شارك وفد من الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، الاثنين والثلاثاء الماضيين بدكار، في ندوة للشبكة الفرنكفونية لمقنني وسائل الإعلام في موضوع «الانتقال إلى النظام الرقمي بحلول عام 2015 ». وسعى هذا اللقاء إلى تقييم حصيلة إنجازات البلدان الأعضاء في هذا المجال وبث دينامية متضامنة لإنجاح الرهانات المتعددة لهذا الانتقال، الذي من شأنه أن يغير المشهد السمعي البصري في العمق. ووفقا لاتفاق «جيو 6» الذي تم اعتماده في 16 يونيو 2006 خلال المؤتمر الإقليمي للاتصالات الأثيرية للاتحاد الدولي للاتصالات، يتعين أن يتم الانتهاء من عملية الانتقال من البث التناظري إلى البث الرقمي في 17 يونيو 2015 . وإذا كانت بعض البلدان الأعضاء قد حققت هذا الانتقال، فمعظم البلدان الأعضاء الأخرى لم تصل بعد إلى هذا الطور. أشارت رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أمينة لمريني الوهابي إلى أنه من خلال النقاش الذي عرفه هذا اللقاء، «يدرك المرء أنه كيفما كان مستوى التقدم الحاصل في عملية الانتقال إلى النظام الرقمي، فإننا جميعا نواجه تحديات مشتركة، ونحتاج إلى تحقيق النجاح في مواجهة مختلف تحديات هذا الانتقال». وأوضحت أن التحدي الأول يتمثل في المهلة التي حددها الاتحاد الدولي للاتصالات، وضرورة انخراط بعض البلدان الأعضاء بجد في مسار تحقيق الانتقال إلى النظام الرقمي بحلول عام 2015، مستحضرة تحديا آخر يتمثل في تحسيس وإعلام الجمهور وجميع الأطراف المعنية بهذه العملية، فضلا عن مسألة أخرى حاسمة وهي المتعلقة بمضمون هذا البث. وسجلت، في هذا السياق، أن «التقدم التكنولوجي قادر على نقل الأفضل والأسوأ. وأنه ينبغي الحرص على أن يقوم السمعي البصري، في أعقاب هذا التغيير التكنولوجي العميق، بتعزيز قيم الديمقراطية والمساواة والتنوع والتعددية». وأكدت رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أن لقاء دكار كان فرصة لاستعراض خطة عمل الشبكة الفرنكفونية لمقنني وسائل الإعلام (2012 2013)، وأيضا لإثارة بعض القضايا الهامة من قبيل، برنامج المساواة بين الجنسين من خلال وسائل الإعلام، مشيرة إلى أن الرئاسة الحالية للشبكة أطلقت طلب عروض للهيئات الأعضاء لتقديم مشاريع تهدف إلى مكافحة الصور النمطية عن الجنسين وتعزيز المساواة بينهما. ومن جهة أخرى، قالت لمريني إن وفد الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري شارك بحيوية في هذا اللقاء تعزيزا لمساهمته داخل الشبكة الفرنكفونية لمقنني وسائل الإعلام، إلى جانب اللقاءات الثنائية التي أجراها مع عدد من الشركاء الأفارقة الأعضاء بالشبكة. ومن جانبه، أشار المدير العام للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، جمال الدين الناجي إلى أن لقاء دكار يكتسي أهمية خاصة بالنسبة للهيئة، العضو المؤسس للشبكة الفرنكفونية لمقنني وسائل الإعلام عام 2007 ، والذي ترأس الشبكة خلال الفترة (2009 2011). وأشار الناجي إلى أن «اللقاء كان مهما بالنظر إلى القضايا الاستراتيجية التي كانت في صلب النقاش، والتي تلتقي مع الانشغالات الحالية للهيئة، والأوراش المستقبلية التي شرعت فيها، خصوصا بعد دسترتها»، موضحا أن الأمر يتعلق أساسا بموعد حاسم وهو يونيو 2015 الذي سيفرض على المغرب، مثل دول أخرى في المنطقة، الانتقال إلى التلفزيون الرقمي (تي ان تي) . وذكر بأن للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري حضورا تقنيا معترفا به في عدة بلدان إفريقية مثل غينيا والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو وبنين وأيضا موريتانيا والسنغال. وأشار إلى أن حضور الخبرة التقنية يسمح للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بإثراء الشبكة الفرنكفونية لمقنني وسائل الإعلام بمساهماتها وأفكارها حول القضايا الرئيسية التي تتطلب إعمال التقنين غدا، مثل التنوع الثقافي واللغوي ونوعية المحتوى، وهو شرط أساس بالنسبة لتحقيق جاذبية للعروض المتاحة عبر البث الرقمي لدى الجمهور المتلقي. وأضاف أن الأمر يتعلق أيضا بالحكامة الرشيدة داخل وسائل الإعلام وبآليات التقنين الذاتي، وهي رافعة حاسمة بالنسبة لتقنين مستقل يعمل على تقدم حقيقي لديمقراطية المشهد الإعلامي والمجتمع. وقد كان هذا اللقاء مناسبة بالنسبة لمدير قسم البنيات التحتية التقنية واليقظة التكنولوجية بالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، محمد حمودة، لتقديم تقرير عن واقع حال الانتقال إلى البث التلفزيوني الرقمي بالمغرب. وهو التقرير الذي أظهر أن الجهود المبذولة على هذا المستوى تبشر بأن المغرب سيكون بكامل جاهزيته سنة 2015، الموعد المحدد للانتقال إلى البث التلفزيوني الرقمي والقطع نهائيا مع البث التلفزيوني التناظري. وذكر حمودة بأن البث الرقمي تم إطلاقه رسميا بالمغرب من قبل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، التي تتوفر حاليا على شبكة تغطي نسبة 75 في المائة من الساكنة، وتبث، في الوقت الحالي، من خلال باقتين، سبع قنوات. وقد عرفت الجلسة الختامية لهذه الندوة، التي حضرها الرئيس السنغالي ماكي سال، إصدار سلسلة من التوصيات بهدف إنجاح عملية الانتقال إلى النظام الرقمي، وتتعلق بالجوانب التكنولوجية وأيضا بالمحتوى الذي يكتسي هو الآخر أهمية حاسمة. يذكر أن الشبكة الفرنكفونية لمقنني وسائل الإعلام، التي تضم 28 هيئة للتقنين حاضرة ب27 بلدا، تسعى، بموجب نظامها الأساسي، إلى إنشاء وتعزيز التضامن بين أعضائها، وتمثل فضاء للنقاش وتبادل الآراء حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.