تساءلت يومية التجديد، في عددها الصادر في نهاية الأسبوع: هل تعفي المعارضة مدراء المؤسسات من المساءلة؟. ونرد على سؤالها الاستنكاري:كلا لن تفعل ذلك، والمعارضة -«لاسيما منها التي خرجت في أصل نشأتها من رحم الشعب »- على حد قول الافتتاحية، التي سنت ثقافة التخليق والمحاسبة منذ ستينيات القرن الماضي، تسأل التجديد : هل ستعفي جريدة الحركة الأم للحزب الحاكم، نفسها من سؤال الضمير. سؤال الضمير في نقل الوقائع كما تمت في لجنة الثقافة والاعلام، بخصوص موضوع مساءلة السياسة العمومية في الإعلام.؟ سؤال الضمير أيضا في معالجة الاستعلاء الذي نهجته اليومية التي تتحدث باسم الحكومة وحزبها الأغلبي. لغة «التجديد» هي كالتالي:»ظهرت تباشير التحالف الاستراتيجي بين حزب الاتحاد الاشتراكي في نسخته الجديدة مع حزب الأصالة والمعاصرة«.. حيث تم «بجرة قلم «كشط» كل الرصيد الوطني الديمقراطي في المطالبة بوضع المؤسسات المقاولات ( الاعلامية) تحت رقابة ومساءلة البرلمان». ثم أيضا :« الاتحاديون الجدد .. أزالوا فصولا كاملة من الدستور وتمحلوا في إنتاج دفوعات مهترئة فقط من أجل تبرير عدم مساءلة مدير القطب العمومي السيد فيصل لعرايشي ومدير القناة الثانية سليم الشيخ». بلغة التجديد أيضا، « صار واضحا أن بعض الاحزاب السياسية صارت تقدم الدعم والتغطية الكاملة لجيوب مقاومة التغيير»! لنبدأ ببعض الفكاهة: إذا كانت كلمة «جدد» مثيرة للشنآن، وهي معيرة، فلماذا تسمون جريدتكم «التجديد»؟ ولماذا لم نسمع التماسيح والعفاريت هذه المرة واكتفيتم بالقول: «واراها كاينا جيوب!!»؟ لنكمل بالتساؤل: وهل وقفتم أخيرا على «جيوب مقاومة التغيير»، وهي فلان وفلتان:إذن، على بركة الله، لماذا تنتظرون من المعارضة أن تسائلهما،اتكلوا على الله وطبقوا فيهما الاصلاح!! أم -باستعمال نفس العبارة؟ هل صار واضحا أن بعض الحزب السياسي الرئيسي صار (يعرف ) جيوب مقاومة التغيير»! ولا يقوم بالإصلاح. أم هل «أصبح الحزب الأغلبي يعرف جيوب مقاومة التغيير ولا يطبق الاصلاح الذي يريد في انتظار قوات الدعم من لمعارضة؟ لا بأس. يمكن في بؤس السياسة أن تعطي للناس دروسا، وأن تستعلي عليهم بأستاذية فجة (لم تثبت بعد في الزمن وفي السياسة).. وأن تعطيهم شهادة الوفاء لأنفسهم كما تشاء، وأن تأمرهم بأن يخوضوا حربك! بؤس ليس فيه ذرة منطق يمكن أن نصل به الى حقيقة الأشياء. حقيقة الأشياء؟ هي كالتالي: أولا لم ينزه ممثلو الاتحاد الاشتراكي،وفي مقدمتهم رشيدة بنمسعود في اللجنة البرلمانية المعنية، أيا كان، لا من القطب العمومي ولا من القطب المتجمد، سواء كان العرايشي أو كان سليم الشيخ . وليست المرة الأولى التي يطالب فيها الاتحاد بالربط بين المسؤولية والمحاسبة. والموضوعية تقتضي أن تكون الأشياء واضحة تماما وفي سياقها الذي وردت فيه. وكل اختلال يجب أن تليه العقوبة، وكل عقوبة يليها تحديد المسؤولية، تدبيرية كانت أو إعلامية. ثانيا، كان الاتفاق، وهذا نسيته افتتاحية التجديد، داخل مكتب اللجنة على «حوار سياسي» مع الوزير المعني بالقطاع، والمسؤول، الى حين إشعار آخر، هو الوزير . طيب :لماذا تريد التجديد أن تكون محاسبة مدراء عامين هم في الأصل تحت تدبير الوزير؟ ما معنى أن يكون وزيرا وأن يحضر ومعه مدراء يجب أن يحاسبوا، وهو أول من يجب أن يحاسبهم في التدبير اليومي أو الاستراتيجي حسب ما يريد؟ وهل أخبروا التجديد بأن رئاسة اللجنة استدعت المدراء دون علم المعارضة وفي الوقت بدل الضائع، وكما لو لم يكن هناك اتفاق ولا هم يحزنون، أو كما لو أن على المعارضة أن تسلم بالأمر الواقع، ثم أن تحمل أسلحة الوزير أو حقيبته لا فرق في الهجوم على «جيبين »من جيوب مقاومة التغيير. لقد دافع الاتحاد الاشتراكي وممثلوه عن كون اللقاء مع الوزير هو لقاء سياسي بامتياز... وهو نقاش حول التعددية، والتي يتحمل مسؤوليتها من وضع دفاتر التحملات، والتي تنص في فصل واحد من فصولها- على الأقل- على أن مؤسسات الاعلام العمومي مجبرة على بث خطب وتصريحات رئيس الحكومة والوزراء في حكومته. لنتابع الآن: هل سنكتفي بمنظومة «الهاكا»، التي تحدد ما تحدده تبعا لما تملكه من صلاحيات، أم نناقش مع الوزير صلب القضية، أي في الفعل الاعلامي لتدبير التعددية، عندما يكون للحكومة أزيد من 70 %، بناء على دفتر تحملات، أي قانون؟؟؟ وعندما تطرح علينا الافتتاحية سؤال« الرصيد الوطني في المطالبة بوضع المؤسسات ومقاولات الاعلام تحت رقابة البرلمان»، نطرح نحن جواب التراجع الحاصل اليوم في تأميم المشهد الاعلامي لفائدة الحكومة ومن معها! هي ذي التعددية التي دافع عنها الاتحاد الاشتراكي، القديم والمتجدد والدائم. أما تجنيد فريق برلماني وجريدة ووزارة وغيرها من الأذرع الإعلامية ، من أجل مواجهة شخص أو قناة ، فذلك ليست من صميم هويتنا. والحرية والدفاع عنها قدر بالنسبة للاتحاد الاشتراكي، والاتحاد لا يتلقى في قدره الدروس لأن الحرية ليست تمرينا سياسيا من أجل معركة لتكريس النجومية .. المتأخرة!!!! لقد اقترحت علينا التجديد ( ونحن نقصد حركة التوحيد وابنها البار العدالة والتنمية) ، في وقت سابق دليلا لكيفية ممارسة المعارضة، وبعدها اقترحت علينا بروتوكولا كاملا لكيفية توحيد اليسار، واليوم تقترح علينا ورقة عمل لكيفية الحفاظ على الرصيد الوطني وإثبات حسن النية في محاربة جيوب مقاومة التغيير. ولن نفاجأ غدا إذا ما اقترحت علينا حل الحزب برمته، والالتحاق بجنود الحزب الأغلبي ..!.