اهتزت مدينة فاس على وقع مأساة حقيقية ضحيتها ثلاثة فتيات توائم وُلدن مساء أول أمس بمستشفى تيسة، في الوقت الذي توجد فيه أمهم في حالة غيبوبة خطيرة وفي ظروف لا إنسانية، حيث توفيت إحدى التوائم الثلاث أمام باب مستشفى الحسن الثاني بمدينة فاس الذي رفض مسؤولوه استقبال التوائم، في حين تفرقت السبل بالاثنتين الباقيتين بين الموت والحياة واحدة بمستشفي ابن الخطيب بفاس والأخرى بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني. وفي تفاصيل الحادث المأساوي الذي عاشه سكان دوار بوعرام بجماعة أوطا بوعبان التابع لدائرة تيسة إقليم تاونات، فقد تم نقل السيدة قنيش سعاد وهي من مواليد 1985 وأم لبنت إلى مستشفى تيسة، حيث وضعت ثلاث توائم في حالة صحية جيدة، لكن غياب وسائل العناية الطبية أرغم إدارة المستشفى على إرسالهم من مركز كاركار الصحي إلى المستشفى الجامعي بفاس، في حين احتُفظ بالمرأة في حالة غيبوبة، حيث تحدثت مصادر مؤكدة للجريدة عن غياب سيارة الإسعاف المجهزة لحمل الفتيات الثلاث إلى مدينة فاس التي تبعد بحوالي 50 كلمترا عن تيسة. وحين وصولهن إلى مستشفى ابن الخطيب بفاس، تأخر استقبالهن بحوالي ساعة وطُلب منهم أداء مبلغ مالي مقابل الاستشفاء، حيث اضطر الأب التوتي عبد المالك إلى دفع مبلغ 500 درهم من أجل استقبال بناته، لكن الذي حدث، ولأسباب غير معلومة، هو أنه احتُفظ بواحدة من التوأم وأُرسلت الأخريان مرة أخرى إلى مستشفى الحسن الثاني بنفس المدينة، حيث لفظت إحداهن أنفاسها الأخيرة ببابه في فضيحة جديدة تؤكد زيف شعارات التغطية الصحية والعناية بالمرأة وغيرها من الخُطب التي لا تجد لها صدى في واقع مغرب يأبى إلا أن يحتفل مرة أخرى بمآتم يمكن تجاوزها بقليل من الجدية والمسؤولية. ولحدود كتابة هذه الأسطر، وفي اتصال مباشر للجريدة من عين المكان، توجد الأم في حالة صحية سيئة وتحتاج إلى رعاية استثنائية لإنقاذها من هلاك أضحى يبدو محققاً بفعل الإهمال، حيث توجد بدون غطاء ومرمية في أحد الأسرة داخل مستشفى تيسة، وتوجد الطفلة الثالثة بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني تتلقى الإسعافات من أجل إنقاذ حياتها بعدما ظلت موقوفة لساعات بباب المستشفى من أجل الأداء، ضداً على كل التزامات الحكومة أمام نواب الأمة بإعمال مبدأ العلاج أولاً والإجراءات ثانياً، لكن يبدو أن هذا الخطاب لا يتعدى مستوى الخطاب. وعلمت الجريدة من مصادر مقربة من العائلة المكلومة، أنها بصدد تتبع الحالة الصحية للبنتين والأم، وأنها تتقدم بإجراءات رفع دعوى قضائية ضد مسؤولي وزارة الصحة في شخص الوزير ورئيس الحكومة من أجل الإهمال المؤدي إلى الموت. ويتابع البرلماني الاتحادي عبد العزيز العبودي هذه الواقعة حيث أكد في اتصال للجريدة، أنه على اتصال مع المصالح الصحية بفاس وتيسة من أجل إنقاذ هذه الأسرة في انتظار اتخاذ اجراءات في هذا الصدد، معلنا عن تضامنه مع العائلة وكافة الساكنة التي تعاني من الخصاص الذي سبق ونبه إليه في لقاءات مع المسؤولين في الجهة والاقليم، في حين استنكرت فعاليات حقوقية ونسائية اتصلت بها الجريدة هذا الحادث المروع، والذي يؤكد بالملموس أن مطلب الصحة مازال بعيد المنال وأن الحديث عن رعاية الأم والأطفال مجرد شعار استهلاكي، وأكدت في نفس الوقت وقوفها إلى جانب عائلة الضحايا وأنها ستدعمهم أمام القضاء في جميع مراحله، مطالبين الجميع بتحمل مسؤوليته وتقديم المسؤولين من جميع درجاتهم إلى المساءلة، طبقا للقانون حتى لا تذهب أرواح بدون ذنب ودون مساءلة.