من المقرر أن يستأنف قاضي التحقيق بابتدائية ميدلت استماعه، يومه الثلاثاء 16 أبريل 2013، لمتهمين معتقلين في ملف تهريب خشب الأرز، واللذين كشفا عن تورط مسؤول بالمياه والغابات بمركز «تانوردي» في مهام تسهيل عمليات تهريب خشب الأرز، بالتواطؤ مع عصابات متخصصة في استنزاف المجال الغابوي على مستوى إقليمي ميدلت وإفران، وهي الفضيحة التي هزت الرأي العام المحلي والجهوي، وأكدت بجلاء ما ظلت تحمله ساكنة المنطقة والجمعيات المحلية من شكايات وصور وتقارير لمكاتب المسؤولين على قطاع المياه والغابات إقليميا وجهويا ومركزيا حول فضائح المسؤول الغابوي الذي عاث فسادا في الثروة الغابوية، ولم يسجل المتتبعون أي رد أو تدخل من أية جهة. ومن الأنباء الواردة من المنطقة، إقدام المسؤول الغابوي المتهم وهو بمعية رجاله، خلال الساعات القليلة الماضية، على محاولة إتلاف آثار جرائمهم، وذلك بالتنقيب عن جذور الأشجار المستنزفة، ودكها أو شرعنتها، تحسبا لأية تحريات ميدانية، الأمر الذي دفع بالسكان إلى التوزع على بعض النقاط الغابوية وتحديد جذوع الأشجار المقطوعة من أجل إطلاع لجن التحقيق عليها. وقالت مصادرنا إن السكان حددوا مكان حوالي 140 شجرة، والبحث لا يزال متواصلا في انتظار الاستجابة لمطلبهم بإيفاد لجنة مركزية مشتركة للتحقيق، وسبق لبعض هؤلاء السكان أن راسلوا مختلف الجهات المسؤولة في الداخلية والقضاء والمياه والغابات، وهم يكشفون في مراسلتهم، التي حصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منها، عن فضائح خطيرة بالقول إن المسؤول المعني بالأمر يسهل عبور خمس شاحنات في اليوم الواحد، ويعمد إلى اتهام السكان لتحريف الحقائق. وسبق ل «الاتحاد الاشتراكي» الإشارة لعنصرين من المهربين سبق تقديمهما، يوم الثلاثاء 16 أبريل 2013، أمام قاضي التحقيق، بعد أن وقعا في كمين لدرك زايدة، وكانت مفاجأة المحققين حينها كبيرة في نزع الحجاب عن الوجه الحقيقي ل «قائد الشبكة» الذي لم يكن سوى المسؤول الغابوي لتانوردي الذي أجمع السكان على أنه تمكن من جعل منطقة «تانوردي»، وفي فترة قصيرة، بؤرة لتخزين وتهريب المواد الغابوية المحملة من غابات سنوال، ميوراغن وتيزي نغشو وغيرها، حتى بدا ل»مافيا الأرز» أن من دخل دار أبا «سفيان» فهو آمن. وفور اعتقال المهربين السابق ذكرهما، كثف السكان والمنتخبون والجمعويون من تحركاتهم في كل الاتجاهات لفضح ما يجري. السكان لم يترددوا في الاقبال بكثافة على توقيع العشرات من العرائض الاحتجاجية، والتهديد بتنظيم مسيرة ضخمة على الأقدام في حال التعامل مع نداءاتهم بالتجاهل والاستخفاف، في إشارة لمواقف سلبية صدرت عن المدير الجهوي للمياه والغابات، هذا الذي سبق للمتتبعين أن سجلوا عنه محاولاته لتطويق ملف المسؤول الغابوي المتهم، من خلال زيارة قام بها لميدلت، وبعدها يوم هاتفه أحد المنتخبين لإشعاره بخطورة الوضع الغابوي فأجابه بطريقة قمعية :»ماشي شغلك، هاذ السوق ابعيد عليك». وقد أكد المنتخب ذلك في دورة مجلس الجماعة وأمام مسمع من السلطات المحلية، وقالت مصادرنا إن المسؤول الجهوي لم يعد يرد على المكالمات الواردة عليه من المنطقة في موقف محاط بعلامات الاستفهام والتعجب. جماعة تانوردي بدورها استغلت فرصة انعقاد دورتها العادية، يوم الأربعاء 17 أبريل 2013، وتدارست بشكل مستفيض الوضعية الكارثية التي آلت إليها الثروة الغابوية من استنزاف ونهب منظم على مستوى المنطقة، سيما منذ التحاق المسؤول الغابوي المشار إليه، ورفعت الجماعة تقريرا في الموضوع إلى مختلف الجهات المسؤولة، من بينها عامل إقليم ميدلت والمندوب السامي للمياه والغابات، مساندة مطالب السكان بإيفاد لجنة مركزية مشتركة لتفادي أية تلاعبات، نظرا لما يكتسيه الأمر من خطورة، ولم يفت الجماعة والمكونات الجمعوية التشديد على ضرورة انطلاق التحقيق من غابات معينة، خصوصا منها أحمَّار، تشتوين، تلاغين، أمان نضلين مثلا. وفي ذات السياق، أشارت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» إلى موضوع جمعية محلية فات لها أن أبرمت عقد شراكة مع إحدى الجمعيات بفاس تشتغل على برنامج للأمم المتحدة بهدف تنمية المجال الغابوي. وفي إطار ذلك قامت بغرس وتسييج هكتار واحد بغابات غاغات كاختبار وتجربة، ليفاجأ الجميع بالمسؤول الغابوي لتانوردي ورجاله وهو يهجم على المشروع وإجهاضه في محاولة للحيلولة دون نمو هذا المشروع، لأن في نجاحه ما قد يساهم في تسليط الأضواء على المنطقة فتنكشف ما يجري من نهب وتهريب. والأدهى أن المهاجمين لم يرحموا حتى السياج المحيط بالمشروع، وأشارت مصادرنا إلى تقرير في الموضوع سبق طرحه على مكاتب السلطات المحلية والإقليمية. المسؤول الغابوي المتهم، والمعني بمراقبة غابة منطقة «تانوردي»، منذ حلوله بهذه المنطقة وجد الدرك نفسه في مواجهة «مافيا» منظمة، من خلال استمرار هذا الدرك في إيقاف السيارات والشاحنات والدواب المحملة بالأخشاب المهربة، إلى حين سقوط اللثام عن الوجه المستور بالكامل من خلال حكاية سيارة حمراء معروفة من نوع فوركون مرسيديس 310، هذه التي اختار أصحابها أن تتقدمهم سيارة من نوع «رونو اكسبريس» لشق «خارطة طريق الأمان» أمامهم. وبمجرد وقوع السيارة الأمامية في «كمين» درك زايدة، اختفى أثر السيارة الحمراء المحملة بقطع الخشب، في ظروف غامضة، ليتم اقتياد السيارة الموقوفة، وعنصرين بها، إلى مركز الدرك، وفور إخضاع العنصرين المعتقلين لمسطرة التحقيق اعترفا بسهولة بما يفيد أن السيارة المختفية كانت محملة بحوالي 40قطعة (مادرية) تم تهريبها من موقع غابوي قريب من أعين مساعد للمسؤول الغابوي، وأن هذا المسؤول هو المشرف الرئيسي على عمليات التهريب بمختلف أشكاله، وفي واضحة النهار وبأماكن معينة، ولحظة ظهور السيارة المعلومة لوحظ إفراغ حمولتها بمكان مجهول وتعويضه بكمية قليلة من حطب للتدفئة للتضليل.