عن المركز الثقافي العربي ببيروت، صدرت الترجمة العربيّة لرواية «البطء» لميلان كونديرا، أنجز الترجمة خالد بلقاسم. نقرأ في كلمة ظهر الغلاف: «البُطْء»، رواية ميلان كونديرا السّابعة. تَحْكي، بتَوَازٍ، قِصَّتَيْ حُبّ؛ إحْداهُما في القرْن الثامن عَشَر الذي شهدَ أجْواء التحرّر والانفتاح، وهي بطيئة وذاتُ طَعْم، أمّا الأخرَى، فتَدُورُ في عَصْرنا، سَريعَة وباعِثة على السُّخريّة. يَدْعُونا الكاتب، وهو يُمَجِّدُ البُطْءَ في هذه الرّواية، إلى الوَعْي «بالوشيجَة السِّرِّيَّةِ التي تَرْبطُ البُطْءَ بالذاكِرَة، وتَصِلُ السُّرْعة بالنّسْيان». وفي هذا العالَم، الذي لا تنفكُّ فيه سُرْعة كلِّ شَيْءٍ تتنامَى، يَرَى كونديرا أنَّنا أضَعْنا الذاكِرَة التي تُفضي إلى المَعْرفة وتُمكّنُنا من الشعور بالمُتعة في عيش الحاضر. يُبرزُ كونديرا في هذه الرّواية مفهومَ علاقاتِ الحُبّ الرَّاهنة التي لمْ تَعُدْ تُجَسِّدُ الشعورَ الحَميمَ بَيْنَ ذاتَيْن، بلْ إنّها نوْعٌ من الاسْتِعراض المُصطَنَع أمامَ الآخَرين. بهذا المَعْنى، فإنَّ رواية «البُطْء» تفكيرٌ في إعادَةِ رَسْمِ الحُدُود بيْنَ فضَاءاتِ الحَمِيم والخاصّ، من جهة والعامّ من جهةٍ أخرَى، في عالَمٍ غدَا فيهِ كُلُّ شَيْءٍ مَحْكوماً بالسُّرْعة والعَجَلة. في هذا العَمَل، نعثرُ مُجَدَّداً على عناصِر الغرابة والخِفّة والهَزل، وهي العناصِر المُشَكّلة لأسْلوب كونديرا. كما نَجدُ فيها آراءَهُ حوْل العالَم والسّياسة ووَسَائل الإعلام والمُثقفين والحُبّ والرّغبة والتّحرّر الجنسيّ...، وهي المواضيع الأثيرَة عند هذا الكاتب الكبير. إنها دون شك ، نقطة ضوء جديدة في سماء الإبداع المغربي، أبى الفنان والمبدع المغربي عبد الله الحريري إلا أن تضفي طابعا خاصا على ما تم عرضه سابقا بذات الرواق، من قبيل « حروف وعلامات» « في رحاب الخط العربي» « اتجاهات» وغيرها، حتى تعمل على مسايرة هذا المنجز بكل اتجاهاته وأبعاده الفكرية والإبداعية ، وحسبي أن الفكرة قد راودت الفنان عبد الله الحريري منذ أمد بعيد، وظلت تراوح مكانها بفعل ضغوطات المدينة الإسمنتية ، وإكراهات الزمن والالتزامات ، وبرؤيتها اليوم للنور، فلكي تستجيب لعشق اللون، و تفصح عن الرغبة الدفينة في خلق مشروع رؤية جديدة لعالم الصباغة والفرشاة بكل تحدياته لدى فئة اجتماعية لها من الخصوصية والتفرد ما يجعل الموضوع فرصة للتأمل وإثارة للانتباه ...