النسخة الرابعة عشرة بعد المائة للديربي البيضاوي بين الوداد والرجاء تأتي في ظروف استثنائية لعدة اعتبارات أهمها الوضعية المتباينة للفريقين على مستوى المعنويات والرهانات، وكذا مقاطعة الجماهير الودادية للمباراة فيما يشبه الاحتجاجات .. فلفائدة من ستدق طبول الفوز بهذه النسخة التي سيديرها الحكم رضوان جيد ؟ لم يكن الديربي البيضاوي خلال أية محطة من محطاته مباراة عادية، كما يحاول أن يوهمنا المدربون الذين أشرفوا على تدريب الفريقين، أو اللاعبون الذين لعبوا لهذا الفريق أو ذاك من خلال تصريحاتهم التي تسبق لقاءات الديربي . إن هذه المحطة لا يمكن اختزالها في ثلاث نقط فقط، باعتبارها صراعا قديما لا ينحصر فوق رقعة الملعب طيلة تسعين دقيقة، ولا يبقى حبيس المدرجات، بل مخلفاته تمتد أسابيع وشهورا، وهذا ما يجعل مباراة الديربي بين الرجاء والوداد جولة عادية من جولات الدوري المغربي، لكن توابلها استثنائية، الأمر الذي يضفي عليها نكهات الندية والاحترازية والصرامة التكتيكية .... فريق الوداد البيضاوي يخوض لقاء الديربي وهو مثقل بالمشاكل جراء التعثرات التي حصدها خلال المباريات الأخيرة أمام فرق مهددة بالنزول، الأمر الذي فتح شهية الفرق التي ستنازل الوداد، وفي مقدمتها الرجاء، لكن الفريق الأحمر الذي أضاع نقطا في المتناول أبعدته عن دائرة التنافس على اللقب، يراهن على محطة الديربي لاستعادة بعض التوازن المفقود، باعتبار هذه المباراة، في هذا الوقت بالذات، يشكل الفوز فيها البلسم الذي من شأنه أن يضمد جراح الجماهير الودادية التي خابت آمالها، وتبخرت أحلامها، ولم يبق أمامها سوى لقاء الديربي للقيام بعملية زفير طويلة بعدما ضاق الصدر من طول شهيق لم يكن في الحسبان جراء توالي التعثرات خلال أواخر الدورات . إن الأزمة التي تخيم على القلعة الحمراء سترخي، لا محالة، بظلالها على مباراة الديربي بدليل أن جماهير الوداد لوحت بمقاطعة المباريات المتبقية من عمر الدوري في ما يشبه الاحتجاج على الوضعية المأسوف عليها، لكن المدرب بادو الزاكي يراهن على هذه المحطة لتصحيح المسار، كما جاء في تصريح له، موضحا في ذات السياق «هي محطة لتصحيح الوضع، والديربي غالبا مايشكل مباراة عادية، لكن بنكهة استثنائية» . وبتفاؤل كبير أضاف الزاكي «لدي ثقة كبيرة في اللاعبين للخروج من هذا النفق المظلم عبر بوابة الديربي » . إن جمهور الوداد ينتظر من اللاعبين أن يكونوا في الموعد، وأن يسحبوا البساط المفضي إلى اللقب من بين أقدام العناصر الرجاوية، لأن في ذلك إعادة الاعتبار لفريق شامخ اسمه الوداد، وأي تعثر جديد للفريق الأحمر خصوصا في مباراة الديربي، يعني تفاقم الأزمة، ووقوع هزات وارتدادات في البيت الودادي، فما هي الوصفة التكتيكية التي أعدها المدرب الزاكي لتهدئة العاصفة، وتذويب الأزمة وصنع انتصار استثنائي في ظرف استثنائي ؟ فريق الرجاء البيضاويي يدخل مباراة الديربي بطموحات الاستمرار في صنع الإيجابي، وهو مرشح على الورق لتحقيق الفوز الواحد والأربعين على الغريم التقليدي الوداد، وتعتبر كل مكونات الرجاء لقاء الديربي محطة انطلاق النسر الرجاوي استعدادا للاحتفال باللقب الحادي عشر في تارخ هذا الفريق . إن فوز الرجاء في مباراة الديربي تصنع له فرحتين، الأولى إضافة فوز جديد على غريم قديم ، والثانية توسيع دائرة حظوظ التتويج باللقب، والابتعاد عن صف المطاردة بفارق مطمئن. وأي نتيجة غير الفوز قد تخلق بعض المتاعب للفريق الأخضر، وتدخله من جديد خانة الحسابات الضيقة، سيما وأن الجيش الملكي مرشح فوق العادة للفوز بالمؤجلين، لذلك فبداية الحسم في أمر اللقب للموسم الجاري تنطلق من محطة الديربي، وإن كان المدرب فاخر غير متفق كما جاء في تصريح له، حيث أكد بأن هذه المباراة لن تحسم في مسألة التتويج باللقب كيفما كانت نتيجتها. وأضاف «الديربي لايعترف بوضعية الفريقين، وقد علمتني التجارب سواء كلاعب، أو كمدرب أن هذه المحطة غالبا ما تشكل علاجا للفريق المهزوز على مستوى النتائج». ولم يخف كون فريقه استعاد توازنه في الوقت المناسب، وهو توازن قد يكون له تأثير إيجابي على عطاءات لاعبي الرجاء كما تمنى ذلك المدرب فاخر. تجدر الإشارة إلى أن فريق الوداد فاز في 32 مباراة، والرجاء انتصر في 40 مناسبة، فيما تعادل الطرفان 54 مرة، ويتمنى البيضاويون أن يمر الديربي في أجواء رياضية صرفة، وأن يكون التنظيم في مستوى هذا الحدث، وأن تتحلى الجماهير بالأخلاق العالية، وإن كانت مقاطعة الجهور الودادي ستغتال الاحتفالية بالمدرجات .