عكس توقعات المراقبين والمحللين المغاربة، اتخذت حرب الحليفين الاستقلال والبيجيدي خطا تصاعديا بعد أيام من عودة جلالة الملك إلى البلاد، إذ كان المتوقع أن تخف الحدة أو تتوقف مؤقتا في انتظار مبادرة ملكية لرأب الصدع بين الطرفين وإعادة المياه إلى مجاريها. واعتبرت بعض المصادر المتابعة أن التصعيد الحالي مجرد عاصفة تستبق الهدوء . ودخلت المواجهة المفتوحة بين طرفي التحالف الحكومي العدالة والتنمية والاستقلال منعطفا جديدا وصل صداه الى مجلس النواب بعد إطلاق عبد العزيز أفتاتي النار تجاه رئيس هذه المؤسسة الدستورية، طالبا منه «مْشي بْحالك.. دون الرّجوع إلى الدستور. حط السّوارت وارحل». واتهم افتاتي كريم غلاب بأنه يقوم فقط بدور مكلف به لفائدة شخص آخر..» وجاء التصعيد بعد مواجهة كريم غلاب لعبد الإله بنكيران ومطالبته باحترام القانون داخل جلسة دستورية يرأسها غلاب، بصفته رئيس مجلس النواب. وقد حاولنا الاتصال بغلاب طيلة نهار أمس، لكنه كان في اجتماع داخل المجلس في الوقت الذي علمت الجريدة أن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية يدرس سبل الرد على ما سماه التهجمات الخطيرة في حق رئيس مجلس النواب وعضو نفس الفريق . واعتبرت مصادر استقلالية أن الأمر تجاوز الخطوط الحمراء للخلاف داخل الأغلبية إلى المس بمؤسسة دستورية بطريقة غير مقبولة إطلاقا ،واعتبرت أن هذه التهجمات تزيد قناعة حزب الاستقلال بلا جدوى الاستمرار في التحالف مع العدالة والتنمية، الذي حسب نفس المصدر، لا يراعي حرمة المؤسسات. ولم تتوقف ردود فعل العدالة والتنمية على رئيس فريقه، بل إن نائب رئيس الحزب سليمان العمراني قال إن كلمة غلاب تناولت بعض المضامين خارج قواعد اللياقة والتقدير». واعتبر الأخير في تصريحات إعلامية أن تحميل غلاب الحكومة ضمنيا مسؤولية تعثر بعض مقترحات القوانين في مجلس النواب، ومنها المقترحان المتعلقان بالحق في الحصول على المعلومات، مجانبا للصواب لأن من يتحمل المسؤولية هو مجلس النواب نفسه لكونه يملك حق البرمجة، مضيفا أن «لمز» رئيس الحكومة في جلسة عامة وبحضور أجانب، واعتبار العديد من المواطنين ومنهم البرلمانيون يجدون عناء، كما ذهب إلى ذلك غلاب في الولوج إلى المعلومات لدى الإدارة، رسالة خاطئة شكلا ولو صحت مضمونا. وأوضح العمراني أن اعتبار رئيس الحكومة واحدا من بين 665 برلمانيا يملكون حق المبادرة التشريعية، تفسير قانوني ضيق لا يستحضر باقي الأبعاد التي نص عليها الدستور، مشيرا إلى أن إثارة غلاب للموضوع تقدير تقني لم يستحضر فيه اللباقة السياسية المفروضة في مسؤول كبير من مثل الرجل الثالث في هرم الدولة، مسجلا أن انتقاد رئيس مجلس النواب لتنظيم المناظرة المشار إليها في فندق بدل مقر البرلمان، أمر غير لائق شكلا ومضمونا، لأن المُنظم هو الجهاز التنفيذي وهو من يقرر المكان المناسب سواء كان فضاء عموميا أو خاصا. وتساءل المتحدث عما إذا كان ما صدر عن كريم غلاب أمس الخميس يتعلق بسوء تقدير من رئيس الغرفة الأولى للجهاز التشريعي، وبمقاربة لموضوع المناظرة من الزاوية التقنية «الضيقة»، أم هو اختيار مقصود أبعد ما يكون عن الاعتباطية أريد منه بعث رسائل سياسية أو تصفية حسابات سياسية في مكان خطأ، وتوقيت خطأ وطريقة خاطئة على حد تعبيره. وكان رئيس مجلس النواب طلب من بنكيران احترام اللقاء التشريعي لكونه مجرد عضو ضمن المشرعين المغاربة في الغرفتين ، وهو ما صب المزيد من الزيت على النار المشتعلة منذ أسابيع في تلابيب التحالف الحكومي الذي أوقفه الاستقلال في انتظار التحكيم الملكي طبقا للفصل 42 الذي طالب به حزب الاستقلال. وعرفت الأسابيع الماضية حربا كلامية واتهامات خطيرة بين الطرفين، وتهديدات بفضح ملفات يتهم بها الطرفان بعضهما مما يعني أن مصير التحالف لم يعد إلا مسألة ساعات فقط .