هل الكتابة قدر يمكن الفكاك منه؟، كذلك بدت عند الروائي الأميركي، أو شيخهم فيليب روث، هذا اليهودي الحزين وكأنه آخر أحفاد همنغواي! روث الذي كان أمل إنهاء عشرين عاما من النحس «النوبلي» على أدباء أميركا هذا العام، لكن قدر الجائزة الأهم في العالم لم يفلح معه وذهبت نوبل إلى هناك، إلى اسيا حيث ابن الفلاح الصيني «مون يان»، أنهى سنوات طويلة مع الكتابة، وقال أن روايته الأخيرة التي نشرت عام 2010 ستكون آخر كتبه. من منحه الحق على التقاعد، لا أحد بالطبع، لكن خياره الغامض مستمر إلى يومنا هذا «هل سيتراجع عنه؟». «لقد قلت الحقيقة، وفعلت...» كذلك أكد روث الحاصل على حزمة جوائز أدبية، مؤكدا أنه لم يكتب أي شيء في السنوات الثلاث الماضية. راجع فيليب روث ذاته وهو على وشك دخول العقد الثمانيني، واكتشف أن قدر الكتابة جف في داخله، ولم يكن أمامه من خيار غير أن يعيد قراءة كتبه مرة أخرى والروايات التي أحبها على مدار عقود من عمره. هذا الذي يوصف بانه امتداد لسكوت فيتزجيرالد، همنغواي، فوكنر... يعيش اليوم على القراءة والتأمل، لا يمسك القلم أو يقترب من لوحة مفاتيح الكمبيوتر، إلا لأمر لا يرتبط بكتابة رواية جديدة، هل يدون أفكاره، ما يشبه الحلم...، أو ثمة ما يعادل قراره لإعادة النظر بقراره التوقف عن الكتابة... لا أحد يعلم ذلك، لان صوته المعلن الانحناء أمام هيكل الكلمات ووداعها. يجيب على هذا الغموض في قراره بما يشبه السؤال، ويقول «أردت أن أرى إن كنت قد أضعت الوقت بالكتابة!». مع انه لا يشكك بالقيمة الإبداعية لما كتب، ويرى أنها كتابة ناجحة وبذل ما بوسعه من أجل التآلف مع الحس العميق للغة وليس آليتها المجردة. وروث الذي كرس حياته «79 عاماً» للرواية واستبعد أي شي آخر غيرها يقول اليوم «كفى! أنا لم أعد أشعر بهذا التعصب للكتابة، الذي شهدته طوال حياتي». بل وصل به الأمر إلى مطالبة الموسوعة الالكترونية على الانترنت «وكيبيديا» إلى إزالة جملة ان كتابته «موضع إلهام لبقية الكتاب» وهو في ذلك لا يشكك وفق كل الأحوال بقيمة ما كتب، لكنه يحاول أن يجد ما يشبه الحل في طلاقه الكتابة، أو الفكاك من طوقها الآسر والمعبر في آن.