انفجر كالقنبلة في وجه الأسر المراكشية، وتعدى مداه حدود المدينة الحمراء وحصدت عدوانيته لائحة عريضة من الضحايا جلهن من التلميذات القاصرات، وأزم روابط الصداقة وشحنها بالشك القاتل ، وحول التعامل مع مكتسبات التقنية إلى مجال انتقامي مخرب .. لكل ذلك عنوان واحد استبد بقلق قطاع واسع من المراكشيين هو " سكوب مراكش " .. الصفحة الفضائحية التي استباحت حميمية فتيات وعممتها على الشبكة العنكبوتية ملفقة اتهامات مشبوهة في حق صاحباتها. قال مسؤول أمني ل"الاتحاد الاشتراكي" حول اسباب ملاحقة صاحب موقع «سكوب مراكش»: "بلغ إلى علم عدد من المواطنين أن صور بناتهم تنشر في موقع للأنترنيت مصحوبة بتعاليق مشينة تتضمن عبارات نابية تمس بسمعتهن وشرفهن، مما خلق في نفوسهم تذمرا واستياء عميقين، وأحدث حالة خوف جماعية على المستوى المحلي. لاسيما وأن الصور التي نشرت لأغلبهن كانت عادية جدا، لكن التعليقات والصفات المرافقة لها كانت مخيفة وتنطوي على انتهاك أخلاقي جسيم . حيث أنها تكتب بأحرف لاتينية لكنها كلمات من الدارجة المغربية تنعت بعضهن بممارسة الدعارة، وتشير إلى أماكن مزعومة لسهر بعضهن الآخر وتشهر بأخريات .. الخطير في الأمر أنه رغم أن الصور التي تنشر سواء في الصفحة التي تحمل اسم سكوب مراكش على الفيسبوك أو بالموقع الالكتروني ، عادية جدا، إلا أن ظهورها في هذا الموقع أو على الصفحة أضحى يشير إلى تهمة بورنوغرافية ، لأن الموقع اشتهر بكونه إباحيا .. فهيمن التخوف لدى الأسر بأن تلتقط صور لبناتهم في وضع عادي بمقهى أو إلى جانب حوض سباحة ، ثم تنشر مع الاسم الكامل و الاتهام بأبشع الصفات وأشنع الممارسات .." ظهور صفحة سكوب مراكش منذ أسابيع شكل صدمة كبيرة لبعض الأسر التي لم تحتمل ما تعرضت له بناتهن ، وجعل بعض الفتيات في وضع لا يحسدن عليه ، واصبح الموقع شبحا يتعقب كل فتاة ذهبت يوما إلى مسبح أو مقهى أو حضرت حفل عيد ميلاد، أو حتى كانت لوحدها، أو تشاركت لحظة استرخاء مع صديق .. " سكوب مراكش " صار رُهابا جماعيا لدى النساء في المدينة الحمراء وخارجها .. عملية الرصد لم يقتصر شحن الموقع بصور الفتيات والتعليق عليها بأفدح العبارات وأسوأ الاتهامات الجنسية، على صاحبه ومديره ، بل عمد هذا الأخير إلى ترك فرصة نشر الصور والنص المرفق بها لكل زوار الموقع ، مع ذكر العنوان الالكتروني والاسم المستعار . فتدفقت الصور على الموقع الذي تحول إلى فضاء انتقامي لممارسة أبشع صور الترهيب والتشهير والإساءة في حق فتيات وأسرهن . وأضحى تهديدا متواصلا ، كل يوم يوقع العشرات من الضحايا بل تحول إلى تحد في وجه المصالح الأمنية، وخاصة بعد تواصل نشر الصور وبث مقاطع الفيديو حتى بعد اعتقال المسؤول عن الموقع . هكذا تم اعتقال صاحب الموقع ارتفاع مستوى الخطر الرقمي وحدة ضرره الاجتماعي واستعمال الأداة الرقمية بإمكانياتها الهائلة في الجريمة ، جعل المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش تبادر إلى خلق وحدة لتحليل وتعقب الآثار الرقمية . هذا الإحداث ظهر كضرورة ملحة لتأمين المجتمع ، والتصدي للجريمة الالكترونية في لحظة وفرت فيها التقنية وسائل فعالة لاختراق الحدود و غزو الأذهان والتأثير عن بعد في النفوس و التلاعب بميولات الناس . فأثبت ملف " سكوب مراكش " وجاهة هذا الاختيار حيث كان تعقب آثار محدث هذا الموقع أهم قضية تعالجها هذه الوحدة . يقول مسؤول أمني بمصلحة الشرطة القضائية بمراكش : " تحديد هوية صاحب الموقع استلزم منا الاعتماد على تقنيات عالية في الميدان العلمي والتقني، وقد عززناها بخلية تحليل وتعقب الآثار الرقمية التي قامت بدور مهم في حشد كل القرائن والأدلة لتحديد هوية المسؤول عن الموقع .. وبعد مجهودات دامت أسابيع تم خلالها رصد الشخص الذي ابتكر هذا الموقع وتم إيقافه.. الدليل العلمي الذي مكن المحققين من الحصول على الحجة القاطعة هو حجز حاسوبه وإخضاعه إلى عملية تحليل دقيقة أثبتت بشكل حاسم أن هذا الشخص استعمل حاسوبه وابتكر موقع:www.scoop.marrakech " وهو الذي يدير صفحة "سكوب مراكش" ويطعمها بالصور . الاحالة على النيابة العامة أُحيل ( ز. أ ) على النيابة العامة يوم 23 يناير 2013 بموجب مسطرة خاصة موضوعها عرض صور خليعة على شبكة الأنترنيت . تقديمه للسلطات القضائية المختصة لم يوقف البحث و التحري في هذا الملف الذي يمثل أسوأ نموذج لاستغلال الفضاء المعلوماتي المفترض أن يستثمر أكثر في تبادل المعارف والاستفادة من إمكانياته السريعة في الوصول إلى المعلومة، وليس في الإساءة للناس والتطاول على سمعتهم وأعراضهم ،تقديمه لم يوقف البحث و التحري وتعقب كل من له ارتباط بهذه القضية ، وكل من عمل على نشر صور هؤلاء الضحايا والتشهير بهن بواسطة تعليقات أقل ما يقال عنها أنها في غاية الإسفاف و العدوانية . بالنسبة للمحققين الملف مازال مفتوحا ، ومن المحتمل أن يتعزز بالكشف عن متورطين آخرين . المعني بالأمر( ز.أ ) من موالبد 1987 ،عاطل عن العمل . المعلومات المتوفرة من محيطه تشير إلى أنه من طينة أولئك الشباب الذي يقضي وقته بكامله في تصفح صفحات الأنترنيت ، والترحال بين المواقع الإلكترونية ، بعض الشهادات تذهب إلى أكثر من ذلك وتصفه بكونه مدمنا على الشبكة العنكبوتية . لم يلمس المحققون لديه مؤشرات تدل على اختلال نفسي، أو على علاقة غير سوية بالجنس الآخر . كل ما هناك أنه ضحية نزوة، ونزوته الكبرى شغب الأنترنيت . بدأت مغامرته صغيرة وانتهت بعاقبة وخيمة . نشر الصور الأولى وأربك أصحابها ، فتلقى ذلك كإنجاز شخصي كبير ، صدق الوهم فتمادى ، دون أن يحس بحجم الدمار الذي كان يتراكم حوله، والمآسي التي تنسج بيديه مخربة استقرار أسر بكاملها .. بعض الشباب والمراهقين يقولون أن ( ز.أ) لم يكن وجها خفيا إلى هذا الحد ، بل إن بعض المرتبطين بمحيطه يعرفون جيدا أنه مدبر "فضيحة سكوب مراكش" ، وكانوا يلجأون إليه توددا لحذف صورة لفتاة من معارفهم ، وقعت ضحية شَركِه الالكتروني ، بل إن هاتفه حسب بعضهم كان متداولا بينهم . أمر عادي صاحب الموقع اثناء استجوابه يقول مسؤول أمني اعتبر فعله هذا مسألة عادية ظنا منه أن الشرطة لن تتمكن من رصده . لم يكن يدري بما يجري حوله . كان يعتقد أنه يمارس شهوته في الفضح . جعل شعار صفحته على الفيسبوك " من أجل رفع الأقنعة عن العاهرات اللائي يقدمن أنفسهم كبنات الناس .." كثيرون استهواهم هذا الشعار إما بدافع خيبة في الحب ، أو الرغبة في الانتقام ، أو نكاية بأسرة، أو غيرة من نجاح .. فلم يكتفوا بتطعيم صفحة سكوب بالصور والفيديوهات مع تقديم بيانات عن الضحايا( الاسم الشخصي والعائلي، عنوان السكن ، اسم المؤسسة التي تتابع فيها دراستها ..) واتهامهن بأبشع التهم ، بل ضاعفوا الصفحات الفضائحية بالفيسبوك . وغدا المتصفحون يجدون أمامهم عدة صفحات تحمل نفس الاسم بفارق طفيف في الكتابة ، لكنها تحمل ذات المضمون المشين مع دعوات متكررة للالتفاف حولها فضحا للمستور ، وتشدد على دعم هذه الصفحات بالإكثار من عدد المعجبين بها الذي ناهز ثلاثة آلاف معجب . ومن هذه الدعوات تلك التي بثت على إحدى هذه الصفحات يوم السبت الماضي والتي تقول بالحرف : " "كل واحد يفعل برطاجي لهاته الصفحة ..وأنا يهمني انتشار هاته الصفحة لكي أضع ماعندي أكثر وأكثر...فإدا بقيت الصفحة قليلة الإعجاب فيستدخلون الأدمينات الآخرين الذين لم يقدروا حتى إنجاز صفحة خاصة .أنا أحتاج لفضح المستور فقط ..وأفعل مجهودا لكي يكون محتوى الصفحة يتناسب مع الزائر ...لهذا المرجو استدعاء الزوار أو الضغط على البرطاجي لكي يشاهد الآخرون فربما تكون واحدة من بين البنات الساقطات في فخ ....وشعارنا :فضح المستور ما وراء السور .. " مثل هذه الدعوة الغريبة أضفت لدى البعض على هذا السلوك المشبوه طابعا أخلاقيا، وأضحى يعلن في تعليقاته المرافقة للصور أنه بفضح هؤلاء الفتيات يقوم بواجبه تجاه المجتمع قصد إصلاحه . خراب عندما شرعت صفحة "سكوب مراكش" في نشر صور بعض الضحايا، لم يكترث الرأي العام كثيرا لخطورة الموقف ، إلى أن بدأت رائحتها تفوح وتنتشر بسرعة مخيفة ، لاسيما وأن جيلا بكامله من المراهقين يقضي جل أوقاته أمام شاشة الكمبيوتر، ويتبادل خبر الصفحة ، فبدأت الأسر تصدم بما ينشر عن بناتها ، والاتهامات التي تلصق بهن . فوصلت حدة الصدمة بإحدى الأمهات إلى إقدامها على الانتحار بعدما لم تتحمل ما كتب عن ابنتها ، فتناولت سما قاتلا ، ولولا نقلها السريع إلى المستشفى لكانت لهذه المأساة نهاية أخرى . بعض الضحايا اللائي لا يعرفن بالضبط كيف تسللت صورهن إلى يد هؤلاء العابثين، وصلت بهم الأزمة النفسية إلى رفضهن مغادرة غرفهن ، والامتناع عن الالتقاء بأشخاص آخرين وتفادي نظراتهم التي أصبحت تستقبل من قبلهن كاتهام. ورغم المقاومة النفسية التي أبداها بعض الفتيات اللائي وقعن ضحية للتشهير في هذه الصفحة، إلا أن حصيلة الموقف الذي واجههن ، كانت أزمة متحركة مع الذات ومع المحيط القريب ومع الآخرين ، ورافقت كل ذلك حالة من الشك الدائم في كل شيء وفي كل الناس .. غرام .. وانتقام ربما كانت البداية لعبة ، لكنها تعقدت فتقاطعت فيها دوافع متناقضة حفزتها على الاستمرار في نسج حلقات هذا المسلسل التراجيدي الذي ضرب في الصميم ثقة أسر بكاملها في أفرادها وهز توازنها ، وعمق جراح مجتمع يعاني كثيرا مع التوظيف السيء لمكتسبات التقنية . بعض المحللين يقولون إن مثل هذا النزوع الفضائحي الذي يستعمل حميمية الناس للنيل منهم ومن سمعتهم وصورتهم الاجتماعية ، لا يمكن أن يكون إلا نزوعا مرضيا . لأن هذا الاستعمال الإجرامي للتكنولوجيا الرقمية التي سهلت كل شيء ، من التقاط الصور في غفلة من أصحابها، إلى التجسس عليهم ، إلى تعميم كل ذلك ونشره على أوسع نطاق ، يعكس في حالة "سكوب مراكش" عقدة ما من الجنس أولا ، وذلك بتحويله إلى نقمة على أصحابه ، واستعماله كوسيلة لتحطيمهم . وثانيا تقديرا مرضيا لقيمة الجسد لأن هذه الصور تُشهِّر بأصحابها بناء على فكرة ملتبسة عن استعمالهم لأجسادهم ، مع الرغبة في خلق حكم اجتماعي عليهم بناء على هذا الاستعمال . إن مثل هؤلاء إذا لم تكن لهم غايات استراتيجية محددة لفعلهم الفضائحي هذا ، فهم أناس يعيشون خيبة في علاقتهم بأجسادهم وبالجنس الآخر الذي يظهر في فضائهم النفسي كعطب ينبغي الانتقام منه. حرب الجنس والأنترنيت لم تكن الشرطة القضائية بمراكش هي الوحيدة المعنية بملف " سكوب مراكش " ، بل استفز مضمون هذه الصفحة والموقع الالكتروني الذي يحمل اسمها والإساءة التي يتضمنها جماعات الهاكرز التي تحركت لردع هذه الصفحة والتصدي رقميا لها . في يوم الثلاثاء 29 يناير 2013 كشف الهاكرز وصلا لتحويل مبلغ مالي من فتاة من مدينة تيفلت إلى المسؤول عن الصفحة كمقابل لحذف صورتها منها . شكلت هذه الوثيقة لدى هذه الجماعة دليلا ماديا واضحا على الابتزاز الذي يمارسه المسؤول عن الصفحة في حق ضحاياه من النساء . وأظهرت الملامح الأولية لبعد آخر في الملف لم تتضح بعد معالمه . لم يكن الهاكرز هم وحدهم الذين وجدوا أنفسهم في جبهة التصدي لأصحاب " سكوب مراكش " بل ظهرت تحركات نسائية التي اعتبرت أن كل ما أقدم عليه صاحب السكوب هو استهداف للمرأة ومحاولة لإهانتها واتهامها بجسدها . فكان الرد أفظع بعدما ظهرت على اليوتوب فيديوهات لشبان مغاربة في أوضاع مماثلة. كان ذلك مؤشرا على اندلاع حرب من طينة أخرى ، حرب سلاحها الجنس والأنترنيت . العنف الإلكتروني .. جبهة غير مسبوقة أمام الأسر في الشارع المراكشي خيم الحديث عن " سكوب .." كجريمة مرتكبة في حق كل أسر المدينة . فهو في نظر هبة التي تدرس في قسم الباكالوريا بثانوية الحسن الثاني ، مزحة خبيثة تحولت إلى طعنة في حق كل الآباء والأمهات الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة جريمة بلا وجه ، فعل مسترسل في الزمن يستهدف بناتهن أن دون يعثروا على المرتكب . هبة جد متذمرة لأنها كانت تعتقد أن التطور الذي حصل في المغرب واتساع دائرة المتعلمين وتيسير سبل الولوج إلى التكنولوجيا ، سيشكل رافعة لدعم تطور الوعي الذي يقطع نهائيا مع هذه النظرة المعقدة للجنس وللآخرين . لكنها تجد أن سكوب مراكش يعيد عقارب الساعة إلى نقطة البداية ، ويثبت أن لا شيء تغير على مستوى وعي الأفراد الذين مازالوا يحملون ثقافة ناقمة على المرأة وعلى جسدها . أما رحمة وهي شابة في العشرين من عمرها فتقول إنها عندما شاهدت الصفحة بكت كثيرا ، رغم أن صورتها لا توجد في ألبوم الصفحة .وذلك لأنها أحست بعمق الجرح الذي ينهش في دواخل هؤلاء الفتيات اللائي وقعن ضحية هذا السلوك العدواني . السيء في الأمر أن مثل هؤلاء الشباب الذين يطعمون الصفحة بصور صديقاتهم أو زميلاتهم في قاعة الدرس ، وينعتونهن بأقبح الصفات ، مستهدفين سمعتهن وسمعة أسرهن ، يعتقدون في قرارة أنفسهم أنهم أبطال ، وفي حقيقة أمرهم هم مجرد نفوس مريضة ينبغي أن تبحث عن علاج لدائها . وبالنسبة لأحمد وهو أستاذ للعربية في إحدى الثانويات فسكوب حلقة أخرى في مسلسل انطلق في العقد السابق، والذي بذل مجهودا كبيرا في خلق صورة نمطية عن مراكش بكونها مدينة الجنس ، النساء فيها عاهرات أو قوادات يبعن كل شيء .. وهي الصورة التي ساهمت في بنائها التغطيات الإعلامية التي اجتهدت في تضخيم أحداث متفرقة ومعزولة وتحويلها إلى مبدأ عام . وهذا الأمر هو المؤسف في حق مدينة لها عمقها التاريخي ورمزيتها في المغرب . أما الجانب الثاني وهو الأهم حسب الأستاذ أحمد الذي يتحدث كمربي فهذا الملف يضع الأسر في مواجهة حقيقية مع التهديد الرقمي وتحول الوسائل التي كانت مجرد أدوات للترفيه في يد المراهقين والشباب كالهواتف المحمولة أو الحواسيب و غيرها ، الى سلاح مخرب يستعمل لقتل مستقبل الأفراد والعائلات معا وهو ما يطرح ضرورة الاجتهاد في اتخاذ ما يلزم سواء على المستوى القانوني أو الإجرائي لحماية المجتمع من العنف الإلكتروني الذي تتحرك جرائمه متخفية خلف رهانات التواصل الاجتماعي أو التوسيع من التداول الحر للمعلومات حتى ولو كانت مخربة .. إنها جبهة غير مسبوقة فتحت أمام الأسر .. أشكال سهلة غير مكلفة لإشباع رغبة التعنيف هذا الحدث الصاعقة الذي قلنا بأنه انفجر كالقنبلة في وجه الأسر المراكشية، وتسبب في أضرار مادية ومعنوية لها كانت فيه مواقف لفعاليات المجتمع المدني. ولرصد هذا التأثير وموقف بعضها التقينا الأستاذ الحسين الراجي وهو محام بهيئة مراكش وفي ذات الوقت الكاتب العام لجمعية النخيل للمرأة والطفل حيث قال: "نعتبر أن المرأة في المجتمع معرضة لشتى أنواع العنف والتعنيف منها الأشكال المعروفة لدى الجميع كالعنف المادي والجسدي والعنف القانوني الذي تتضمنه قواعد قانونية نطالب منذ مدة بإعادة النظر فيها . يضاف إليها حاليا عنف من نوع جديد مرتبط تحديدا بالثورة التواصلية التي أحدثتها مواقع التواصل الاجتماعي، هذه المواقع التي أصبحت مجالا غير مراقب تشريعيا وغير منظم مما جعلها مجالا خصبا للتحرش بشتى أنواعه، مجالا للعنف المبني على النوع الاجتماعي أُضِيفَ إلى الأشكال التقليدية للعنف الذي تتعرض له النساء، نسميه قانونيا بعنف "التكنولوجيا" وهو عنف ساهمت فيه هذه الوسائل الحديثة بكل أشكالها لا تفرق في هذا الشأن بين المواقع الاجتماعية وبين المواقع العنكبوتية.. وأصبحت بذلك الوسائل التكنولوجية الحديثة تقدم أشكالا سهلة المنال وغير مكلفة لأي جهد لا مادي ولا تقني في إشباع رغبة التعنيف لدى البعض.. نحن لسنا ضد التكنولوجيات الحديثة ولا ضد تطويرها، لكن بشرط أن يكون ذلك في خدمة الأسرة وتطوير أدائها وتحسين جودة حياتها.. لا أن تتحول هذه التكنولوجيات إلى مصدر لنسف الاستقرار الأسري.. ونحن نعتبر أن الأسرة هي النواة الأساسية للمجتمع، ولا يمكن بناء أي مجتمع قوي ومتين بأُسر متلاشية العلاقات ومشتتة الأفراد، ونحن نعيش في مجتمع تحكمه هذه الضوابط المحافظة.. وبالتالي فإننا نعتبر أن النقاش المفتوح حاليا بشأن تعميم الصور بمواقع التواصل الاجتماعي تسيء لأصحابها، لا يقل خطورة عن الجرائم الإلكترونية المرتبطة بنهب أموال الأبناك بتقنيات جديدة.. أو التي تثير الرُّعْبَ بفعل المجموعات الإرهابية التي تعتمد وسائل التواصل الحديثة لنشر الفكر الظلامي والتكفيري الذي نعتبر أنه دخيل في جميع الحالات على المجتمع المغربي.. وحول حالة صاحب موقع سكوب مراكش المعتقل حاليا، قال الاستاذ الراجي: "الملاحظ أن هذا الشخص من خلال موقعه الإلكتروني هذا أشبه بمن يقوم بإعداد بيت للدعارة وليس هو من يمارس فيها الدعارة.. أي أنه هو من هيأ الظروف الملائمة، وهو من يتحكم في نشر أي شيء في موقعه، وبالتالي فإطلاقه للموقع يحمله مسؤولية ما ينشر فيه ويمكن أن يمنع نشر أي شيء مخل كان صورة أو تعليقا باعتباره صاحب الموقع.. الاشكالية أكبر في مواجهة هذه الجرائم الإلكترونية، خاصة أنها تسخر التكنولوجيا الحديثة لأهداف غير شرعية علما بأن القانون المغربي لا يواكب التطور الحاصل في المنظومة التشريعية الدولية.. ممارسة الإرهاب بالأساليب التي لم يسبق للقانون الجنائي الدولي أو الوطني أن نظمها لأنها جرائم حديثة مرتبطة بالتطور التكنولوجي.. عندما وقعت تفجيرات 11شتنبر بأمريكا أو تفجيرات 16ماي بالبيضاء المنفذ الذي هو عمرو أو زيد ، تفجّر ، و من ثمة فهو أداة مثله مثل السلاح ، لكن الفاعل الأصلي يوجد في ألمانيا أو إيران أو أفغانستان لكنه يحرك هذه الادوات عبر وسائل الاتصال الحديثة، وهو ما تطلب منظومة تشريعية جديدة لمراقبة أشكال الاتصال وتجريم ما ينبغي تجريمه في إطار هذه التقنيات وأساليب الاتصال.. القانون الجنائي المغربي بعد تفجيرات أمريكا والدار البيضاء اضطر إلى تنظيم هذه الأفعال في صلب القانون الجنائي من خلال قانون الارهاب الذي يؤكد أنه يجب على الدولة أن تعتبر خطر الإرهاب الذي استبقته بتجريم كل الافعال المؤدية إليه في صلب القانون الجنائي، لا يقل خطورة عن إرهاب آخر هو الإرهاب التكنولوجي المبني على النوع الاجتماعي. وبالتالي فإننا نعتبر أنه أصبح لزاما على الدولة أن تضع حدا للتلاعب بالاستقرار الأسري وبالتالي الاجتماعي، وذلك بتجريم كل الوسائل المؤدية إليه، مما يفترض تنظيم كل مواقع التواصل الاجتماعي بنصوص قانونية وتجريم أي استغلال لها يخدم تقويض أسس الأسرة المغربية، وهذا لا يمس بأي حال من الأحوال حرية التعبير والرأي لأنهما حريتان تنتهيان عند حرية الآخر. الوسائل التقنية الحديثة في التواصل الاجتماعي يقول الأستاذ الراجي يجب أن تكون مؤطرة ثقافيا وقانونيا، ويجب على كل مستعمل لهذه الوسائل أن يكون متشبعا بثقافة حقوقية نعتقد أنها الأضمن لحسن تدبير هذه التقنية في انتظار صدور هذه القوانين.. يجب كذلك إعادة النظر في البرامج التربوية في مدارسنا التي تنقل التكنولوجيا الحديثة دون أن تنقل ثقافة التعامل معها.."