يكتب ُ مارسيلْ بروستْ في الجزْء المعنْون ب» الزّمن المُستعاد»، من روايته الضخمة «بحْثا عن الزمن المفقود»: « الحياةُ الحقيقية، الحياة التي يكتشفها المرء في النهاية وتتّضحُ له، وبالتالي الحياة الوحيدة التي تُعاش هي الأدب» بعد مُرور تسعين سنة على وفاته، في سنّ الحادية والخمسين، في 18 نونبر 1922، ما فتئتْ جملة بروستْ تتردّد مثل قدّاس دينيّ ولازمة يدركها قرّاء الأدب، ولا زال المهتمّون بالأدب في فرنسا أوفياء لخطاب بروستْ عن حقيقة الأدب. ذلك أنّ احتفاءَ فرنسا بذكرى مرور تسعة عقود على رحيله في نهاية سنة 1922، هذا الشهر كان مناسبة للعودة إلى الروائي الكبير مارسيل بروست وإلى أعماله وسيرته الحزينة والسعيدة، المكتوبة والمصوّرة. لقدْ كان الأدبُ بالنسبة إلى بروست، إذن، هو الحياة الفعلية، من دون زيادة أو نقصان. كانت الذّريعة والمرسى والأمل. كان «السفينة والحمامة»، بحسب التعبير الاستعاري للكاتبة ميرايْ ناتوريلْ Mireille Naturel، الأستاذة الجامعية والكاتبة العامّة لجمعية أصدقاء مارسيلْ بروستْ. الكتاب صدر عن دار «ميشال لافّون»، وهو موشّى بألبوم صور يؤرّخ لمختلف مراحل حياته. في سن الحادية والخمسين رحل كاتب جعل من التفاصيل العادية أفعالا إيمانية مختلفة لم ترتبط بالأدب فحسب، وإنما بدواخل الانسان بمشاعره الأكثر تأججا: تلك المسننة واللبقة والمترفعة، وتلك المغرقة في الحزن والانفعال والتخلي. الكتاب جولة جميلة في حياة ومغامرة بروست الأدبية، كما يعرّج على مساره العائلي والشخصي والمحيطين به والأماكن والمشاهد الطبيعية. في أحد الكليشيهات، بروست في السادسة عشرة يحاول الابتسام، وفي آخر يتأهب في وضعية مستقيمة كأنه جندي. أما في الكتاب الجماعي «مارسيل بروست. حياة في رفقة الموسيقى» (دار «ارشامبو/ ريفنوف») فنحن إزاء عشرين نصا لروائيين وموسيقيين وممثلين واساتذة يتوقف كل منهم عند علاقات الكاتب المركّبة وأذواقه ولقاءاته وصلته بالموسيقى.