تحولت جلسة الأسئلة الشهرية إلى حوار طرشان حاور فيه بنكيران نفسه وأغلبيته في ظل مقاطعة 167 برلمانيا من أحزاب المعارضة بقيادة الاتحاد الاشتراكي. انسحاب المعارضة أتى بعد كلمة أحمد الزايدي، رئيس الفريق الاشتراكي، وباقي أحزاب المعارضة ممثلة في فرق التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري. وشدد بيان الانسحاب على تعنت رئيس الحكومة في مسألة توزيع الوقت بين الحكومة والمعارضة بشكل عادل يضمن مساءلة المعارضة للحكومة، كما ينص على ذلك الفصل 100 من الدستور، وكذلك تحويل الجلسة إلى منبر خطابة يستغله بنكيران في الدفاع عن حزبه ومهاجمة خصومه السياسيين. كما أشار بلاغ المعارضة إلى تهرب الحكومة من طرح القضايا الحقيقية للمواطنين وانشغالاتهم في ظل أزمة اقتصادية تعصف بالبلد من كل المناحي. وفي تصريح لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» أكد أحمد الزايدي أن خطوة المقاطعة فرضت على المعارضة نظرا لعدم تجاوب الحكومة مع مقترحات تقدمت بها قبل أزيد من سنة في محاولة للرقي بهذه الجلسة الدستورية وتطوير الأداء البرلماني. لكن للأسف وضح الزايدي «لم نجد أي تفهم لمطالبنا، وتشبث الحكومة بقراءة أحادية الجانب رغم الوعود بإصلاح نظام سير هذه الجلسة سواء من حيث التوقيت غير المنصف أو طريقة تناول المواضيع.» السابقة الأولى من نوعها في الدورة البرلمانية الحالية والمتمثلة في انسحاب المعارضة من قبة البرلمان، تأتي في أعقاب توتر حاد تعيشه الأغلبية الحكومية بعد قرار ثاني حليف لبنكيران المتثمل في حزب الاستقلال باتخاذ قرار الانسحاب من الحكومة مع وقف التفنيذ في انتظار التحكيم الملكي طبقا للفصل 42 من الدستور، وذلك نتيجة ما وصفه حزب الاستقلال بانفراد رئيس الحكومة بكل القرارات وإقصاء باقي مكونات الأغلبية وما تبع ذلك من حرب كلامية وتبادل الاتهامات بين الحليفين طالت باقي مكونات الأغلبية. وجريا على عادته في اللقاءات الشهرية نهج بنكيران سياسة الهروب إلى الأمام، واتهم أطرافا، لم يسمها، ب«التشويش» على حكومته، واعتبر حذف 15 مليار من ميزانية الاستثمار أمرا عاديا رغم خطورته على الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن وزيرا للمالية سابقا، لم يسمه، قال له «إن هذا الأمر كان جاريا به العمل دائما، وأنه ليس بالأمر الجديد». وإمعانا في سياسة الشعبوية، أضاف بنكيران، «وقت ما جا الخير ينفع»، مما يعني أن المغاربة عليهم الانتظار إلى أن يأتي «الخير» خارج لغة البرنامج والتخطيط المحكم المفترض في السير العام. في حين انبرت أقطاب من حزب بنكيران من داخل البرلمان إلى مهاجمة الفرق المنسحبة، ونعتتها بغير المسؤولة والساعية إلى التشويش. هذا، وسجل بشكل مفاجئ أن الجلسة لم تدم أكثر من ساعة، حيث غادر بنكيران على عجل، ورجحت مصادر مطلعة بأنه كان على موعد استقبال شخصية عربية بالدارالبيضاء تقوم بزيارة للمغرب. ومن الطرائف التي عرفتها جلسة الجمعة الماضية، محاولة عضو من العدالة والتنمية، تحويل المجلس إلى آلة للتصفيق، حتى يضمن دخول بنكيران كبطل للجلسة، في محاولة للالتفاف على الخلاف العميق داخل مجلس النواب الذي خلفته ممارسة الحكومة لسياسة صم الآذان.