مرة أخرى تحرج الكاميرا الخفية القطاع السياحي بمراكش، وتفضح تشوهاته التي تفصح بجلاء مكامن الخلل التي تحد من مردودية القطاع، وتشوش على سمعة المدينة الحمراء كوجهة سياحية في الأسواق الأوربية، وتجعل بعض زوارها الأجانب يمتنعون عن العودة إليها، متحولين إلى عامل فعال للدعاية المضادة التي تستفيد منها وجهات منافسة ببلدان متوسطية أخرى . فقد بثت القناة السادسة الهولندية روبورتاجا أنجزه صحفي بكاميرا خفية يظهر انحرافات جسيمة في التعامل مع السياح الأجانب، بمجرد ما تطأ أقدامهم الأرض من قبل عدد من الوسطاء، وأصحاب المتاجر السياحية وحتى بعض منشطي ساحة جامع الفنا، وكذا المرشدين غير المرخصين والسلسلة طويلة التي تتشكل حلقاتها من سلوكات مخجلة، قوامها الابتزاز المفضوح والنصب والاحتيال الذي يقوم على استغباء السياح الأجانب . الروبورتاج الذي تناقلته العشرات من المواقع الأجنبية التي وجدت فيه فرصة ثمينة للحد من إشعاع وجهة سياحية منافسة كمراكش ، يكشف رحلة سائح هولندي يتعرض عند كل خطوة للنصب والابتزاز والاحتيال ابتداء من المرشدين الذي يتلقفونه ، وبائع المنتوجات السياحية الذي يحاول أن يقنعه بأنه يبيعه زربية يتجاوز عمرها 500 سنة، إلى المطعم، إلى منشطي الساحة الذين يفرضون إتاوة باهظة على السائح بعد استدراجه لالتقاط صورة معهم، وفي حالة الامتناع تكال له كل أنواع السب والتهديد ، إلى بائعة زيت أركان التي تدعي أنها تقدم له منتوجا صافيا من هذه المادة بجودة عالية صالحة للاستخدام الطبي بمبلغ 750 درهما للتر مدعية أنها تعرضها بسعر رخيص ، وبعد عرضها على منتج مختص في زيت أركان يكتشف أنها مزورة ..إلى ما يسميه العاملون بالقطاع ب «الجعبة» ، أو الإتاوة التي يتلقاها المرشد المرافق له من كل محل يصاحبه إليه، واعتراف مرشد غير مرخص بالصوت والصورة أنه يدفع رشوة لعناصر من الفرقة السياحية، مقابل السماح له بممارسة نشاطه . الروبورتاج الهولندي يكمل دائرة المواد الإعلامية التي تفضح جروح مدينة مراكش، والفساد الذي يستشري في قطاعات متعددة مرتبطة بالمجال السياحي والتي تفضح كذلك حدود ادعاءات المسؤولين بصدد توفير مناخ سليم للنشاط السياحي عمود الحياة الاقتصادية والاجتماعية بمراكش. ويشير إلى نقاط الخلل التي تستدعي تدخلا للحد من هذه الانحرافات التي تزيد من تشويه صورة المدينة الحمراء في السوق العالمية للسياحة في ظل منافسة كبيرة ، وفي مقدمة هذه السلوكات مظاهر الغش والاحتيال في عدد من مجال تحرك السائح ابتداء من النفخ في تسعيرة نقل السياح داخل المدينة من قبل سيارات الأجرة ، والغش في البضائع التي تباع لهم باسم الثقافة المغربية وحضارتها وتراثها ، وكذا الابتزاز الذي يمارسه بعض الوسطاء ، وسيادة الرشوة كعملة لضمان الاستفادة من غض طرف المسؤولين المعنيين بالمراقبة .