بعيدا عن مشاهد الوجع، والتجاذبات والتقاطبات وضجيج السياسة في بعدها المحلي والإقليمي والدولي، انتشت فضاءات دار الصويرة، حيث يعبقك التاريخ وأنت تتلمس أحجار حيطانها، على إيقاعات الأندلسي الغرناطي، المطروز، الشعبي، الفلامنكو، والأغنية العصرية والملتزمة كذلك. من 27 إلى 29 دجنبر 2012 تفاعل عشاق التراث الأندلسي المشترك بين شمال المتوسط وجنوبه، بين مسلمي المغرب ويهوده، مع حراس هذا التراث الجميل، وخصوصا حارساته اللواتي خصص لهن المهرجان حيزا خاصا إقرارا بمساهمة المرأة المغربية والجزائرية والتونسية في حفظ هذا الإرث الموسيقي والثقافي الجميل الذي يعكس مسارا متفردا من التساكن والتعايش. في البدء كان التكريم والعرفان لرجل لف مدينة الصويرة بعشقه وإبداعاته، وانتصر لحقوق الشعوب وقيم الديمقراطية وحقوق الانسان والحداثة. حيث احتضن برج باب مراكش معرضا تحت عنوان «عودة ابو الحاكي» احتفاء بذكرى وذاكرة وإنسانية وقيم الراحل ادمون عمران المليح. بعد ذلك افرد المنظمون مساحة موسيقية باذخة تكريما للراحل عبد الصادق شقارة من خلال مشاركة جوق إخلاص من تطوان برئاسة الفنانة وفاء العسري الرايس، فريبيرطوار عبد الكريم الرايس الذي تنزه في حدائقه الغناء الفنان عبد الفتاح بنيس. اليوم الثاني، كان بلمسة التعدد والتعايش، حيث تناغمت الأصوات الجزائرية والمغربية من جهة، والمسلمة واليهودية من جهة أخرى. فأبدعت الجزائرية بهيجة رحال رفقة الفرقة الموسيقية لأمين دبي إلى جانب المتألقتين فرانسواز أطلان ذات الأصول المغاربية اليهودية المتخصصة في العلوم الموسيقية و الفنانة المغربية بهاء الروندا . كما كان للحضور لقاء مع «دويو» الاشبيلي و«الطرب» التطواني رفقة جوق شقارة برئاسة جلال شقارة و شباب فلامنكو . الطرب الفلسطيني ومن خلاله رمزية القضية كان حاضرا مع أكاديمية القدس للموسيقى ببيت حنينا بشرق محافظة القدس، بقيادة ماهر خليل ديبا، حيث حضرت الموسيقى الدافئة والصوت الشجي وحضر الراسخ ابدا محمود درويش. كما عرجت المجموعة الفلسطينية على ريبيرتوار الأغنية العصرية المغربية من خلال أغان لعبد الوهاب الدكالي. الدورة كانت مناسبة لتكريم سامي المغربي، الشيخ مويزو، و زهرة الفاسية، والاحتفاء بالأصوات النسائية من خلال جوق نساء فاس برئاسة الفنانة إكرام الإدريسي الذي استعاد ريبيرتوار سليم الهلالي بشكل رائع. كما كانت المواهب والمجموعات المحلية حاضرة من خلال مجموعة زايدة كينيا، جمعية الأنوار المحمدية التي احتفت بالمنشد عبد المجيد الصويري، جمعية الملحون بالصويرة، و قنطرة الفنون بموكادور، ومدرسة نساء الزاوية الدرقاوية بالصويرة . كما عرفت الدورة الحالية تنظيم ندوتين حول «سبل الارتقاء بدور الثقافة في التقريب بين الشعوب وتحقيق التنمية».