ألقت النائبة خديجة اليملاحي، باسم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب في اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال، مداخلة بعنوان «الوضعية المتأزمة لقطاع التعليم الأولي وضرورة النهوض به». وقد تناولت غياب رؤية واضحة حول التعليم الأولي لدى الحكومة ولدى الوزارة الوصية، إلى جانب مسؤولية الدولة في العمل على إقرار وتعميم التعليم الأولي من أربع إلى ست سنوات وإعادة هيكلته وإدماجه نهائيا في التعليم الابتدائي باعتباره حلقة أساسية للنهوض بالمدرسة المغربية وركيزة أساسية لتفعيل المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع الأطفال المغاربة ودوره الأساسي في تفتح مداركهم الفكرية والحسية والحركية. فضلا عن آفاق العمل.. بالرغم من الأهمية الاستراتيجية للتعليم الأولي وتأثيره الإيجابي على المسار الدراسي والشخصي للطفل، ودوره الأساسي في الرفع من جودة التربية وتقليص الهدر المدرسي, فإن الحكومة غيبته من برنامجها، إذ قامت بإدراج فقرة يتيمة تخص الأطفال وهي كالتالي: «الاهتمام بالطفولة والفئات ذوي الاحتياجات الخاصة». وتبعا لذلك, فإن وزارة التربية الوطنية لا تعتبر التعليم الأولي أولوية من أولويات برنامجها لسنة 2013. فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد التعليم الأولي لا يحضر في مجال تدبير الموارد البشرية, حيث نجد التكوين الأساسي الذي يشمل تكوين (8000) طالب أستاذ يهم فقط : - (2800) في الابتدائي - (2400) في الثانوي الإعدادي - (2800) في الثانوي التأهيلي غياب رؤية واضحة حول التعليم الأولي لدى الحكومة ولدى الوزارة الوصية يدفعنا إلى طرح عدة تساؤلات : - التعليم الأولي مسؤولية مَن بالضبط ؟ - من المسؤول مؤسساتيا عن هذا القطاع التربوي الاستراتيجي؟ - كيف تدبر الوزارة الوصية هذا القطاع التربوي الذي من المفروض أن يشكل حجر الزاوية في أية منظومة تربوية؟ قبل مقاربة هذه الأسئلة ينبغي الانتباه إلى مسألة أساسية تتمثل في تحديد مفهوم التعليم الأولي، فماذا يقصد بالتعليم الأولي؟ التعليم الأولي لا يقصد به توفير حجرات وأطر تربوية للأطفال الذين يتراوح سنهم بين 4 و 6 سنوات، بل يعني تمكين هؤلاء الأطفال من فضاءات تربوية ملائمة وتأطيرهم جيدا من طرف مربيات ومربين مختصين ومؤهلين لتنمية مهاراتهم الحسية، الحركية والتعبيرية. الجواب عن هذه التساؤلات نجده في مضامين المرجعيات الدولية والوطنية: أولا - التعليم الأولي في المرجعيات الدولية والوطنية: 1 - المرجعيات الدولية - اتفاقية حقوق الطفل التي وقع عليها المغرب سنة 1993 - أهداف الألفية الثالثة 2 - المرجعيات الوطنية - الدستور: بالرجوع إلى الفصل 31 نجد التنصيص على الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج و ذي جودة. - الخطة الوطنية للنهوض بالطفولة : (2005 - 2015) «المغرب جدير بأطفاله» وضعت سنة 2015 كسقف لتمكين الأطفال من حقوقهم الأساسية على رأسها التربية والتعليم. - الميثاق الوطني للتربية والتكوين: الدعامة الرابعة (الفقرات 61-62-63) «61. يرمي التعليم الأولي والابتدائي إلى تحقيق الأهداف العامة الآتية: أ- ضمان أقصى حد من تكافؤ الفرص لجميع الأطفال المغاربة، منذ سن مبكرة، للنجاح في مسيرهم الدراسي وبعد ذلك في الحياة المهنية، بما في ذلك إدماج المرحلة المتقدمة من التعليم الأولي؛ ب- ضمان المحيط والتأطير التربويين القمينين بحفز الجميع، تيسيرا لما يلي:........إلخ. 62 . يتم تدريجيا الربط بين التعليم الأولي والتعليم الابتدائي على أن يشمل هذا الأخير سلكين كما تنص عليه المواد التالية. 63. يلتحق بالتعليم الأولي، الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين أربع سنوات كاملة وست سنوات. وتهدف هذه الدراسة خلال عامين إلى تيسير التفتح البدني والعقلي والوجداني للطفل وتحقيق استقلاليته وتنشئته الاجتماعية .» من خلال مضامين الدعامة الرابعة تتضح لنا مسؤولية الدولة في العمل على إقرار وتعميم التعليم الأولي من أربع إلى ست سنوات وإعادة هيكلته وإدماجه نهائيا في التعليم الابتدائي باعتباره حلقة أساسية للنهوض بالمدرسة المغربية وركيزة أساسية لتفعيل المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع الأطفال المغاربة ودوره الأساسي في تفتح مداركهم الفكرية والحسية والحركية. القانون رقم 05.00 الخاص بالنظام الأساسي للتعليم الأولي: في مادته الثانية يسند المسؤولية الأولى فيما يخص التعليم الأولي للحكومة »تقوم السلطة بإحداث مؤسسات للتعليم الأولي, كما يمكن أن يقوم بإحداثها طبقا لأحكام هذا القانون كل الأشخاص الذاتيين أو المعنويين من القطاع العمومي أو الخصوصي.......إلخ«. غياب رؤية وخطة استراتيجية في موضوع التعليم الأولي ينعكس سلبا على واقعه. ثانيا - واقع التعليم الأولي: - تعدد المتدخلين -غياب التعميم - هيمنة القطاع الخاص - هيمنة النمط التقليدي (80,4) - تفاوت بين المدن والقرى - تفاوت حتى داخل المدن - تفاوت بين الذكور والإناث في الوسط القروي - غياب منهاج موحد وفي هذا الإطار، نلاحظ تغييب الوثائق التي أمدتنا بها الوزارة لتجربة المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي، وهي مؤسسة تم إحداثها في إطار المبادرة الوطنية لتعميم التعليم الأولي, بناء على دراسة أشرف عليها المجلس الأعلى للتعليم مع وزارة التربية الوطنية ووزارة الداخلية, أسفرت عن وضع خارطة طريق لإقرار نظام تعليم أولي مغربي منظم تتوفر فيه المعايير الدولية للجودة. من هم شركاؤها؟ - وزارة التربية الوطنية - الجماعات المحلية - وكالات التنمية الاجتماعية - المبادرة الوطنية للتنمية البشرية قامت هذه المؤسسة بتنفيذ مجموعة من المشاريع النموذجية بشراكة مع وزارة التربية الوطنية سواء على مستوى البنيات أو التكوين. - فلماذا لم يتم تقييم هذه التجربة واستثمارها؟ ثالثا : الآفاق - الحاجة إلى خطة وطنية في مجال التعليم الأولي - اقتراح على اللجنة القيام بزيارات استطلاعية لبعض مؤسسات التعليم الأولي - تنظيم ورشة علمية في موضوع التعليم الأولي من طرف لجنة التعليم بشراكة مع وزارة التربية الوطنية والعمل على إشراك المجتمع المدني. - بفتح ورش إصلاح التعليم الأولي سنعمل على تأسيس القاعدة المركزية لمشروع إصلاح منظومة التربية والتكوين التي يجب اعتباره بالفعل أولوية الأولويات لكسب رهان الديمقراطية والتنمية المستدامة.