على بعد أقل من أسبوع عن عيد الأضحى، لم تتضح بعد التوجهات العامة لسوق الغنم بالمغرب أمام ضعف الإقبال على اقتناء الأضاحي والحديث عن وفرة العرض واستقرار الأسعار، وإن كانت قد حددت مستوى الأسعار مابين 2000 و4000 درهم بحسب بلاغ وزارة الفلاحة، فإن مستواها الحقيقي مع ذلك أكبر بكثير. تخوف المواطنين من أن تشهد الأسعار هذه السنة نفس مستوياتها السنة الماضية أو أكثر هو السائد عبر مختلف المناطق بالمغرب، خاصة وأن وزارة الفلاحة تقر بحرية الأسعار وبأن أثمنة الأضاحي تختلف حسب الجودة والصنف وسن الأضحية، وكذلك حسب المناطق ومكان البيع والفترة الفاصلة عن يوم العيد، كما تخضع، عموما، لقانون العرض والطلب. فبمدينة الدارالبيضاء ، وفي انتظار افتتاح الأسواق الموسمية لبيع الأضاحي، تبقى الآن «حظائر» البهائم والأغنام المنتشرة في مناطق متفرقة من المدينة وضواحيها هي وجهة الراغبين في اقتناء الأضحية، حيث الأسعار ، إلى حدود نهاية الأسبوع، لاتقل عن 45 درهما للكيلوغرام الواحد وتصل في مناطق أخرى ، كالمجازر القديمة، إلى مافوق 55درهما ، في ظل إقبال ضعيف على الشراء. أما في باقي المدن المغربية، فإن عمليات البيع والشراء غالبا ماتتم بالمعاينة وتخضع لمنطق المساومة والقدرة على التفاوض حول السعر، ولكن في أغلب الأحيان لايقل سعر الأضحية عن 2000 درهم. الأسر المغربية وهي تستعد لشراء أضحية العيد، يصر البعض منها على اقتناء كبش أملح سمين مهما ارتفع سعره، فالمناسبة تقتضي التباهي أمام المعارف، ومنهم من يفضل شراء خروف على قد الحال لا«يجيد حتى البعبعة» ! المهم أن للعيد ثلاثة أيام ويجب تدبر أمره ، حتى ولو اقتضى الحال اللجوء إلى الإقتراض، فالمناسبة الدينية تعتبرها مؤسسات القروض فرصة مواتية لطرح عروض قروض «مشجعة» وتتماشى مع الدخل، وحددت مجموعة من مؤسسات القروض هذه السنة القرض في 3000 درهم ومدة تسديده في عشرة أشهر فقط لتشجيع الإقبال عليه! وبمناسبة العيد تبرز مسألة جودة الأضاحي، وإن كان أغلب المواطنين لاينتبهون إلى جودة الأضحية، فالمهم أن «الحولي عاطي العين» لكن يبدو أن هذه السنة أيضا كسابقاتها سيضحي عدد كبير من المواطنين ب «الحوالا شبعانين حوت»! ففي غياب مراقبة صحية وبيطرية حقيقية، وفي ظل جشع مجموعة من الكسابة ورغبتهم في الربح السريع، يقومون بإضافة قشور الأسماك وبقاياها إلى المكونات الغذائية أكثر من القدر المسموح به، بل هناك من الكسابة من يجتهد في هذا الباب وينتج بنفسه علفا خاصا به يتكون أساسا من عجين الأسماك ، ولكم أن تتخيلوا نوعية الأسماك المستعملة في هذا الباب، والتي بسبب ملوحتها، تزيد من وزن الأكباش التي تتناولها، مما يزيد في عدد الكيلوغرامات في الأضحية الواحدة ، فترى الكبش الذي «غَلَّقْها حوت»، يبدو كأنه عجل سمين ويقفز ثمنه إلى أسعار قياسية! هذه العملية تؤثر على جودة لحومها حيث الرائحة النتنة، مما يفسر كون مجموعة من المواطنين يشتكون من عدم جودة ومذاق لحم الأضحية. وكما سبق أن تطرقت إليه في مناسبة سابقة - على سبيل التفكه - أظن أنه ستكون القيمة الغذائىة التي يحتوي عليها لحم الخروف مضاعفة تستوجب مضاعفة السعر، فالمستهلك سيتناول لحوما حمراء بنكهة لحم الأسماك، وأقترح أن يتم تصنيف «الحوالا» عند عرضهم للبيع ليس على أساس «الصردي والبرغي الصحراوي»، بل على أساس جديد وتصنيف يتماشى مع غذاء الخروف، فمن قبل كنا نسمع الآباء يتحدثون عن «الحولي عالف الشعير أو الذرة أو الفصة أو التبن أو حولي راعي في الخلا»، أما الآن فقد تغير الأمر وأصبحنا نسمع عن حولي « عالف الحوت» . ولأن الغالبية «فيهم النفخة »، فلن يحتجوا على الجودة حتى لايقال عنهم بأنهم شُمتوا « غاذين ياكلوه ويسكتوا ولو كان عالف لحم الحمار»! من يدري لربما تتفتق عبقرية البعض فينتج عجينا من لحم الحمير والبغال «باش يعلف الكسيبة»، إذا ماتبين أن غرامات منه تزيد كيلوغرامات في وزن الأضحية ، من يدري، فكل شيء ممكن الآن ...