من المنتظر أن تنظر ابتدائية ميدلت، يوم الثلاثاء 16 أبريل 2013، في ملف فضيحة مسؤول بالمياه والغابات متهم بتسهيل عمليات تهريب خشب الأرز، وبالتواطؤ مع عصابات متعددة الرؤوس، متخصصة في استنزاف المجال الغابوي على مستوى إقليمي ميدلت وإفران لجودة أرزهما. وقد شاءت الصدف أن يقع عنصران من المهربين في يد الدرك الملكي، وتكون مفاجأة المحققين كبيرة في كشف هذين العنصرين عن مدى تورط المسؤول الغابوي، هذا الذي أشارت له أصابع الاتهام، لأكثر من مرة، حسب مصادرنا، باعتباره الرجل الذي جعل من منطقة «تانوردي»، وفي ظرف وجيز، قاعدة لتخزين وتهريب المواد الغابوية المحملة من غابات سنوال، ميوراغن وتيزي نغشو، وغيرها. والمؤكد أن التحقيقات تكون قد وقفت على ورود أسماء بعض المبحوث عنهم وهم ضمن الشبكة. ويتعلق الأمر بتقني مسؤول على مراقبة غابة منطقة «تانوردي»، حيث لم يدم تعيينه بها سوى أسابيع معدودة حتى وجد الدرك نفسه في مواجهة ما يشبه «مافيا» منظمة. وقد سبق للدرك أن تمكن من إيقاف سيارة من نوع «بيكوب» بأغبالو وهي محملة بعشرات القطع من خشب شجر الأرز المهرب من غابات تانوردي لفائدة مهرب شهير، ثم شاحنة ضبطت بتانوردي أيضا، ليفتضح أمر أخرى من نوع «ميتسوبيشي» في حادث انقلابها وعلى متنها قطع هائلة (مادريات) من خشب الأرز التي تم تزييف عددها الحقيقي، بعدها شاحنة أخرى من نوع «فوركون» في ملكية أحد أباطرة الخشب بأغبالو، إلى حين سقوط اللثام عن الوجه المستور بالكامل من خلال حكاية سيارة حمراء معروفة من نوع فوركون مرسيديس 310، هذه التي اختار أصحابها أن تتقدمهم سيارة من نوع «رونو اكسبريس» لشق «خارطة طريق الأمان» أمامهم، فضلا عن سيارتين أخريين من نوع «فوركون» بيضاء وصفراء، حسب مصادرنا. وبمجرد وقوع السيارة الأمامية في «كمين» درك زايدة، اختفى أثر السيارة الحمراء المحملة بقطع الخشب، في ظروف غامضة، ليتم اقتياد السيارة الموقوفة، وعنصرين بها إلى مركز الدرك، وفور إخضاع العنصرين المعتقلين لمسطرة التحقيق اعترفا بسهولة بما يفيد أن السيارة المختفية كانت محملة بحوالي 40 قطعة (مادرية) تم تهريبها من موقع غابوي قريب من أعين مساعد للمسؤول الغابوي، وأن هذا المسؤول هو المشرف الرئيسي على عمليات التهريب بمختلف أشكاله، علما بأن عملية القطع تمت في واضحة النهار وبأماكن معينة. معطيات العنصرين المعتقلين حملت الدرك إلى استنفار رجاله بحثا عن السيارة الحمراء المعلومة، قبل ظهورها من جديد، لكن بعد إفراغ حمولتها بمكان مجهول وتعويضه بكمية قليلة من حطب للتدفئة للتضليل، ولم يفت المتتبعين التساؤل حول ما إذا كان الدرك قد فتح ما يلزم من التحقيقات في ملابسات إفراغ الحمولة المهربة ومكانه، ومصدر حطب التدفئة الذي تم تعويض به الحمولة، وكذا الرؤوس المتورطة وراء هذا السيناريو المثير. وبعد إيداع العنصرين المعتقلين بالسجن المحلي لميدلت، أفادت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن المسؤول الغابوي المتهم ومساعد له (متعاون) يكونا قد ترددا في المثول أمام قاضي التحقيق بعد «انفجار» الفضيحة التي بلغ دويها إلى نحو مختلف الجهات المعنية، بما فيها الحكومية، قبل أن يتداول الشارع المحلي بعض الأنباء التي تحدثت عن حلول مسؤول جهوي من المياه والغابات ببعض المصالح الإدارية بميدلت في محاولة منه لإيجاد مخرج باتجاه احتواء وتطويق الملف، في الوقت الذي كان فيه الرأي العام ينتظر نهج ما يجب من الصرامة، وإغلاق «مظلات الحماية» التي يتمتع بها المتورطون رغم تناسل أنشطتهم، ورغم عشرات الشكايات، والصور الملتقطة بالهواتف النقالة، التي ما فتئ سكان المنطقة يرفعونها من حين لآخر ضد المسؤول المتهم، إلا أنها لم تجد أي آذان صاغية، ولعل هذه الشكايات اختفت من المصالح الإدارية، حسبما أكدته مصادر متطابقة.