تتجه سهام النقد كلما أثير موضوع «احتلال» الملك العام، صوب الباعة المتجولين وأصحاب «الفرّاشة»، بعدد من الأحياء الشعبية، سواء بالحي المحمدي، درب السلطان، الحي الحسني أو غيرها من المناطق. ويصب المحتجون والساخطون من هذه الوضعية، غير الطبيعية بطبيعة الحال مع تباين في التقديرات، جامّ غضبهم على الجهات الوصية التي تغض الطرف عن هذا التطاول على الملك العام، الذي يتسبب في مشاكل جمة لاتعد ولاتحصى، لكن قلائل هم من يلتفتون إلى «سلب» لحقوق الراجلين في السير بكل اطمئنان على الأرصفة، يطال القلب النابض للدارالبيضاء، في أهم شوارعها وأحيائها الراقية، إن صح التعبير! «احتلال» الطوار على امتداد الشوارع والأزقة، تتعدد صوره اليومية، التي يجد معها المواطن/الراجل نفسه ملفوظا إلى الشارع مكرها لامخيّرا في مواجهة السيارات، الشاحنات، الدراجات النارية ومختلف أنواع الناقلات، ليكون بذلك ، شأنه شأن سائقيها، ضحية لتسلط مورس قسرا ، عن سبق إصرار وترصد، على طرقات الراجلين، قد يتسبب للراجل، أكان طفلا، يافعا، شابا، أو كهلا، ذكرا أو أنثى، في كامل قواه الصحية أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، في أذى بدني وعواقب قد تكون وخيمة، وتترتب عنها ، كذلك، معاقبة السائق بدعوى عدم الانتباه أو فقدان التحكم في الناقلة ذات المحرك بمختلف أنواعها، لكون هذا الراجل أو ذاك انتقل من الرصيف إلى الشارع على حين غرة، مما تسبب في حوادث الكل كان سيكون في منأى منها لو احترم القانون وتم تفعيله صونا للحقوق الجماعية. تهاون وفوضى من شارع ابا حماد المتواجد بتراب مقاطعة الصخور السوداء، مرورا بشارع محمد الخامس، وانعراجا على شارع رحال المسكيني، أو غيرها من الشوارع، مشاهد واحدة عنوانها الفوضى واللامبالاة، والتهاون المشترك ما بين المتسبب في هذه الفوضى وما بين الجهة المعنية بالتدخل لتقويم الاختلالات، التي بات عرفها أقوى من قوة القانون، وأضحت مواجهتها طقسا انتقائيا أحيانا كثيرة! على امتداد شارع ابا حماد لايمكن للمرء ألا يلحظ العرقلة الصارخة التي يتسبب فيها عدد من المواطنين، سواء تعلق الأمر بأرباب محلات تجارية، أو زبائن متبضعين، أو غيرهم، ممن تركوا الحيز الإسفلتي من الشارع لضيقه، وتوجهوا نحو ركن سياراتهم على الرصيف، مادام «الطرامواي» قد «استحوذ» على ملكية من الشارع العام تخصه لوحده، أضحى معها التوقف أمرا مستحيلا، فتم الاتجاه إلى استعمال الفوضى في التوقف، في كل مكان وكيفما كان؟ وضعية قاتمة زادتها بعض أوراش البناء التي تعرفها المنطقة قتامة وسوداوية، بفعل المخلفات التي تتراكم على الرصيف وتمتد أتربتها وحجارتها إلى أجزاء من الحيز المخصص لتنقل السيارات وغيرها من وسائل النقل، دون أن يكلف المعنيون بالأمر أنفسهم عناء تجميعها والحيلولة دون وقوع هذه الفوضى، التي يجد الراجل نفسه معها مجبرا على مزاحمة السيارات المتحركة، مادامت تلك المتوقفة/المركونة قد استولت على الرصيف المخصص له عنوة، ومادام المسؤولون عن مراقبة أوراش البناء غير معنيين بدورهم بما يقع من «تلويث» إسمنتي على طرقات المنطقة! دراجات، سيارات .. وأشياء أخرى مشاهد لاتفاق ضمني موحد، عنوانه «إعدام» الرصيف وإشراكه بالشارع، وما على الراجلين حيال هذا الواقع إلا الصبر وإتقان فن المراوغة بحثا عن حيز للعبور. فالسيارات في كل رصيف وبكل شارع تصطف على الطوار، تساهم إلى جانب الدراجات النارية، و «التريبورتورات»، وكراسي وطاولات المقاهي التي أضحى المرور من أمامها يستوجب الانحناء «ولاء» لواقياتها الشمسية، ومعها محلات بيع الخضر ... واللائحة طويلة من المستهدفين لممرات الراجلين، في لفظ المواطنين خارجا او ضرورة التعايش مع هذه الحواجز الإجبارية التي تمت شرعنتها ضدا على الجميع. صورة لاتخص الشوارع الكبرى وإنما تمتد إلى باقي الأزقة الداخلية، التي لاسير فيها إلا في الشارع كذلك، لكون أصحاب السيارات يعملون على ركن سياراتهم بعيدا عن «طراساج» شركة «كازا باركينغ» لتفادي أداء التذكرة، وتصفيد عجلات سياراتهم ب «الصابو»، ولأجل ذلك يتم الانتقال إلى الرصيف الذي يُطرد الراجلون منه مرة أخرى. تدخلات هنا.. وغض للطرف هناك في خضم تفاصيل هذه الزحمة، تقف عربة للجر «الديبناج » هنا أو هناك، بين الفينة والأخرى ل «انتشال» سيارة قد تكون مركونة في وضعية غير قانونية، أتعلق الأمر بمنعرج في اتجاه شارع أو زقاق، أو في صف يمنع فيه الوقوف، أو لسبب من الأسباب، لكن ما يكون عصيا على الفهم والاستيعاب، هو المخالفات المتعددة، والتي لن تكفيها كل سيارات الجر «المتحركة» ، ومع ذلك تظل هذه السيارات منتصبة في وجه الراجلين، متعنتة ترفض النزول إلى الشارع وفسح الطريق لأصحابه، يستقوي بعضها بنفوذ أصحابها، أو لثقتها في طريقة تصريفهم للأمور بعيدا عن الزج بها في المحاجز البلدية!