بإصرار كبير و إمكانيات جد متواضعة لكن بروح احترافية كبيرة، استطاع النادي الرياضي للكرة الحديدية باليوسفية إنجاح الدورة السادسة للدوري الرياضي السنوي المقام طيلة ثلاثة أيام الأخيرة من شهر شتنبر الماضي. فبشراكة مع المجمع الشريف للفوسفاط و بتنسيق مع مندوبية الشباب و الرياضة و الجامعة الملكية المغربية للكرة الحديدية و عصبة تانسيفت الجنوب و عدة فعاليات مهتمة بالشأن الرياضي و الثقافي بالإقليم، أبهر النادي جمهورا غفيرا من المتتبعين و المسؤولين حينما نجح في استقطاب و مشاركة 426 ممارسا لهذه الرياضة بمعدل 142 ثلاثية يمثلون 36 ناديا من مختلف العصب التابعة للجامعة. و باهتمام كبير، استمتع الجمهور الحاضر طيلة يوم كامل بالعروض و المنافسات التي تميزت بالندية و التشويق و الذي اختتم بتوزيع الجوائز النقدية و التحفيزية على الفرق الفائزة بحيث احتل المرتبة الأولى الثلاثية التي تنتمي إلى الفريق المنظم و المكونة من: جواد برشيد و عادل وعدود و المصطفى الزين.وجدير بالذكر أن أيام الدوري شكلت عرسا رياضيا ناجحا على كافة الأصعدة من حيث تقاطع و انسجام فقراته الرياضية مع شعار الدورة: « الرياضة مدخل أساسي للتربية على المواطنة » و الذي اختير عنوانا للندوة الفكرية لليوم الأول، إلى جانب مختلف الأنشطة الثقافية و المعارض و الأروقة الفنية و العروض الموسيقية التراثية الموازية لهذا الدوري السنوي السادس و الذي شكل بالفعل قيمة مضافة بعد نجاحه في الإنفتاح على محيط إقليماليوسفية بكل شرائحه و تلويناته الإبداعية في انتظار رصيد آخر سينضاف لا محالة مع تنظيم النادي للدوري السابع السنة المقبلة على حد قول خلية النحل التنظيمية و المشكلة أساسا من رئيس النادي أحمد المطمير و المنخرطين الفاعلين أحمد فردوس و يوسف السدي. الندوة الفكرية: « الرياضة مدخل أساسي للتربية على المواطنة » أدار أشغال الندوة الأستاذ أحمد فردوس بمشاركة المتدخلين: 1. حميد فريدي: مستشار بوزارة الشباب و الرياضة. 2 . بن ميلود جود : رئيس الجامعة الملكية المغربية للكرة الحديدية. 3 . محمد النوري: رئيس عصبة دكالة عبدة لألعاب القوى. 4 . محمد المخاريق: ممثل القسم الرياضي لجريدة الاتحاد الاشتراكي بمكتب أسفي حميد فريدي: « أصبحنا نعيش زمن الرداءة في الرياضة المغربية و للأسف المواطن المغربي غائب عن معركة التغيير »، « باراكا انتهى زمن التعليمات الفوقية »، «متى نعلن جميعا سقوط الفساد في المغرب؟ » بن ميلود جود : « أنشأ النادي الرياضي باليوسفية أول مدرسة تعليمية للكرة الحديدية في المغرب » « ضرورة نهج مقاربة تشاركية سواء داخل الأندية أو العصب أو الجامعة » محمد النوري : « كفل دستور 2011 حق المواطن في الرياضة لكنه لم يدستر الحق في التربية البدنية »،« لا زالت الدولة تعتبر ممارسة الرياضة شأنا ثانويا » محمد المخاريق : « أصبح من المستعجل تنزيل مقتضيات الدستور بربط المسؤولية بالمحاسبة » « يجب إنهاء زمن عسكرة و مخزنة الشأن الرياضي ببلادنا » 1 - حميد فريدي: أصبحنا في السنوات الأخيرة نعيش زمن الرداءة في الرياضة المغربية و للأسف المواطن المغربي غائب تماما عن معركة التغيير: بهذه الجملة الوصفية استهل حميد فريدي، مستشار بوزارة الشباب و الرياضة، مداخلته بكل صراحة و حميمية مؤكدا بأنهم تحملوا المسؤولية داخل الوزارة من أجل التغيير كمشروع سياسي و تصحيح المسار بعد سنوات من الفضائح و الفشل الذي ينخر الجسم الرياضي ببلادنا. و استغرب كثيرا حينما أشار أنه بعد 8 أشهر من التعرف على دواليب الوزارة، اكتشف وجود جامعات أشباح، و جامعات بدون ممارسة رياضية مما ساهم سلبا في تشويه صورة البلاد مستدلا بالنتائج الكارثية للمشاركة المغربية في أولمبياد لندن الأخير بالرغم من رصد الوزارة ل240 مليون درهم كمنح للجامعات سنة 2012 . و أوضح فريدي بأن الرداءة طالت نتائجنا بل المخجل كان هو طريقة مشاركتنا و التي اقترنت بفضائح المنشطات إلى جانب تغليب المصلحة الذاتية على روح الوطنية. و حول البديل المقترح، أشار إلى أن الوزارة تتحمل مسؤولياتها كاملة في هذا الفشل و الخيبة، لهذا أصبحت للوزارة استراتيجية جديدة قوامها تأطير الشباب و الإستماع إليهم عن قرب لأن الهدف لم يعد فقط الفوز بالميداليات و لكن توسيع رقعة ممارسة الرياضة كحق دستوري، أي ضرورة فتح أوراش جديدة من تشييد فضاءات و مركبات مع محاربة لوبيات الوزارة، مضيفا بأنه يجب التفكير في تأهيل و تأطير الموارد البشرية و ليس التفكير في الجانب المالي فقط. و في سياق متصل، ذكر بالضعف الكبير الذي تشهده الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية، مما جعل الوزارة تقرر وقف الإشتغال معها بصفة شبه نهائية، كما وقعت دفتر التحملات مع 30 جامعة رياضية فقط بغلاف مالي يصل إلى 130 مليون درهم في حين رفضت التعامل مع 15 جامعة أخرى إلى حين عودتها إلى الشرعية القانونية بعقد جموعها العامة و انتخاب أجهزتها المسيرة. و اختتم فريدي حديثه بالتأكيد على أن زمن جامعات السيادة قد ولى بدون رجعة صارخا «باراكا» لم تعد هناك تعليمات فوقية و أن الكل يجب عليه الإشتغال بكل مسؤولية و وطنية متسائلا: متى نعلن سقوط الفساد ببلادنا؟ 2 - بن ميلود جود : أشاد رئيس الجامعة الملكية المغربية للكرة الحديدية بالنموذج الرائع الذي يمثله النادي الرياضي باليوسفية داخل الخريطة الإقليمية و الجهوية و الوطنية و حتى الدولية، و ذلك بفضل مواصلته العمل وفق استراتيجية واضحة و مدروسة تدمج بين ما هو رياضي و ثقافي و اجتماعي و تربوي مستدلا بالنجاح الباهر الذي شهدته مختلف فقرات الدوري السنوي السادس طيلة 3 أيام. و أضاف بأن رياضة الكرة الحديدية ببلادنا تتمتع بصحة جيدة و النتائج المحققة تظل خير ترجمة لذلك. و أشار جود إلى ضرورة نهج مقاربة تشاركية في العمل سواء داخل الأندية أو العصب وصولا بالجامعة مع إلزامية المحاسبة بكل شفافية و وضوح. و اختتم المتدخل ورقته بالتأكيد على حيوية انخراط مكونات المجتمع المدني و باقي الفعاليات الرياضية و الثقافية و الإقتصادية و المؤسسات المنتخبة من أجل دعم هذا النادي العريق الذي كان له السبق التاريخي في فتح أول مدرسة تعليمية للكرة الحديدية ببلادنا مما أضحى لزاما على الجميع دعم هذه التجربة الفتية و الخلاقة و تعميمها محليا و إقليميا و جهويا و وطنيا. 3 - محمد النوري: استهل محمد النوري، رئيس عصبة دكالة عبدة لألعاب القوى، ورقته بمساءلة الدولة المغربية في شخص وزارة الشباب و الرياضة : هل هناك اهتمام فعلي بالرياضة ببلادنا؟ ليجيب عنه ببسط مثال حي عن مدينتي أسفي و اليوسفية كعينة صالحة للقياس مع باقي مدن المغرب. ثم استطرد قائلا بأن المؤشر الأول هو التراجع الخطير و المهول الذي طال الموارد البشرية أي الأطر الرياضية في مختلف الاختصاصات و الذي تراجع عددها من 25 إطار إلى 7 موزعة بين أسفي : 6 أطر و اليوسفية: إطار واحد فقط. أما المؤشر الثاني على حجم المعاناة و التدهور فهو الخصاص على مستوى المعدات و الملاعب الرياضية من بنيات تحتية زحف عليها الإسمنت من كل صوب كما استولت عليها بعض الجماعات المحلية و أطراف أخرى، ليخلص إلى نتيجة أساسية كون الدولة تعتبر الرياضة شأنا ثانويا و تكميليا، مشيرا إلى أن الدستور المغربي أشار بوضوح إلى دسترة الرياضة، لكنه لم يدستر الحق في التربية البدنية، مما يشكل معيقا آخر في قيام الوزارة الوصية بأدوارها كاملة. و في الأخير اختتم النوري مداخلته بالتطرق إلى النتائج الكارثية للمشاركة المغربية في الألعاب الأولمبية الأخيرة، مشيرا إلى الفضائح التي رافقتها خصوصا المنشطات التي أكد بأنها بدأت تنخر الجسد الرياضي المغربي منذ بداية التسعينيات و التي خلالها رفعت الجهات الوصية دعوى قضائية ضد مجهول دون محاولة تعميق البحث من أجل الوصول إلى الحقيقة كاملة. 4 - محمد المخاريق: أما ممثل القسم الرياضي لجريدة الاتحاد الاشتراكي بمكتب أسفي محمد المخاريق فتطرق إلى موضوع الندوة من خلال 3 محاور أساسية عنونها كالتالي : أ. بين موضوع الندوة و أرضيتها: اشكالية الإختيار والتفاضل. ب. الرياضة / التربية / المواطنة: تحديد المفاهيم بين التراتبية و الأولوية ج. المواطنة مدخل أساسي لمجتمع ديمقراطي حديث في مستهل كلمته، نوه المتدخل بجدية العمل والانخراط الفاعل للنادي الرياضي للكرة الحديدية باليوسفية في أفق مساهمته في الحراك الرياضي والتفكير بجدية في صياغة حلول بديلة للأزمة الرياضية بالمغرب على اعتبار أن مدينة اليوسفية مشهود لها تاريخيا بإنجاب الأبطال والبطلات في مختلف الرياضات الجماعية والفردية (جمباز / كرة الطائرة / نموذجا) ، لينتقل بعدها إلى مقاربة إشكال مركزي مفاده صعوبة الربط بين أولوية و راهنية مفاهيم الرياضة و التربية و المواطنة، محاولا الإجابة عن السؤال التالي: هل باستطاعة ممارسة الرياضة إنتاج مواطن يعي واجباته كما حقوقه؟ أم نعكس المعادلة و نتسائل عن حق المواطن في ممارسة الرياضة لكن بمواصفات و أهداف محددة؟أما ملخص المداخلة فقد كان عنوانها المركزي هو أن الرياضة في بلادنا، أصبحت أكثر من أي وقت مضى، في حاجة ماسة إلى قرار سياسي شجاع، مستغربا كون الرسالة الملكية الموجهة لمختلف المتدخلين في الشأن الرياضي سنة 2008 لم تجد الآذان الصاغية والضمائر الحية لجعلها خارطة طريق إصلاحية وزجرية لإيقاف النزيف الذي ينخر جسمنا الرياضي، مستحضرا عدة مفاهيم ومقاربات ونظريات خلخل من خلالها البركة الراكضة بالجامعات الرياضية ولوبيات الفساد التي تجثم على صدر الرياضة الوطنية، مؤكدا في ختام مداخلته على ضرورة العمل بالمقاربة التشاركية التي لا يمكن أن تستقيم إلا من خلال تجديد النخب والتقاء مجموعة من الإرادات، السياسية منها والمدنية والشعبية، المؤمنة بمفهوم الحكامة الجيدة في التدبير والتسيير والمراقبة للشأن الرياضي، ليختتم كلمته بالتأكيد على إلزامية واستعجالية تنزيل مقتضيات الدستور الجديد وخصوصا رافعته الأساسية والمتمثلة في ربط المسؤولية بالمحاسبة في أفق تحديد اختياراتنا بوضوح والتي لا يمكن إلا أن تصب نحو توسيع قاعدة الرياضة و دمقرطتها من أجل هدف وطني واحد يتمثل في القطع مع عصر مخزنة وعسكرة الجامعات الرياضية.