا وأن مقرر مجلس الأمن ترك سيف ديموكليس على رقبة المغرب في ميدان احترام حقوق الإنسان.
لقد عمل المغرب على بذل كل الجهود من أجل الوصول إلى تسوية سلمية عادلة في صحرائه المسترجعة. وقبل التعامل الإيجابي مع مخطط دي كويلار الأمين العام السابق للأمم المتحدة الذي أدى إلى وقف إطلاق النار سنة 1991 ،وقيام بعثة الأمم المتحدة بالصحراء لمراقبة ذلك والإعداد عن طريق لجن تحديد الهوية لقائمة الناخبين الصحراويين الذين سيشاركون في استفتاء تقرير المصير.
البعثة الأممية لم تكن عند الانطلاق آلية حقوقية أممية، وبالتالي فإن توسيع مهمتها لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالساقية الحمراء ووادي الذهب يعطيها دورا لا يمكن إلا أن ينسف البحث عن حل سياسي متوافق عليه. فمهمتها أصلا تنحصر في مراقبة وقف إطلاق النار وترتيب تنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء. لكن الأمم المتحدة تخلت عن اللجوء إلى صناديق الاقتراع بعد فشلها في تحديد هوية كل الصحراويين الذين لهم حق المشاركة في الاستفتاء. ومسؤولية قيادة البوليساريو قائمة في هذا المضمار بسبب رفضها تسجيل عشرات الآلاف من أبناء الصحراء في اللوائح الانتخابية، وهو ما جعل المغرب يرفض تنظيم استفتاء غير ديمقراطي.
قبل المغرب مقرر مجلس الأمن الداعي إلى إيجاد حل سياسي متوافق عليه. وعمل مع الممثل الشخصي للأمين العام بدءا من جيمس بكر، الذي قبل مقترحه الأول الذي رفضته الحكومة الجزائرية وقيادة البوليساريو، وبعده ولتسوم الذي أعلن أن حل استقلال الصحراء غير واقعي، ونهاية بكريستوفر روس. وبإعلانه سنة 2007 عن مشروع الحكم الذاتي لحل النزاع، اختار المغرب الطريق الصحيح والموقف الايجابي حقا من اقتراح مجلس الأمن. فالحكم الذاتي كأرضية للمفاوضات يوفر لأبناء الساقية الحمراء ووادي الذهب، وهم أغلبية الصحراويين، انتخاب برلمان جهوي كما يوفر ذلك للأقلية القائمة بمخيمات تندوف لحمادة. انتخاب برلمان جهوي أي سلطة تشريعية جهوية تنبثق عنها حكومة يقترحها رئيس يضع عليه الملك رداء ممثل الدولة في الجهة. اقتراح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء، يحفظ ماء الوجه للحكومة الجزائرية ويفسح المجال للبوليساريو للرجوع إلى أرض الوطن وتحمل المسؤولية بإرادة الناخبين، ويرسخ في نفس الوقت الوحدة الترابية للمغرب.
مضى حتى الآن ما يقرب من ست سنوات على الاقتراح المغربي. هذه المبادرة يجب أن تبقى مطروحة أمام الأمم المتحدة وقابلة للتحيين والملاءمة طبقا للاجتهادات القانونية التي يعرفها المجتمع الدولي. لكن المغرب، وهو متشبث باقتراحه، لا يمكن أن يبقى ينتظر إلى ما لانهاية أن تقبله قيادة البوليساريو كأرضية للحوار وتنخرط حقا في مسلسل إيجاد الحل السياسي المنشود، زد على ذلك أن الممثل الشخصي للأمين العام كريستوفر روس، الذي قبل المغرب أن يتعامل معه مجددا بعد سحب الثقة منه، على ضوء ما قدمه بان كي مون للملك من الضمانات، أن روس لا يتصرف إيجابيا مع ما أكده مجلس الأمن من أن المقترح المغربي للحكم الذاتي يتصف بالجدية والواقعية، وله مصداقية.
لقد باتت الرؤية واضحة الآن وعلى المغرب أن يتحرك على ثلاثة مستويات، الداخلي والجهوي والدولي.
الأول على المستوى الداخلي : مجلس الأمن دعا إلى إيجاد آلية مستقلة وذات مصداقية للقيام بمراقبة حقوق الإنسان، فعلى الحكومة أن تتعامل بكيفية حازمة مع كل قضايا حقوق الإنسان، وتفتح تحقيقا حول كل الخروقات والانتهاكات لحقوق الإنسان التي تطرح، حتى وإن أتت من منظمات متحيزة. البلد يتوفر على الآلية المستقلة وهي المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمطلوب من الحكومة والإدارات العمومية والسلطات الترابية أن تحترم توصيات هذا المجلس خصوصا فروعه في العيون والداخلة.
إن تمتيع الساقية الحمراء ووادي الذهب بنظام خاص يفرض نفسه اليوم بكل استعجال. وحيث أنه لا يمكن للمغرب أن يطبق بشكل أحادي مشروع الحكم الذاتي الذي يحتاج إلى اتفاق الأطراف وتزكية مجلس الأمن، فيجب عليه أن يتجاوز التماطل بإقرار الجهوية الموسعة. فذلك من متطلبات الاختيار الديمقراطي الذي أقره دستور2011. الجهوية الموسعة يجب أن تنطلق رسميا وبسرعة بالأقاليم الجنوبية على مستوى التشريع والتنظيم. ولاشك أن النموذج التنموي الذي يطرحه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سيعطي فحوى ومدلولا لهذا الاختيار. لكن تبقى مسؤولية الأحزاب الوطنية الديمقراطية قائمة إذ عليها أن تعمل على تعبئة الشعب المغربي للانخراط الجدي في الجهوية الموسعة. ومن هنا ضرورة فتح حوار حقيقي وشفاف مع أبناء الصحراء حول المستقبل وكسب قلوب الشباب، وإبعادهم عن الوهم المضلل الذي تغديه دعاية البوليساريو.
الثاني على المستوى الجهوي : واقع الجوار الجغرافي والإنساني و التاريخي مع الجزائر يدفع المغرب لإعادة ترتيب أوراقه مع حكومة البلد الشقيق. وأعتقد أنه من الضروري الاستمرار في ما اقترحته الجزائر من تعاون بين عدد من القطاعات الوزارية في البلدين، وتوسيع هذا التعاون إلى قطاعات حكومية أخرى.
ويمكن للحكومة المغربية أن تطلب اجتماع لجن ثنائية لدراسة ملفات التهريب والمخدرات والارهاب، والوصول إلى اتفاقيات ملزمة للطرفين في هذه الميادين. واقتراح لجنة ثنائية خاصة لدراسة بعض الملفات العالقة، من جملتها قضية أراضي الاستعمار التي استرجعها المغرب من جزائريين كانوا يقيمون فيها بصفتهم رعايا فرنسيين، وقضية تعويض وإنصاف المغاربة المطرودين من الجزائر سنة 1976، وأخيرا الواحات التي حرم سكان فكيك من استغلالها منذ عقود.
إننا نحتاج اليوم أن نقرأ بإمعان ما حدث ويحدث من تغييرات في منطقتنا. فانهيار نظام زين العابدين بتونس وانهيار نظام القذافي في ليبيا وخطر قيام قواعد الإرهاب في الساحل والصحراء يفرض على المغرب والجزائر تحمل مسؤوليات تاريخية نحو المستقبل، وذلك بإيجاد صيغ جديدة لبناء اتحاد المغرب العربي كما اقترح ذلك ملك المغرب، وتمكين شمال إفريقيا من ضمان توازنه مع الاتحاد الأوروبي، وإعطائها مكانتها المتميزة في الاتحاد من أجل المتوسط، مع مسؤولية تمكين المغرب العربي من دعم دول الساحل والصحراء في مشوارها نحو بناء ديمقراطية حقيقية تضمن الحرية والكرامة لشعوبها وتحمي وحدتها الترابية.
الثالث على المستوى الدولي :
إن الدولة المغربية لها الحق اليوم أن تطلب انسحاب بعثة الأمم المتحدة من الساقية الحمراء ووادي الذهب. أما الأسباب فتتجلى في النقط التالية : استمرار احتلال البوليساريو للمنطقة العازلة بين جدار الدفاع والحدود الدولية مع الجزائر مع الادعاء أنها أراضي محررة. فرغم تنبيه المغرب المتكرر، لم يقم مجلس الأمن بأي إجراء لإرجاع الأمور إلى نصابها.
ولعل ما هو أخطر، عزم قيادة البوليساريو شن حرب ضد المغرب تحت يافطة حقوق الإنسان، ومحاولتها الجارية بجعل بعثة الأمم المتحدة أداة وآلية هذه الحرب. كما أن رفض إحصاء اللاجئين بمخيمات تندوف ولحمادة يحرم هؤلاء من الحماية التي ينظمها لهم القانون الدولي بما فيها حرية اختيار الرجوع الطوعي لوطنهم. كما أن غياب هذا الإحصاء يزيل عن البوليساريو أي تمثيلية ويفقده الصفة كطرف متفاوض.
هناك حقيقة قائمة اليوم وهي أن قيادة البوليساريو شجعت عددا من اللاجئين بالمخيمات على الانخراط في شبكات التهريب بالساحل والصحراء، تهريب المخدرات وتهريب البشر وتهريب الأسلحة، بل الالتحاق ببؤر الإرهاب وهو ما هدد ويهدد الاستقرار والسلام في أقطار المغرب العربي وأقطار الساحل والصحراء.
علينا أن نعي بأن قيام المغرب بطلب انسحاب البعثة الأممية من الساقية الحمراء ووادي الذهب يندرج في إطار الشرعية الدولية. فالمغرب قبل عن طواعية في إطار رسائل متبادلة، أن تقوم الأمم المتحدة بتشكيل بعثة أممية في الصحراء في إطار الفصل 6 من الميثاق الذي يركز على دور الوساطة لحل النزعات. وليس في إطار الفصل السابع الذي يعطي لمجلس الأمن الحق في إقرار تدخل مباشر في منطقة النزاع حتى دون موافقة الأطراف. وقد حان الوقت أن يستعد المغرب لإفشال كل الخطط التي تهدف إلى زعزعة الوضع والاستقرار، وبالتالي الابتعاد عن المنهجية التي تسعى إلى تسوية سلمية يدعو لها مجلس الأمن.
مضى حتى الآن ما يقرب من ست سنوات على الاقتراح المغربي. هذه المبادرة يجب أن تبقى مطروحة أمام الأمم المتحدة وقابلة للتحيين والملاءمة طبقا للاجتهادات القانونية التي يعرفها المجتمع الدولي. لكن المغرب، وهو متشبث باقتراحه، لا يمكن أن يبقى ينتظر إلى ما لانهاية أن تقبله قيادة البوليساريو كأرضية للحوار وتنخرط حقا في مسلسل إيجاد الحل السياسي المنشود، زد على ذلك أن الممثل الشخصي للأمين العام كريستوفر روس، الذي قبل المغرب أن يتعامل معه مجددا بعد سحب الثقة منه، على ضوء ما قدمه بان كي مون للملك من الضمانات، أن روس لا يتصرف إيجابيا مع ما أكده مجلس الأمن من أن المقترح المغربي للحكم الذاتي يتصف بالجدية والواقعية، وله مصداقية.
لقد باتت الرؤية واضحة الآن وعلى المغرب أن يتحرك على ثلاثة مستويات، الداخلي والجهوي والدولي.
الأول على المستوى الداخلي : مجلس الأمن دعا إلى إيجاد آلية مستقلة وذات مصداقية للقيام بمراقبة حقوق الإنسان، فعلى الحكومة أن تتعامل بكيفية حازمة مع كل قضايا حقوق الإنسان، وتفتح تحقيقا حول كل الخروقات والانتهاكات لحقوق الإنسان التي تطرح، حتى وإن أتت من منظمات متحيزة. البلد يتوفر على الآلية المستقلة وهي المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمطلوب من الحكومة والإدارات العمومية والسلطات الترابية أن تحترم توصيات هذا المجلس خصوصا فروعه في العيون والداخلة.
إن تمتيع الساقية الحمراء ووادي الذهب بنظام خاص يفرض نفسه اليوم بكل استعجال. وحيث أنه لا يمكن للمغرب أن يطبق بشكل أحادي مشروع الحكم الذاتي الذي يحتاج إلى اتفاق الأطراف وتزكية مجلس الأمن، فيجب عليه أن يتجاوز التماطل بإقرار الجهوية الموسعة. فذلك من متطلبات الاختيار الديمقراطي الذي أقره دستور2011. الجهوية الموسعة يجب أن تنطلق رسميا وبسرعة بالأقاليم الجنوبية على مستوى التشريع والتنظيم. ولاشك أن النموذج التنموي الذي يطرحه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سيعطي فحوى ومدلولا لهذا الاختيار. لكن تبقى مسؤولية الأحزاب الوطنية الديمقراطية قائمة إذ عليها أن تعمل على تعبئة الشعب المغربي للانخراط الجدي في الجهوية الموسعة. ومن هنا ضرورة فتح حوار حقيقي وشفاف مع أبناء الصحراء حول المستقبل وكسب قلوب الشباب، وإبعادهم عن الوهم المضلل الذي تغديه دعاية البوليساريو.
الثاني على المستوى الجهوي : واقع الجوار الجغرافي والإنساني و التاريخي مع الجزائر يدفع المغرب لإعادة ترتيب أوراقه مع حكومة البلد الشقيق. وأعتقد أنه من الضروري الاستمرار في ما اقترحته الجزائر من تعاون بين عدد من القطاعات الوزارية في البلدين، وتوسيع هذا التعاون إلى قطاعات حكومية أخرى.
ويمكن للحكومة المغربية أن تطلب اجتماع لجن ثنائية لدراسة ملفات التهريب والمخدرات والارهاب، والوصول إلى اتفاقيات ملزمة للطرفين في هذه الميادين. واقتراح لجنة ثنائية خاصة لدراسة بعض الملفات العالقة، من جملتها قضية أراضي الاستعمار التي استرجعها المغرب من جزائريين كانوا يقيمون فيها بصفتهم رعايا فرنسيين، وقضية تعويض وإنصاف المغاربة المطرودين من الجزائر سنة 1976، وأخيرا الواحات التي حرم سكان فكيك من استغلالها منذ عقود.
إننا نحتاج اليوم أن نقرأ بإمعان ما حدث ويحدث من تغييرات في منطقتنا. فانهيار نظام زين العابدين بتونس وانهيار نظام القذافي في ليبيا وخطر قيام قواعد الإرهاب في الساحل والصحراء يفرض على المغرب والجزائر تحمل مسؤوليات تاريخية نحو المستقبل، وذلك بإيجاد صيغ جديدة لبناء اتحاد المغرب العربي كما اقترح ذلك ملك المغرب، وتمكين شمال إفريقيا من ضمان توازنه مع الاتحاد الأوروبي، وإعطائها مكانتها المتميزة في الاتحاد من أجل المتوسط، مع مسؤولية تمكين المغرب العربي من دعم دول الساحل والصحراء في مشوارها نحو بناء ديمقراطية حقيقية تضمن الحرية والكرامة لشعوبها وتحمي وحدتها الترابية.
الثالث على المستوى الدولي :
إن الدولة المغربية لها الحق اليوم أن تطلب انسحاب بعثة الأمم المتحدة من الساقية الحمراء ووادي الذهب. أما الأسباب فتتجلى في النقط التالية : استمرار احتلال البوليساريو للمنطقة العازلة بين جدار الدفاع والحدود الدولية مع الجزائر مع الادعاء أنها أراضي محررة. فرغم تنبيه المغرب المتكرر، لم يقم مجلس الأمن بأي إجراء لإرجاع الأمور إلى نصابها.
ولعل ما هو أخطر، عزم قيادة البوليساريو شن حرب ضد المغرب تحت يافطة حقوق الإنسان، ومحاولتها الجارية بجعل بعثة الأمم المتحدة أداة وآلية هذه الحرب. كما أن رفض إحصاء اللاجئين بمخيمات تندوف ولحمادة يحرم هؤلاء من الحماية التي ينظمها لهم القانون الدولي بما فيها حرية اختيار الرجوع الطوعي لوطنهم. كما أن غياب هذا الإحصاء يزيل عن البوليساريو أي تمثيلية ويفقده الصفة كطرف متفاوض.
هناك حقيقة قائمة اليوم وهي أن قيادة البوليساريو شجعت عددا من اللاجئين بالمخيمات على الانخراط في شبكات التهريب بالساحل والصحراء، تهريب المخدرات وتهريب البشر وتهريب الأسلحة، بل الالتحاق ببؤر الإرهاب وهو ما هدد ويهدد الاستقرار والسلام في أقطار المغرب العربي وأقطار الساحل والصحراء.
علينا أن نعي بأن قيام المغرب بطلب انسحاب البعثة الأممية من الساقية الحمراء ووادي الذهب يندرج في إطار الشرعية الدولية. فالمغرب قبل عن طواعية في إطار رسائل متبادلة، أن تقوم الأمم المتحدة بتشكيل بعثة أممية في الصحراء في إطار الفصل 6 من الميثاق الذي يركز على دور الوساطة لحل النزعات. وليس في إطار الفصل السابع الذي يعطي لمجلس الأمن الحق في إقرار تدخل مباشر في منطقة النزاع حتى دون موافقة الأطراف. وقد حان الوقت أن يستعد المغرب لإفشال كل الخطط التي تهدف إلى زعزعة الوضع والاستقرار، وبالتالي الابتعاد عن المنهجية التي تسعى إلى تسوية سلمية يدعو لها مجلس الأمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.