وصف عبد الرحمان العزوزي, الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل, دعوة رئيس الحكومة الى حوار قبيل فاتح ماي بأنه عبث ومحاولة لربح الوقت. وشدد في حوار مع الجريدة أن القرار الذي اتخذته مركزيته بمعية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل. هو نفس الموقف الذي اتخذته المركزيتان الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين. واعتبر ان التنسيق مع الكونفدرالية قائم ومستمر, داعيا الى توسيع دائرة التنسيق بين المكونات النقابية لما فيه مصلحة الشغيلة المغربية. مشددا على ضرورة ان يكون الحوار مع الحكومة جديا ومنتجا. وحذر من تداعيات السياسة الاجتماعية الحكومية التي يمكن أن تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه, كما تطرق الى شعارات الحكومة حول اصلاح صندوق المقاصة وصناديق التقاعد وغيرها من المواضيع التي تطرق لها الحوار التالي: { اتخذتم قرارا بمعية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، يقضي بمقاطعة جلسة الحوار التي دعا اليها رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران يوم السبت الماضي, لماذا هذا القرار؟ كنا ننتظر من الحكومة أن تدعو الى عقد جلسة حوار الدورة الثانية في بداية ابريل. وكنا ننتظر ان تأتي بجدول أعمال يتضمن نقاطا جديدة تقدمها الحكومة للشغيلة المغربية بمناسبة فاتح ماي. لكن هذا الغياب او تغييب هموم الطبقة العاملة من أجندة الحكومة، جعل فريقنا بالغرفة الثانية يثير هذه النقطة، ويتساءل عن هذا الغياب. مساء يوم الاربعاء الماضي, قيل أننا سنتوصل بمراسلة من رئيس الحكومة يدعونا الى جلسة حوار يوم السبت الماضي. لكن الاساسي بالنسبة إلينا بخصوص هذه الدعوة هو جدول أعمال هذا اللقاء الذي هو جدول أعمال قديم. سبق لنا أن ناقشناه في لقاء سابق. ويتعلق الأمر بعرض حول الوضعية الاقتصادية وما تبقى من بنود اتفاق 26 ابريل 2011 ودراسة المستجدات. حينما نتمعن في جدول الاعمال هذا، يتضح ان الأمر لا يتعلق بحوار بل بلقاء قصد التسويق الاعلامي. حتى يظن الرأي العام أن هناك حوارا اجتماعيا, وقد ناقشنا الامر مع الاخوة في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل. حيث تبين لنا ان دعوة الحكومة هي عبث ولا يمكن لنا أن نساهم فيه. لذلك اتخذنا قرار المقاطعة.. مباشرة بعد ذلك علمنا ان نفس القرار اتخذه الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب, وهو ما يؤكد كذلك صحة موقفنا، ويؤكد أن النظرة للقضايا العمالية عليها اجماع من طرف المركزيات النقابية وإن تم ذلك فسيكون مساهمة في اللامسؤولية. { المثير للانتباه ان الجسم النقابي مازال يناقش بنودا تم الاتفاق عليها مع الحكومة السابقة, الا ترى ان هذا غير منطقي؟ الحكومة السابقة وقعت على هذا الاتفاق.لكن الحكومة الحالية تتلكأ في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه, وهو ما نرى فيه نوعا من التهرب والعبث, فأفعالها وممارساتها متناقضة لتصريحاتها في عدة مجالات. لذلك عممت الحكومة الحالية بلاغا تعلن فيه مقاطعة المركزيات النقابية لجلسة الحوار التي دعا اليها رئيس الحكومة وتدعي ايضا انها مستعدة للحوار, وهو ما سمعناه منذ تعيينها، لكن الى حد الساعة الامر مجرد استهلاك للشعارات لربح الوقت. فالارتجال في التدبير والتسيير واضح في السياسة الحكومية. { تحتفل الطبقة العاملة بعيدها الاممي هذه السنة في ظل اجواء تتسم بالاحتقان الاجتماعي وأزمة اقتصادية خانقة, كيف تنظرون إلى هذه المحطة؟ لاحتفال بفاتح ماي هذه السنة له خصوصيات تتسم بغياب الحوار, كما أن القضية الوطنية ستكون حاضرة. وهي مناسبة للشغيلة المغربية للتعبير عن تشبثها بالوحدة الترابية كما أن فاتح ماي مناسبة للشغيلة المغربية للاحتجاج على الحكومة لتغييبها للحوار الجدي والمسؤول والمنتج. وليس اقتصارها فى جلسات لتبادل الرأي. لذلك فهذا العيد الأممي فرصة للتعبير والاحتجاج. اما بالنسبة للازمة الاقتصادية فإننا نرفض ان تتم معالجتها على حساب الضعفاء لا سيما الشغيلة, كما أن المناسبة تدعونا للتذكير بأن هناك نقاطا مطلبية لا تتطلب من الحكومة اي غلاف مالي مثل الحريات النقابية التي هي من اولويات اتفاق 26 ابريل 2011 والمصادقة على الاتفاقية الدولية 87 المتعلقة بالحقوق والحريات النقابية ومراجعة الفصل 288 من القانون الجنائي. هذا الفصل الذي يذكرنا بظهير 1935 المعروف بكل ما من شأنه, وهذا لا يتطلب ولو سنتيما واحدا من الحكومة. بل يتطلب ارادة سياسية بالاضافة الى قضايا اخرى. وهناك مصادر اخرى لمعالجة الازمة الاقتصادية منها محاربة الهروب من الاداء الضريبي والتملص منها, فالدولة تخسر الملايير جراء ذلك. ومحاربة السوق السوداء وما يجري من مضاربات في سوق العقار والحرص على استخلاص الضرائب. فالازمة لا يجب ان تعالج على حساب الضعفاء خاصة في ظل الحديث عن زيادات ستثقل كاهل المواطنين. اننا نتخوف وننبه الى اتخاذ اجراءات غير مدروسة ولا تراعي الاوضاع الاجتماعية, فالضغط يولد الانفجار . { ألا تعتقد أن السياسة المتبعة من طرف الحكومة ستؤدي الى هذا الانفجار؟ بطبيعة الحال، فعدم التعامل بجدية ومسؤولية مع الوضع سيؤدي الى ذلك. فالزيادة في اسعار المحروقات كان لها اثر على القدرة الشرائية واتخاذ إجراءات اخرى مماثلة ستزيد في الطين بلة. ولا نعتقد أن وضعنا بسليم، وأن للصبر حدود ويجب ألا يغتر أحد. ويعتبر أن الحكومة فيها »»البركة« «وذلك يكفي المغاربة, فمازلنا «لم نقطع الواد ونشفو رجلينا«« وإذا كان هناك إضعاف للقدرة الشرائية وضغوطات على المواطنين فهذا سيكون له تداعيات ومن ثمة لابد أن يتم تقدير الأشياء حق قدرها. { هناك اتفاق على بعض النقاط المطلبية, كيف ترون عدم تنفيذها من وجهة نظركم؟ هذا من الأسباب التي جعلتنا نقاطع جلسة حوار رئيس الحكومة. الحكومة تدعونا مرة أخرى للمناقشة في هذا الأمر على أشياء تم الاتفاق عليها منذ سنتين تقريبا والتزم بذلك رئيس الحكومة والوزراء المعنيون بتنفيذ هذه البنود, لكننا لانلمس الجدية في التعامل مع ملفنا المطلبي. { أقدمت حكومة بنكيران على تجميد تنفيذ 15 مليار درهم من الاستثمارات العمومية، كيف تقرأون هذا القرار؟ وهل سيؤثر سلبا على الشغيلة المغربية؟ بطبيعة الحال، سيكون له انعكاسات على التشغيل وأشياء أخرى, وهل الحل الوحيد هو تجميد هذه الاستثمارات العمومية التي ستدعو المستثمرين إلى عدم الإقبال على الاستثمار, سواء من داخل المغرب أو خارجه. وبالتالي ستكون له انعكاسات سلبية على اليد العاملة وعلى الاستثمار نفسه, في الوقت الذي كان على الحكومة البحث على مصادر أخرى لتغطية عجزها. { هناك مقترح تقدمت به الفيدرالية الديمقراطية للشغل من خلال فريقها في مجلس المستشارين، طالبت فيه بتطبيق وإقرار ضريبة على الثروة, ألا ترى أن مثل هذا المقترح كان سيعفي الحكومة من مثل هذا القرار؟ بالفعل اقترح فريقنا بالغرفة الثانية إقرار ضريبة على الثروة، لكن تم رفض ذلك من طرف الحكومة ,وهذا المقترح لن يكون له ضرر على المعنيين ,إذ أن اقتراحنا يراعي الوضع ولا يؤثر على الأشخاص المعنيين به ولو تم ذلك لكان بديلا عن إجراء تجميد هذه الاستثمارات العمومية أو التفكير في اجراءات أخرى، لكن الحكومة اختارت الحل السهل، وكذلك الزيادة في أسعار المحروقات، لكن ستكون لذلك عواقب صعبة, وإلغاء 15 مليار درهم يعني الزيادة في العطالة وتعطيل البنيات التحتية وغيرها. { ماذا عن إصلاح صندوق المقاصة؟ وكيف ترون مقاربة الحكومة لذلك من خلال تصريحاتها؟ مبديئا ليس لنا أي مانع في مراجعة ذلك، لكن يجب أن نعرف أن المعالجة ليست بالأمر الهين والسهل من جهة, ومن جهة أخرى لا يمكن المعالجة إلا من خلال إشراك جميع الأطراف المعنية, الأحزاب والنقابات, أكيد أن الأغنياء سيستفيدون من صندوق المقاصة، لكن أن تساوي بين الأغنياء والفقراء أو العاطلين ليس بالمعقول, وبه خطورة كبيرة. { وماذا عن إصلاح صناديق التقاعد؟ هذا الموضوع مطروح منذ مدة, خاصة الصندوق المغربي للتقاعد الذي عرف أزمة سنة 2007 قتم اتخاذ اجراءات من خلال الزيادة في الاشتراك. وأكدنا آنذاك أن الدولة مسؤولة عن هذه الأزمة, إذ لم تكن تؤدي واجبها. وطالبنا بضرورة أن تتحمل الدولة مسؤوليتها في معالجة هذه الأزمة, وقد عملت حكومة التناوب من خلال وزير الاقتصاد والمالية آنذاك فتح الله ولعلو أن ضخ 11 مليار درهم، وتمت الزيادة في مساهمة الاشتراك وتمت معالجة هذا الصندوق، لكن المعالجة كانت مؤقتة والآن الصندوق سيعرف العجز ابتداء من سنة 2015 والصناديق كلها ستعرف أزمة, ولما طرح هذا المشكل تم تكوين لجنة تقنية بمساهمة النقابات, ومن ضمنها الفيدرالية الديمقراطية للشغل,هذه اللجنة اجتمعت لسنوات واستعانت بالعديد من الدراسات وبالمؤسسات الدولية للوصول إلى صيغة لمعالجة هذه الأزمة, وتم تقديم سيناريوهين,معالجة الصندوق من خلال القطاع الخاص , والقطاع العام , لكن الحكومة متعثرة في هذا الباب فاللجنة الوطنية التي يترأسها رئيس الحكومة اجتمعت مرة واحدة، حيث كانت بعض الاقتراحات كالزيادة في الاشتراك ورفع سن التقاعد, وشددنا على الاطلاع علىِ هذه السيناريوهات. فاللجنة الوطنية مكونة أيضاً من الأمناء العامين للمركزيات النقابية وممثلين عن صناديق التقاعد و وزير المالية برئاسة طبعاً رئيس الحكومة، وهذه اللجنة هي التي ستبت في الأمر. وأكد التقرير المرفوع لهذه اللجنة أن الموضوع لم يكتمل بعد، لذلك اللجنة التقنية هي في أفق إنهاء أشغالها، وستعرض على أنظار اللجنة الوطنية. { ماذا عن التنسيق بين الفيدرالية والكونفدرالية؟ التنسيق بين هاتين المركزيتين النقابيتين قائم. ومنذ سنوات، كنا ننسق مع الاتحاد العام للشغالين والاتحاد الوطني للشغل في عهد حكومة عباس الفاسي. ومن نتائج هذا التنسيق، كان الوصول الى اتفاق 26 أبريل 2011، والتنسيق مع الكونفدرالية الديمقراطية للشغل استمر في الوقت الذي لم يبق مع المركزيات النقابية الأخرى. ومن نتائج ذلك، المواقف المشتركة ومسيرة 27 ماي و 31 مارس، حيث كانت هاتان المسيرتان ناجحتين. { ولماذا لم يتم التنسيق ما بينكما من أجل الاحتفال بفاتح ماي بشكل مشترك؟ لقد ناقشنا الموضوع بشكل مشترك، وطرحنا سؤالا، هل من الأفيد أن نقوم بالاحتفال بفاتح ماي بشكل مشترك أم العكس. وبعد النقاش، تبين لنا أن الاحتفال بشكل منفرد. سيكون الأجدى مع الاتفاق أن تبادل الوفود في هذا العيد الأممي والتنسيق بيننا مازال مستمراً، والدليل على ذلك هو البلاغ المشترك الذي أصدرناه حول مقاطعة جلسة حوار الحكومة يوم الجمعة الماضي وكفيدرالية ديمقراطية للشغل فأيدينا ممدودة لكل من يريد التنسيق لصالح خدمة الشغيلة المغربية. وقد طرقنا جميع الأبواب في الماضي، وهناك من استجاب لطلبنا. أملنا في المستقبل أن تتسع دائرة هذا التنسيق. فلا أحد يعتقد أنه لوحده يمكن أن يكون لعمله نتائج، خاصة وأننا نتفق على أهم القضايا، الحريات النقابية، تحسين الأجور، ربما نختلف في التسيير والتدبير، لكن في القضايا التي تهم الطبقة العاملة نتحدث بلغة واحدة، والدليل على ذلك، مقاطعة المركزيات النقابية لجلسة حوار الحكومة. * بناء على هذا الالتقاء الموضوعي بين المركزيات النقابية، سواء فيما يتعلق بالملف المطلبي أو في اتخاذ المواقف، كما هو الحال في التعامل مع دعوة الحكومة لإجراء جلسة حوار أياماً معدودة قبل فاتح ماي، ألا يستدعي هذا التطابق في وجهات النظر لتوسيع دائرة التنسيق من أجل الضغط بشكل موحد على الحكومة للاستجابة لمطالب الشغيلة المغربية. = ليس هناك شك في هذا الموضوع. فالمواقف الموحدة لها مفعولها وأثرها الكبير، ونحن في الفيدرالية نتمنى أن يتسع التنسيق ويتقوى لما فيه مصلحة الشغيلة المغربية. إذ يمكن ألا نتفق في كل شيء، ولا نختلف في كل شيء. كذلك يدنا ممدودة للتنسيق مع كل من يريد ذلك، ونسجل بارتياح كبير، الخطوات الإيجابية على مستوى التنسيق مع إخواننا في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل. فالقواعد الفيدرالية والكونفدرالية يدعون الى المزيد من الخطوات في هذا الاتجاه. { ما هو نداؤكم للطبقة العاملة وعموم الشعب المغربي في عيدكم الأممي؟ المطلوب من العمال والعاملات هو التواجد المكثف في فاتح ماي، للتعبير عن تشبثهم بمطالبهم من خلال تواجدهم دفاعاً عن حقوقهم. فالحضور ضروري بكثافة، كما ندعو المواطنين والمواطنات مساندة الشغيلة المغربية في قضاياها العاملة والمشروعة.