أعرب معظم الفاعلين الجمعويين والغيورين على الملك العمومي بالصويرة عن استيائهم الكبير إزاء ما يحدث على مرأى ومسمع جميع المتتبعين والملاحظين من حلقات متواصلة لمسلسل الاستغلال المؤقت على حساب ذاكرة المواطنين وحقهم في استغلال وتدبير مجالهم الحضري والطبيعي معا. في هذا السياق كتب عزيز رفيق، فاعل جمعوي نيابة عن كافة المهتمين بالشأن الجماعي بهذه المدينة التي ما زالت تعاني من واقع الحرمان و الهشاشة : «هناك بعض الإنجازات التي تفرض الاحترام أو الإعجاب. ما نجح في تحقيقه صاحب مقهى الشاطئ بالصويرة يفوق ما يتصوره العقل. وتعتبر هذه المنشأة نقطة عبور والتقاء لأجيال من السياح والمعجبين بجمال الصويرة منذ عقود كما أن الذاكرة الشعبية ستحفظ للتاريخ أن فضاء مطعم الشاطئ كان ملتقى الصوير يين الشغوفين بكرة القدم الشاطئية، حيث كانوا يلجون إليه عبر «دروج الشالي» قبل أن يتم طمس معالمها لينجب المطعم الأصلي عبر ولادة قيصرية حانة على شماله، ومقهى على يمينه، وفضاء ومرآبا للسيارات خاصا بزبنائه حتى أصبح الولوج شبه مستحيل على المواطنين والأجانب اللهم عبر الصخور الوقائية من جهة الدربوز. والأدهى أن صاحب المطعم عمد إلى توسيعه على مراحل متقطعة ومتباعدة في الزمن بدءا بالحانة، ومرورا بالمقهى ثم المرآب ليكتمل العقد بالفضاء الذي تم الاستيلاء عليه بواسطة حائط عازل وسياج من الزجاج. و أمام هذا الزحف عبر أبناء الصويرة الغيورون على تراثها وأملاكها العمومية، عن استعدادهم للتصدي لكل المحاولات الفاشلة والأطماع الجشعة اليوم وغدا في إطار تنسيقية تكونت من أجل ذلك وهي مدعمة من طرف العصبة الكنفدرالية لحقوق الإنسان التي نشرت مؤخرا بلاغا تنديديا تدعو فيه إلى فتح تحقيق عاجل حول ملابسات هذا الموضوع و حيثياته، و التأكيد على الاحتكام إلى التصاميم الأولى لهذا المكان ومقارنتها بالوضع الحالي دون سند قانوني يخوله منطق الاستغلال المؤقت «. فكيف تجرأ على تغيير التصميم الأولي لهذا الفضاء التاريخي و يتوسع يمينا وشمالا على حساب حق المواطنين الطبيعي في التمتع بجمالية المناظر من جهة «الدربوز» وحرمان الصويريين من هذا الممر على شاطئ «تاغارت» مصادر متعددة أكدت للجريدة بأن عملية التشخيص إذا ما اتسمت بالموضوعية والدقة والتجرد ، بعيدا عن مجاملة هذا ومحاباة ذاك ، فإنه يمكن الجزم من الآن بأن العناوين الكبرى للتقرير التركيبي ستكون صادمة ، ولن نجازف بالقول بأن الشعار الذي يجب أن يؤطر المعالجة المطلوبة هو « جميعا من أجل أنسنة الحياة داخل الأقسام الداخلية بالمؤسسات التعليمية ». الوضعية ، كما وقفت عليها الجريدة ببعض المؤسسات سواء بمدينة وزان أو بالعالم القروي، أو كما نقل صورها للجريدة أكثر من مصدر، مقلقة بشكل كبير، وهو ما يدفع النزلاء والنزيلات لتكثيف احتجاجاتهم على مدار السنة. فإذا كان من بين ما تحدث عنه تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهو يستعرض الوضعية بالسجون المغربية هو الاكتظاظ ، فإن نفس الصورة تنطبق على أكثر من داخلية ، حيث التكدس هو علامتها المميزة مع ما ينتج عن ذلك من آثار تهز نفسية النزلاء والنزيلات . أما الأسرّة، فبالإضافة إلى أن الكثير منها متهالك ، فإن الإقتراب من بعضها يصيب بالغثيان . وتفيد نفس المصادر بالأدلة الملموسة، بأن العديد من قاعات النوم والمرافق الصحية بأكثر من داخلية، محطمة النوافذ، متسخة الجدران، معطلة الإنارة ، حياة الداخليات والداخليين بها معرضة لكل أنواع المخاطر، لأنها غير مجهزة بآليات محاصرة النيران إن هي اندلعت لا قدر الله ، وأنها لا تحظى إلا نادرا، باستعمال مواد النظافة عند تنظيفها، وهي العملية التي تنسحب على قاعات الأكل والمطابخ . وبالمناسبة فإن هذه الأخيرة فقيرة من حيث التجهيزات العصرية ووسائل العمل الضرورية، وتعاني هذه الأقسام من قلة الأواني المستعملة في الأكل، من صحون وكؤوس بحيث سبق أن صرح للجريدة بعض النزلاء في وقفة احتجاجية السنة الماضية بأنهم يتناولون قهوتهم الصباحية في علب (yoghourt) ! ، وأن منهم من استمر لشهور يتناول وجباته الغدائية الثلاث ، واقفا لأن الداخلية لم تكن مجهزة بالعدد الكافي من الكراسي ! أما أم المعضلات فتتعلق بالمواد الغذائية التي يزود بها الممونون مختلف الأقسام الداخلية على مستوى نيابة التعليم بإقليم وزان . فالأخبار الواردة من هنا وهناك تتحدث عن عدم التزام هؤلاء الممونين بما هو وارد في دفاتر التحملات ، تعلق الأمر بالنوع ، أو الجودة ، أو الوزن . فاللحم المقدم فوق الموائد في غالب الأحيان ، يقول مصدر موثوق، بعيد كل البعد عن لحم العجل المحدد في كناش التحملات مما يجعل النزلاء والنزيلات يرفضون تناوله ، نفس الشيء ينطبق على الخبز الذي لا يعلم أحد الشروط التي يعجن فيها ! هذا بالإضافة إلى حرمان الممنوحين والممنوحات من وجبة السمك التي نادرا ما زود بها الممون الأقسام الداخلية في الموسم الدراسي الماضي، أما هذه السنة فالعملية معلقة . ولأننا ولجنا حقل الحرمان فإن تساؤلا عريضا يطرح نفسه حول السبب وراء تعطيل خدمة الإستفادة من الحمام مرة في الأسبوع ، كما كان معمول بذلك في الماضي القريب؟! لماذا إذن بعض الممونين لا يلتزمون بما هو مدون بالبنود الغليظة فوق دفاتر التحملات؟ ولماذا لا ترفع المصالح المالية والمادية (الاقتصاد) وإدارة المؤسسات التعليمية التي تتوفر على أقسام داخلية ، تقارير في الموضوع إلى نيابة التعليم؟ وهل كان المشار إليهم من المسؤولين سيتبضعون مثل تلك المواد لأبنائهم ويقدمونها لهم؟ مصادر متنوعة على دراية بهذا الملف الشائك ، ترجع صمت هؤلاء المسؤولين لتواطؤ بعضهم مع مزودي الأقسام الداخلية بالمواد الغذائية من ألفها إلى يائها ، ونسج علاقة غامضة معهم على حساب المال العام. وفي انتظار ما سوف تسفر عنه الزيارات الميدانية قصد تشخيص الوضعية بداخليات الإقليم، وما سيتم تقديمه من حلول، وموازاة مع ذلك، فإننا ننتظر من عامل الإقليم بأن يتحرك على هذا المسار فيقوم بزيارات مفاجئة لهذه الأقسام لرسم صورة على واقعها، كما أن فروع المنظمات الحقوقية مدعوة من جانبها بأن تلامس واقع هذا المرفق، ضمانا للحق في التعليم ، وحماية للمال العام من أي تلاعب.