إذا كانت مدونة الشغل قد جاءت بمقتضيات حاولت من خلالها تعزيز التعاون بين جهاز تفتيش الشغل والجهاز القضائي باعتبارهما جهازين حاميين لحقوق أطراف العلاقة الشغلية ، فإن الواقع العملي يفرز كون التعاون المذكور يبقى نسبيا، بحيث يلاحظ أن تعامل القضاء مع المحاضر الزجرية المحررة من قبل مفتشي الشغل، وإن كانوا من بين موظفي الدولة الذين يؤدون اليمين القانونية التي تخول لهم إمكانية مزاولة مهمة التفتيش وتحرير المحاضر، يثير مفارقة غريبة، على اعتبار أن المشرع قد منح المحاضر المحررة من قبلهم بموجب المادة 539 من مدونة الشغل، قوة ثبوتية لا يطعن فيها إلا بالزور ، أي أنه منحها نفس قوة محاضر ضباط الشرطة القضائية، إلا أن الواقع العملي يبين كون القضاء لازال يتعامل مع هذه المحاضر وكأنها تفتقر الى الثبوتية أو أنها لم تحترم الشروط المسطرية الواجب توافرها في المحاضر حتى يعتد بحجيتها وقيمتها القانونية . وفي نفس السياق ، لازالت النيابة العامة تعمد إلى تكليف الضابطة القضائية باستدعاء مفتش الشغل بصفته شاهدا بشأن المحاضر التي يحررها ، أو اعتماد قرائن صادرة عن جهات ادارية أخرى للطعن بالزور في تلك المحاضر كما هو الشأن بالنسبة للمحضر الرائج الآن أمام محكمة الاستئناف بأسفي، والذي يتابع من خلاله احد المفتشين المتقاعدين عن مندوبية التشغيل بإقليم الصويرة، ناهيك عن عدم معرفة مآل المحاضر المحررة التي لا يتم تفعيلها، حتى يتمكن هولاء المفتشون من تحرير محاضر ضد المخالفين لتشريع الشغل في حالة العود، كل هذا الامر من شأنه أن يدفع بمفتشي الشغل الى العزوف عن تحرير المحاضر الزجرية، وبالتالي سيساهم في اضعاف الدور الاساسي والنبيل لجهاز تفتيش الشغل في تعزيز الحقوق الاساسية في العمل وفي تحقيق العدالة الاجتماعية. وفي انتظار فتح نقاش عمومي حول ماذا نريد من جهاز تفتيش الشغل وأية حماية يجب توفر له باعتباره أداة فعالة في ضمان النظام العام الاجتماعي فإننا نسائلكم السيد الوزير عن الاجراءات والتدابير التي ستتخدونها من أجل : * متى ستشرع الوزارة في إعادة النظر في النظام الأساسي لجهاز تفتيش الشغل لتضمينه المقتضيات الكفيلة بحمايته وضمان استقلاليته أثناء ممارسته لمهامه، وتحصين المحاضر الزجرية المحررة من قبل مكوناته؟