عشرات الآلاف من المرضى بالعمى الأزرق بالمغرب، أو ما يسمى في المصطلح الطبي ب « المياه الزرقاء» وارتفاع الضغط في العين «الغلوكوم»، يواجهون خطر فقدان البصر، ليس فقط بسبب عدم التشخيص المبكر للمرض، بل أيضا بسبب غلاء الأدوية الواجب استعمالها طيلة حياتهم لحماية العين. فقنينة واحدة لقطرات العين من الحجم الصغير والتي لاتتعدى مدة استعمالها أسبوعا واحدا، يصل ثمنها إلى حوالي 250 درهما، وهو مايدفع بالعديد منهم إلى التوقف عن المداومة على استعمال الدواء لارتفاع تكاليفه خاصة بالنسبة لذوي الدخل المحدود! عدد كبير من المواطنين المصابين بهذا النوع من المرض يقولون إنهم أصيبوا بفقدان البصر مباشرة بعد العمليات الجراحية التي أجريت لهم ببعض المستشفيات العمومية لإزالة »الجلالة« من دون التأكد من إصابتهم أو عدم إصابتهم بمرض المياه الزرقاء! وحسب مصادر طبية فإن هناك حوالي 600 ألف مواطن مغربي، يعانون من المياه الزرقاء وأن أزيد من 14 % من الذين يفقدون بصرهم كل سنة هم من مرضى «العمى الأزرق»، وأن أزيد من 65 % من المرضى الذين يلجون المستشفيات العمومية بالمغرب تكون حالة العين المصابة ميؤوسا منها، في حين يكون معدل النظر في العين الأخرى لا يتجاوز 2 إلى 3 على 10، الأمر الذي يجعل إمكانية استعادة النظر مستحيلة. وعندما يتم إخبار المريض بهذه الحقيقة يصر على إجراء العملية والتي تكون نتيجتها معروفة مسبقا! هكذا إذن هناك عشرات الآلاف من المواطنين بمختلف المدن المغربية مصابون بهذا المرض الذي يهددهم بالعمى، والذي ليست له أعراض وتجهل مسبباته، حيث يعتقد أنه مرض وراثي يصيب مجموعة من المواطنين بعد بلوغهم سن الأربعين ويتسبب عدم تشخيصه منذ البداية في تطوره وإصابة العصب الداخلي للعين بالبياض؛ وبالتالي موت هذا العصب وفقدان البصر. داء المياه الزرقاء مزمن، ولا يمكن القضاء عليه بأية وسيلة بحسب الأطباء فالطب يتوفر على إمكانيات دوائية أو جراحية لوقف تطور المرض أو تدهور البصر، أو الحقل البصري، ثم استقراره، ولذلك، من الضروري أن يواصل المريض مراقبة مرضه طيلة حياته، كل ثلاثة أشهر، حتى بعد العملية الجراحية. المثير للاستغراب أن التغطية الصحية الإجبارية بالمغرب تستثني هؤلاء المرضى من التعويض عن الأدوية بالرغم من أن المرض مزمن وتكاليف علاجه ترهق المرضى، خاصة ذوي الدخل المحدود. هكذا، إذن، «تتنصل» الدولة من مسؤوليتها في تعويض هؤلاء المحكوم عليهم بالعمى، فالتوقف عن استعمال الدواء يعني فقدان البصر بكل بساطة!