استغرب عبد الجليل طليمات، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التعامل الاعلامي الذي اختزل المؤتمر في مجرد صراعات تنظيمية حول مواقع المسؤولية مع إهمال تام للنقاش السياسي والهوياتي، الذي حدد بعمق موقع الحزب في الحياة السياسية المغربية من خلال توضيح خطه السياسي العام والمرحلتي، بالاضافة الى خطه الإيديولوجي والهوياتي. عضو المكتب السياسي للحزب الذي كان يتحدث في لقاء حزبي بسطات يوم الخميس 7 مارس 2013 ، قدم عرضا مركزا حول النتائج السياسية والتنظيمية للمؤتمر التاسع من خلال عدة دلائل أشار خلالها في البداية إلى أنه تم تشكيل لجنة تحضيرية تفرعت الى ست لجن، واستمرت في الاشتغال طيلة ستة أشهر ومن بينها اللجنة السياسية التي عرفت حضورا متجددا ومتزايدا من أجل مناقشة الخط السياسي في مؤتمرين، وحددت الارضية التوجيهية هوية الحزب ومرجعيته وتطرقت الى أسئلة أساسية من قبيل: ما معنى أن نكون اشتراكيين اليوم وما الذي يميزنا اليوم عن المرجعيات الاخرى.؟ عضو المكتب السياسي أكد ضرورة بذل المجهود لتجديد الفكرة الاشتراكية في ضوء متغيرات العصر، ولا سبيل الى ذلك دون فتح النقاش حول المسألة الدينية لأن اليسار تعامل سطحيا مع هذه الاشكالية المعقدة داخل مجتمعاتنا .هذا الامر يعرض علينا كمكتب سياسي وكاتحاديين إعطاء المسألة الثقافية أهمية بالغة، فالاشتراكية هي الافق والمستقبل لأن السوسيوليبرالية أثبتت فشلها. فبعد تحديد موقع الحزب في الحياة السياسية المغربية كحزب يساري حداثي ديمقراطي، أكد المؤتمر تشبثه بالخط السياسي العام وتوابثه الاساسية. فالحزب سليل وامتداد للحركة الوطنية وليس بالمعنى الشوفيني الضيق، وهو ما جعل المسألة الاجتماعية في صدارة اهتمام الحزب إذ لا ديمقراطية بدون عدالة اجتماعية. بعد الحديث عن الخط السياسي العام، انتقل الاستاذ طليمات الى مناقشة الخط السياسي المرحلي للحزب، مذكرا في البداية بالتقييم الموضوعي لتجربة التناوب الذي قام به الحزب، كما أشار الى «أننا قمنا بإصلاحات سياسية ودستورية يمكن القول إن معظم مطالب الكتلة الديمقراطية تم تحقيقها. النضال مازال مستمرا بين مواقع مختلفة. ومعركتنا الآن هي معركة ما بعد الدستور 2011 معركة تفعيلية واستكمال لاصلاح الدستوري وخاصة بالنسبة للقوانين التنظيمية، محددا في هذا السياق أربعة رهانات للمعارضة الاتحادية، لخصها في فرض تفعيل وتطبيق تشاركي للدستور وحماية المكتسبات الثقافية والسياسياسة الاجتماعية ،رهان اعطاء ترجمة فعلية لمحاربة الفساد في السياسات العمومية من خلال دفع الحكومة الى تبني استراتيجية واضحة ودقيقة لمحاربة الفساد، بعيدا عن التعامل الظرفي والاستعراضي، ويجب الحفاظ في هذا السياق على حيوية الشارع من أجل الضغط واستنهاض القوى الاجتماعية لمواجهة تخبط الحكومة والالتفاف على الدستور وقوانينه التنظيمية.إضافة إلى رهان تحديد حلفاء الحزب في معركة المعارضة وهم العائلة الاتحادية وقوى اليسار، فكل الادعاءات الاعلامية حول التحالفات المفترضة للحزب هي فهم سطحي لخطه السياسي العام والمرحلي، موضحا في هذا الصدد الفرق بين التنسيق الذي يكون مؤقتا وإلزاميا وغير موثق، وبين التحالف المبني على ماهو مشترك في اليسار. المشترك التاريخي والمشترك القيمي حول قيم الاشتراكية والديمقراطية، بالاضافة الى المشترك الاستراتيجي حول الملكية البرلمانية، ولذلك فلا مستقبل لليسار إلا في إطار التوحد. وفي الأخير أشار طليمات الى أن الاعلام ركز على الاشخاص دون الانتباه الى مناقشة وثائق المؤتمر والبيان السياسي العام ووثائق المرشحين الاربعة، بالاضافة الى ارضيته التوجيهية المحددة لهوية الحزب وموقعه السياسي، ليتوقف بعد ذلك عند نتائج المؤتمر في جوانبه التنظيمية، وذكر من بينها أنه لأول مرة ينتخب الكاتب الاول في دورتين بعد منافسة ديمقراطية تمت خلالها مواجهة الرأي العام في الاعلام، بالاضافة الى أن التصويت داخل المؤتمر كان تحت كاميرات الاعلام، وهناك أيضا تجديد المكتب السياسي الذي وصل الى حدود % 85 وسعيا نحو المناصفة بنسبة مهمة، كل هذه التحولات النوعية لا تمنع من وجود كل هذا الاختلافات فهي لن تؤثر على وحدة الحزب بسبب حضور تقاليد التفكير العقلاني والمسؤول في اللحظات السياسية لدى الاتحاديين.