اعتبرها العديد من المتتبعين، مساء السبت الماضي بمسرح محمد الخامس بالرباط، جوهرة مغربية في العزف على آلة البيانو، وهي تقود أوركسترا «PAU» الفرنسية المتمكنة، بتمكن كبير .. عازفة موسيقية محترفة في الموسيقي الكلاسيكية، تضاهي أكبر عازفي وعازفات هذا النوع الموسيقي العالمي العريق .. أطربت الأذان واقشعرت معها الأبدان عند عزفها بهدوء تام.. فكانت ليلة السبت بالرباط ولادة أخرى للموسيقية المغربية ريتا ساهر هنا المغرب، بعد أن شهدت لحظات مثلها قبل ذلك في العديد من الأقطار الأوروبية.. التقتها «الاتحاد الاشتراكي » وأجرت معها الحوار التالي الذي انصب حول مسيرتها الفن هاته وحول تألقها.. أنا عازفة بيانو موسيقى كلاسيكية مغربية، بدأت دراستي الموسيقية في هذا المجال (آلة البيانو) منذ سن العاشرة بالمغرب، وأتممت الدراسة بفرنسا، وبالضبط بباريس لمدة تقارب الاثني عشرة سنة على يد كبار الموسيقيين الفرنسيين. والآن أقيم حفلات في الموسيقى الكلاسيكة، هنا وهناك، في مختلف الأقطار، وخاصة بالدول الأوروبية. ما الدافع إلى اختيارك إلى هذا اللون الموسيقي - الفني منذ الصغر، هل كان لذلك تأثير من أي محيط؟ لقد ترعرعت داخل محيط أسري كانت الموسيقى فيه حاضرة باستمرار، حيث والدي يعزف على آله (luth) بمهارة لافتة، ووالدتي تغني بتمكن كبير.. فتواجدت أنا في الوسط، أسمع كثيرا الموسيقى الكلاسيكية من خلال آلة البيانو وغيرها من الالات.. ومن ثمة انطلق عشقي وهوسي بالموسيقى الكلاسيكية مبكرا. فطرحت على نفسي السؤال الاجباري: ماذا تريدين فعله: الموسيقى أو أي شيء آخر، فكان جوابي لنفسي: الموسيقى، بطبيعة الحال، لأننى لا أستطيع ممارسة أي شيء غير الموسيقى، لأنها ليست اختيارا بل ضرورة. هل عرف مسارك الفني تتويجات وتنويهات في الملتقيات الدولية؟ أكيد، فمنذ انطلق مشواري الفني - الموسيقي حصلت على العديد من الجوائز و التنويهات في الكثير من الملتقيات الدولية الموسيقية التي شاركت فيها إلى جانب العديد من الموسيقيين ينتمون إلى دول مختلفة.. هذا بالإضافة إلى مشاركتي في حفلات وملتقيات موسيقية عديدة بباريس وأوروبا.. وآخرها بالمغرب، بالمسرح الوطني محمد الخامس مساء يوم السبت الماضي رفقة أوروكسترا «بو» (PAU) الفرنسية.. قدمت فيها، جميعها، (الملتقيات ..) معزوفات لعمالاقة الموسيقى الكلاسيكية العالمية: موزارت، بولينك، شوبان، هايدن، ألبينيز، غراندوس.. ما موقع الموسيقى العصرية في حياتك الفنية؟ بالطبع أنني أسمتع إلى جميع أنواع الموسيقى، العتيقة منها والحديثة، فلكل منها مكان خاص في حياتي، فلست منغلقة في هذا الجانب. إنني أستمع باستمرار للأغنية الفرنسية القديمة، التي أعشقها، من قبيل أغاني جاك بريل. براسانس مايكل جاكسون .. وآخرين. باختصار، استماعي الموسيقي عادي جدا، غير أن مهنتي تموقعني في دائرة الموسيقى الكلاسيكية.. التي لا تلغي، بأي حال من الأحوال، الاستمتاع بأنماط موسيقية أخرى، كالراب، والموسيقى المغربية، العربية وأعمدتها كأم كلثوم، محمد عبد الوهاب وفيروز.. بل أقول إن الاستماع إلى كل أنواع الموسيقي لا يمكنه إلا إغناء رصيد الشخص المعني بها ماذا تعرفين عن «مهنيي» الموسيقى الكلاسيكية بالمغرب؟ خطواتي الأولى في درب الموسيقى الكلاسيكية العالمية، كانت هنا في المغرب على أستاذ موسيقي من خلال دروس خصوصية، قبل أن ألتحق بباريس وأستكمل تعليمي موازاة مع شغلي. أكيد أنني أعرف العديد من أساتذة الموسيقى هنا في المغرب، الذين لهم دراية كبيرة بعالم الموسيقى الكلاسيكية وكذا بصمتهم في العزف. ماذا ستقولين عندما يعرض عليك مشروع يتغيا إدماج الموسيقى الكلاسيكة مع نمط موسيقى آخر؟ للأسف، فعندما نمارس عزف الموسيقى الكلاسيكية، ينبغي ألا نعزف إلا هي، فمن الصعب جدا أن نقوم بالمزج بين الموسيقى الكلاسيكية وأنواع موسيقية أخرى، فالموسيقى الكلاسيكة لها هويتها، لها صيتها، لها ميلوديتها.. التي لا يجب الخروج عنها، وإلا فقدت الهوية المعروفة عنها. ومع ذلك أقول سأكون جد سعيدة للعمل مع أي شخص، لأن التعاون في هذا السياق لا يمكن إلا يعطي إضافة وغنى.. ما هي مشاريعك الموسيقية المستقبلية؟ لدي العديد من الدعوات لإقامة حفلات موسيقية في دول مختلفة، منها دعوة الشهر المقبل بالولايات المتحدةالأمريكية، لإقامة سهرة موسيقية في مسرح «كارنيغي هول» الذي يعد من أجمل المسارح بمدينة نيويورك. بحكم متابعتك ومشاركتك لعالم الموسيقى الكلاسيكية في العالم، أين تموقعين العازف المغربي ؟ في ما يتعلق بشخصي، فقد درست بفرنسا، ومستواي الدراسي، في هذا السياق، يضاهي أقوى المدارس الأوروبية، ولإقامة حفلات في الموسيقي الكلاسيكية ، ينبغي على الشخص المعني، أن يكون متمكنا من عزفه، وهذا، بطبيعة الحال، لن يتأتى إلا ببذل الجهد، الجهد والجهد.. ومن هذا المنطلق أشعر بفخر كبير بكوني مغربية، وقلبي مغربي، وأمثل المغرب في الملتقيات الموسيقية العالمية .. وأحوز الدرجة نفسها، أو أكثر، التي يحوزها غيري من عازفي البيانو من أوروبا وأمريكا.. كيف كانت تجربتك الأخيرة مع أوركسترا «بو» الفرنسية التي تحتوي على العديد من العازفين الأساتذة..؟ تجربة رائعة، هي الأولى من نوعها مع هذه الأوكسترا المعروفة جدا والمتمكنة، خصوصا وأنها كانت في بلدي المغرب، وكان وقعها بالنسبة لي قويا من حيث الاحساس والشعور، ، حيث كان التناغم والاندماج بيننا جد موفق. وأتمنى أن أخوض تجارب مماثلة سواء هنا في المغرب، أوروبا أو أمريكا..