تناول إعلاميون مغاربة وأجانب، الجمعة الماضي بتطوان، في إطار مؤتمر تطوان للحكامة في مجال الاتصال والإعلام، مواضيع اتجاهات البحث العلمي في وسائل الإعلام، وتأثير الإعلام في الحراك العربي وعلاقة الصحافي بالبحث العلمي. وأكد الباحث في مجال السمعي البصري محمد عبد الوهاب العلالي، خلال هذه المائدة المستديرة المنظمة بمناسبة فعاليات المؤتمر، الذي نظمه المركز المغربي للدراسات والأبحاث في وسائل الإعلام والاتصال، أن الدور الذي اضطلع به الصحافي والإعلام بصفة عامة في خضم «الربيع العربي» كان «حاسما ومؤثرا»، مشيرا إلى أن «الربيع العربي» صادف أيضا التحول التقني في وسائل الإعلام، «التي مكنت ليس فقط من التأثير في مجريات الأحداث والرأي العام الوطني، بل وأثرت أيضا في الحدث السياسي والمجتمعات العربية والانتقال المجتمعي والديمقراطي في البلدان المعنية». واعتبر أن «الوسيط الإعلامي أو الصحافي اضطلع بأدوار أكثر من مجرد ناقل للأخبار والمعلومات لينتقل إلى مستوى فاعل في الأحداث، وتحول الصحافي، بشكل غير مباشر، إلى مشارك في تحديد السياسات العمومية، إضافة إلى دوره فيما يرتبط بالآني واللحظي أي نقل الخبر». وأضاف أن من «إيجابيات الثورات العربية الأخيرة هو حصول طفرة في مجال الولوجيات إلى المعرفة وبروز وسائل اتصال ناجعة أثرت في مجريات الأحداث كما في الرأي العام المحلي، وساهمت في حصول تغييرات جذرية أحيانا»، ملاحظا في ذات الوقت أن وسائل الإعلام والاتصال «المهيكل منها وغير المهيكل سيكون لها أيضا دور في المستقبل كوسيلة ضغط على التوجهات السياسية الكبرى والتعبير عن رأي شرائح مجتمعية عريضة لم يشملها التغيير». من جهته، اعتبر مدير مكتب صحيفة (القدس العربي) بالمغرب محمود معروف أن «الربيع العربي» والسياقات السياسية والاجتماعية التي واكبته وإن كانت جعلت الإعلام في قلب الحدث مرحليا، فإنها أدت أيضا إلى «تراجع هيمنة القنوات الفضائية الكبرى أو «الإعلام العابر للحدود» التدريجي، لينتقل دور التأطير الإعلامي في المجتمعات العربية إلى القنوات المحلية الوطنية»، موضحا أن ذلك مرده إلى رغبة المتلقي في أن يعكس الإعلام «همومه اليومية وقضاياه المصيرية». وبخصوص موضوع «موقع الصحافي بين الصحافة والبحث العلمي»، أكد الإعلامي المغربي ورئيس منظمة حرية الإعلام والتعبير محمد العوني أن علاقة الصحافة بالبحث العلمي يجب أن تكون «اختيارا في استراتيجيات تطوير المشهد الإعلامي بالمغرب عبر مناهج علمية واضحة المعالم، تقوم ليس فقط على الاستعمال اليومي للتقنيات الحديثة والتكنولوجيات الإعلامية بل على التقنيات العلمية في مجال البحث والتحري والوصول إلى الحقيقة والتقصي واستخلاص وضبط المعطيات العلمية وتطوير اللغة الصحافية، حتى تواكب المستجدات الطارئة على مجالات حيوية مثل الاقتصاد وغيره». وأكد أن علاقة الصحافة والبحث العلمي يجب أن تكون «جدلية أيضا، باعتبار أن على الصحافة أن تلعب دور الوسيط المعرفي بين المتلقي وما يحدث من مستجدات في مجال البحث»، مبرزا أن دور البحث العلمي في مجال الاتصال والإعلام يبقى «أساسيا» في تطوير معارف الصحافي وضمان تكوين موضوعاتي ووظيفي له، ليتسنى له تطوير أدائه الإعلامي ومواكبة التحولات على اختلاف تمظهراتها،وبلوغ ما يعرف بالصحافة المختصة أو المتخصصة. كما تم مساء الجمعة، في إطار فعاليات المؤتمر، تقديم كتاب «الصحافة بشمال المغرب من الحماية إلى الاستقلال» للباحث محمد الحبيب الخراز، فيما تطرق المؤتمر يوم السبت إلى موضوع «البحث العلمي والاتصال المؤسساتي» و«الخبر في شبكات التواصل الاجتماعي» و«الصحافي والباحث: سجلات متباينة أم طريقتان لمعرفة العالم..».