الفقراء محرومون من "الحولي الصردي" في بلادنا "الحولي الصردي" سيد الأكباش في المغرب يشتد طلب المغاربة من ذوي الدخل المتوسط والمرتفع في عيد الأضحى على شراء سيد الكباش بالمغرب، أكباش "الصردي" التي تتميز بجودة لحومها وبجمال وجوهها وقامتها الرشيقة، لكن الفئات الفقيرة لا تستطيع مجاراة الأسعار المرتفعة لملك الأكباش، فيتجهون نحو أصناف أخرى أقل جودة وبأثمنة متاحة نسبيا. ويعاني الفقراء وذوو الدخل المحدود من ارتفاع أسعار الخرفان بسبب المضاربات في البيع التي يقوم بها مختصون في السمسرة بأسواق الأغنام، ويسمون "الشناقة"، حيث يقومون بشراء الأكباش بثمن معين من لدن أصحابها ومربيها، ثم يعيدون بيعها للزبناء بسعر أعلى. وتتخلل بورصة أثمان الأكباش بالمغرب تجاوزات وحالات غش كثيرة، من بينها ما يقوم به البعض من تسمين الخروف بطريقة سريعة تتضمن تحايلا على المشتري من أجل الإقبال على كبش سمين ورخيص في نفس الوقت. الصردي.. "الأفضل" ويعد "الصردي" أفضل أنواع الأكباش على الإطلاق بالمغرب لمميزاته الكثيرة، ومنها حُسن هيئته وجمال وجهه المستطيل الذي تزينه بقع سوداء حول عينيه وحول فمه وفي قوائمه أيضا، مع قرون بارزة وقوية وقامة رفيعة، فضلا عن جودة لحومه ولذتها عند الطهي. ويقبل المغاربة من الطبقات المتوسطة والعليا على شراء هذا النوع من الأكباش بهدف الاستمتاع بمنافعه العديدة، والتي لا توجد كلها في نوع آخر من الأغنام التي تملأ الأسواق في مختلف مدن وقرى البلاد. ومن أجل التمايز الطبقي أيضا باعتبار أن شراء الصردي ليس متاحا أمام الفقراء لارتفاع ثمنه، فأسعار الأكباش من سلالة "الصردي" تتجاوز بكثير 60 درهما للكيلوغرام الواحد. ويقبل بالتالي أصحاب الدخل الأقل ارتفاعا على أصناف أخرى من الأكباش، أبرزها تلك التي تنتمي إلى سلالة منطقة "تمحضيت" في الأطلس المتوسط الغربي، وسلالة هضاب منطقة "أبي الجعد"، و جنس "بني كيل" شرق المغرب، ثم فصيلة الدمان جنوب البلاد. ويعبر عمر الزبير، أب لأربعة أطفال، عن نفوره من شراء الصردي خلال عيد الأضحى بسبب ثمنه المرتفع الذي يجعل الموظف الصغير أو العامل البسيط عاجزا تماما حتى عن لمس هذا الصنف من الأكباش، مضيفا أنه لا يملك المال الكافي لشراء الصردي رغم إلحاح صغاره وزوجته أحيانا على اقتنائه ولو مرة في العمر. ويضيف: حتى لو اقترضتُ من مؤسسات القروض التي انتشرت بكثرة فائقة خلال الأيام الاخيرة، فإنني لن أسدد كلفة هذا الخروف إلا بعد مضي عدة أشهر، وقد يأتي العيد القادم وأنا ما أزال مدينا لشركة القروض، مما يستنزف ميزانيتي المنهكة أصلا ويعرضها للدمار". احتيال وسمسرة وتفتقت "عبقرية" بعض مالكي الأغنام وبائعيها عن أفكار جهنمية لتسمين الأكباش عن طريق التحايل والغش بغية استغلال سذاجة المشترين خاصة من الفئات الفقيرة التي تبحث عن جودة الخروف وسمنه، شرط أن يكون سعره منخفضا ومناسبا لمداخيلهم المتواضعة، مما حدا ببعض باعة الأكباش إلى حشو بطونها بمادة الخميرة قبل عرضها للبيع، مما يجعلها تبدو سمينة، أو إلى إعطاء مواد علفية مالحة جدا للكبش حتى ينتفخ ويظهر كأنه سمين. ويقوم آخرون بإحداث ثقوب في قوائم هذه الأنعام وينفخون فيها بآلات النفخ التي تُستعمَل للدراجات، حتى تمتلأ أجسامها بالهواء فتظهر سمينة أيضا وبأسعار مناسبة لذوي المداخيل المحدودة، الأمر الذي يُعرض هذه الأكباش ومتناولي لحومها لمخاطر صحية، يؤكدها الدكتور سعد بلافريج اختصاصي التغذية، من ضمنها الإصابة في الجهاز الهضمي للإنسان باضطرابات حادة وإمكانية تعفن الأمعاء وتأثر المعدة أو حدوث تسممات، بالإضافة إلى احتمال وفاة الخروف الذي يتم تسمينه بهذه الطريقة، أو تغير لون لحمه مما يجعل لحمه عسير الهضم، زيادة على الأكياس المائية التي تتناسل في أحشاء الكبش، وكلها أمور تتسبب في أمراض خطيرة. وفي سياق متصل، يتحكم "الشناقة"، وهم الوسطاء الذين يشترون الأكباش من عند أصحابها ثم يبيعونها بسعر أعلى، بشكل كبير في "بورصة" بيع الأغنام بالمغرب، حيث يستطيعون رفع الأثمان حسب هامش الربح الذي يرغبون فيه دون الأخذ بعين الاعتبار عامل معاناة الزبناء وحالتهم المادية المتأثرة من جراء توالي مناسبات الصيف ورمضان والدخول المدرسي التي استنزفت ميزانياتهم بشكل حاد. ويزيد من ارتفاع أسعار الاكباش في الأسواق المغربية عمليات الاحتكار التي يقوم بها هؤلاء "الشناقة"، ونقل الأكباش من سوق معين في مدينة ما إلى سوق آخر أكثر رواجا قصد نيل أرباح مالية أكبر، الوضع الذي يزيد من ارتفاع أثمانها وتضرر الفئات الفقيرة بسبب ذلك. وأعرب بنقاسم العربي، أحد أكبر مربي الأغنام، عن أسفه لمضاربات الشناقة وجشع بعضهم للربح، مما يفوت على الفقراء شراء أكباش بأسعار في متناولهم مبدئيا، مع أن العرض يفوق الطلب بكثير هذا العام، فالطلب يرواح حوالي 5 ملايين شخص، في حين أن العرض يناهز 7 ملايين رأس من الخرفان والماعز. وأضاف المتحدث أن النقص الذي يشاع أن السوق الجزائرية تعاني منه بخصوص الماشية هذا العام بسبب بعض الأمراض، جعل بعض الشناقة والمضاربين يُهَرّبون الأكباش خاصة من المنطقة الشرقية المحاذية للجزائر، قصد بيعها هناك بأسعار مرتفعة