سجلت سمية الدغوغي نقطة مضيئة، وهي تكيل صفعات موجعة وخاطفة لأشباه شيخات مسربلات في عطانة الابتذال وقاموس الكلام الهابط، ومن خلالهم لزمرة الشيوخ المؤنثين المدموغين بالهز قفزا على إيقاعات قلة العفة المشغولة بإفساد الذوق، على خلفية استعراضها البارق لنجم الفنانة - الشيخة بامتياز، حيث ولا عتاب، الرائعة، فاطنة بنت الحسين: وإذا كانت هذه الأخيرة قد قومت قدرها ومشت سبيل اختياراتها الفنية ضدا على التشدد، وهي تخترق اعتراض الأسرة عن طريق مجاهيل مغامرة ملؤها اللوعة والإفصاح عن الذات الواقعة في ثنيات تجويفات موروث العيطة والفن الشعبي، ممتطية أجنحة ريح التباسات غيب واضح، بين ومحسوم في ذاكرة جنينية الصوت ورهافة ذبيب مشاعر الطفولة الغامرة وفيوض الأحاسيس الطالعة من براري سيدي بنور لغاية جدار الدنيا الأخير، فإن سمية الدغوغي، على النقيض من ذلك - مع بالغ الود والتقدير - ظلت حبيسة توثيقها، وهي تواكب مجرى اللمعات الملتهبة لمسار فاطنة بنت الحسين، وكان الأحرى أن تخترق مجال الصورة الثابتة التي حبست نفسها داخلها، حتى تضفي روح معنى الحركية على إنجازها المدموغ بالإضافة، هذا أكيد، غير أن عضوية الدغوغي على مستوى مجمل بنية العمل، ظلت إلى حد ما باهتة، الأمر الذي وسمها من بعيد بما يشبه الجليد، دونما أدنى قصد، ولكنها ضريبة مجمل القراءات التي لا تحتمل البراءة. أمر ثان شوش على هذا المنجز التوثيقي اللافت، هو قسمة التوزيع غير المحسوبة، حتى لا أقول غير عادلة، كلما تعلق الأمر بسحب الكلام المفكر فيه، وامتصاص هامشه من ذوي الاختصاص، في البال، الشاعر والباحث في فن العيطة، الأستاذ حسن نجمي والباحث الأستاذ حسن بحراوي، بالإضافة إلى الفنان المخرج علي الصافي.. فعلى هامش حضورهم العابر على مستوى الصورة، ظل تفعيلهم المرتجى على المستوى المعرفي لاختيارات صاحبة الشأن فاطنة بنت الحسين، لاغيا في غمار لغو عابر يعتمد معلومات مسترسلة، على غرار تداول مدارات حنين على حافة قبر. وغير ذلك ولا تعليق، فقط باقة ورد هارب لسمية الدغوغي وهي تدغمنا على هامش الزحف الصاعق لمختلف تنوعات الرذالة الممهورة بعدم الناس / فنانين يا حسرة، داخل أبجدية درس جميل، يستحق غير قليل من تعدد القراءات والكثير، الكثير من الانتباه.