وزير: المحصول المرتقب من الحبوب للموسم الفلاحي 2024-2025 يصل إلى 44 مليون قنطار    تشييد مطار جديد بالدارالبيضاء وتأهيل شامل لباقي المطارات في أفق 2030    الذهب يتخطى مستوى 3500 دولار للمرة الأولى في تاريخه    للمرة الرابعة على التوالي: المنتخب الوطني المغربي للمواي طاي يتوج بلقب البطولة الإفريقية بطرابلس    الحكم المغربي رؤوف نصير يقود عدة نزالات خلال البطولة الإفريقية للمواي طاي    "أفريكوم" تؤكد مشاركة الجيش الإسرائيلي في مناورات الأسد الإفريقي    انطلاق أول نسخة لكأس أفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات اليوم الثلاثاء بالرباط    في رواقها بالمعرض الدولي للنشر والكتاب.. الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تستعرض حضور التراث المغربي في وثائقيات "الثقافية"    : ارتفاع الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك بنسبة 1,6 بالمائة    توقيف شخص بالبيضاء بشبهة حيازة وترويج المخدرات    طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة يطالبون وزير الصحة بالوفاء بالتزاماته ويستغربون تأخر تنفيذ الاتفاق    مصاعب في الجهاز التنفسي تدخل ملكة النرويج المستشفى    أكثر من 100 جامعة أمريكية تندد بتدخل ترامب السياسي في التعليم العالي    بوريطة: النسخة الرابعة للدورة التكوينية لملاحظي الانتخابات الأفارقة ستحقق قيمة مضافة للقارة    بنعلي: المغرب يطلق قريبا مناقصة لمحطة غاز مسال في الناظور لتعزيز أمنه الطاقي    تفاصيل انعقاد المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالقنيطرة    لقجع: لاعبو المنتخب لأقل من 20 سنة هم "مشروع " فريق الكبار في كأس العالم 2030    أندية كرة القدم بالمغرب تحت الضغط    الفاتيكان ينشر أول صور لجثمان البابا فرنسيس داخل نعشه    تأجيل المحاكمة الاستئنافية لمناهض التطبيع محمد بوستاتي ودفاعه يجدد طلب السراح    إسرائيل تمنع تطعيمات شلل الأطفال عن غزة.. 600 ألف طفل في خطر    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص "بونفور"    عبد الكريم جويطي يكتب: أحمد اليبوري.. آخر العظماء الذين أنجزوا ما كان عليهم أن ينجزوه بحس أخلاقي رفيع    لجنة تسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر مؤقتا تُكرّم نساء ورجال الصحافة والإعلام بالمعرض الدولي للنشر والكتاب    فيلم "زاز": حين يفرض السيناريو أبطاله قبل ملصق التسويق !!!    محكمة الاستئناف تؤيد الحكم الابتدائي في حق "إلغراندي طوطو"    باحثون: الحليب بدون دسم أفضل لمرضى الصداع النصفي    سجن زايو يرد على مزاعم سوء أوضاع النزلاء    الصفريوي: لا مفاوضات ولا نية للاستثمار في شيفيلد وينزداي الإنجليزي    جامعة كرة السلة توقف البطولة الوطنية بسبب أزمة مالية خانقة    جماعة العدل والإحسان الاسلامية تعزّي الكنيسة الكاثوليكية في وفاة البابا فرنسيس    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    تفاصيل جريمة بن احمد المروعة..    ابن يحيى تكشف عن المحاور الكبرى لمشروع بشأن السياسة الأسرية الاجتماعية    كيوسك الثلاثاء |مختبر مغربي يطلق تحليلات مبتكرة لتشخيص الأمراض الوراثية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    صحراء المغرب تنتصر في واشنطن    قتيل في غارة إسرائيلية بجنوب لبنان    السلطات الأمريكية تقاضي "أوبر" بتهمة غش المستخدمين    العاملون في القناة الثانية يحتجون ضد "غياب الشفافية" في التعاطي مع الأجور وتدبير المسار المهني    اختتام المرحلة الثانية من "تحدي الهاكتون أكادير 2030" بتتويج مشاريع شبابية مبتكرة لتحسين الخدمات الجماعية    فان دايك: جماهير ليفربول ستتذكر أرنولد في حال قرر الرحيل    تطوان تحتفي باليوم العالمي للأرض بتنظيم أيام تحسيسية حول الماء، الصحة والبيئة    هذه توقعات الأرصاد الجوية اليوم الثلاثاء بالمغرب    عميار يكتب عن المغرب والفلسطينيين    الصين وأندونيسيا يعقدان حوارهما المشترك الأول حول الدفاع والخارجية    ميناء طنجة: مفرغات الصيد البحري تتراجع بنسبة 5% خلال الفصل الأول من 2025    معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    ‬والآن ‬سؤال ‬الكيفية ‬والتنفيذ‬ ‬بعد ‬التسليم ‬بالحكم ‬الذاتي ‬كحل ‬وحيد ‬‮….‬    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعا مولاي عبد الرحمان لبصير ...حارس العيطة الحصباوية

في نعي الفنان عبد الرحمان لبصير الملقب ب«الترين» مازالت ترانيم وتره الصغير «السويسي» حاضرة بقوة ، تخترق جدار الصمت بفضاء قاعة الأفراح التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط بمدينة اليوسفية، ومازال شبح جسده الضعيف يؤثث منصة العرض، بجلبابه البدوي البسيط، وطربوشه الأبيض، ونعله التقليدي المتهالك الذي دك به خشبة القاعة في تناغم قل نظيره مع عيطة«الراضوني» التي أداها باحترافية عالية وجودة فنية أمام جمهور عاشق لفن العيطة احتشد ذات رمضان تكريما لرجل نذر حياته للوتر وإيقاعات العيطة على اختلاف ينابيعها .
إنه الفنان الشعبي مولاي عبد الرحمان لبصير العبدي، الملقب «بالترين»، الذي نزل نبأ وفاته على محبيه بمدينة اليوسفية كالصاعقة، نظرا لما تركه من انطباعات في نفوس عشاق التراث العيطي، ولما تحتفظ به ذاكرة المدينة عن هذه الشخصية البسيطة والعملاقة في آن.
نعم لقد فارق الحياة مولاي ع. الرحمان لبصير، في صمت ليتسلل خلسة إلى العالم الآخر، حيث سيلتقي بالرجال العظام الذين ودعناهم هذه السنة السوداء واحدا تلوى الآخر، ويلتحق بقافلة مبدعينا وفنانينا الذين سرقتهم منا المنون، ليعيد رسم الابتسامة على محياهم ... من أمثال المرحوم فريد الأطلس المرحوم السي محمد رويشة، والسوسدي ..وووو.... ولن يجد صعوبة في اقتفاء أثر الباحث السي بوحميد ليعيد رسم واستحضار صورة السي جلول والدعباجي وفاطنة بنت الحسين وآخرين، شاء القدر ذات ليلة قمرية من موسم الحصاد أن يجمعهم بمجال منطقة الحصبة وجمعة اسحيم وتحديدا بدوار أولاد بوعلام الذي رأى فيه النور سنة 1926 في كنف أسرة بدوية مرتبطة بالأرض والزراعة والفلاحة .
السي عبد الرحمان البصير الرجل الذي أدى العديد من الأغاني التراثية فأجاد وعزف فأتقن وأبدع ، حين تجالسه وتحدثه تكتشف عالما فريدا من البساطة والتواضع، مغرم بالنكتة وفن الضحك، إلى درجة أن مرافقه وصديق عمره الملقب بعبد الرؤوف المتخصص في إيقاعات العيطة على الطعريجة، كان دائم الحضور حنبا إلى جنب مع السي ع الرحمان لبصير، زارعا البسمة على محيا جمهور فن العيطة خلال سهراته مقلدا شخصية الفنان الكبير السي عبد الرحيم التونسي، سواء بالمهرجانات أو اللقاءات الخاصة أو في الحفلات والأعراس بالمنطقة.
السي عبد الرحمان لبصير فنان موسيقي شعبي عرف كيف يفتح آفاق التواصل بين كل الجهات بالمغرب، ضاربا كل الحواجز المصطنعة بين الدكالي والعبدي والأمازيغي بين العروبي والمدني، من خلال آلة الوتر والطعريجة ونكته الجميلة وتلقائيته في الذوبان مع كل مجايليه شيوخا وشباب نساء وأطفالا، فنانين ومبدعين ومثقفين.
فرغم إعاقة البصر وحرمانه من النظر استطاع أن يرسم طريقه بإحساسه المرهف، وصدق مشاعره وحبه وتفانيه في عشق تراثنا الجميل، عاش متوحدا وزاهدا في محرابه الفني مع آلة الوتر التي يعتبرها نبراسه وسراجه المنير في ظلمة الزمن الفني الرديء الذي قاومه بكل قوة، بحضوره وتجواله عبر كل مناطق عبدة وأحمر ودكالة ممتطيا صهوة وتره الصغير ضيفا وزائرا وسائلا عن محبيه الذين تقاسم معهم البساطة والمتعة في الأداء والحفظ إلى درجة تقديسه للنصوص العيطية بمختلف تلاوينها وأنماطها .
هكذا عرفت الرجل / الجبل بعد عدة جلسات فنية كان آخرها بمدينة اليوسفية رفقة العديد من الفعاليات الثقافية والفنية أذكر منهم الزجالين إدريس بلعطار ومحمد عزيز بن سعد، والفنان عبد الله ديدان، والفنان الكوميدي لكريمي، و أصدقاء جمعية تراث أحمر للتنمية والأعمال الاجتماعية باليوسفية، حيث يحكي دون ملل عن مغربات الزمان، وما صادف في حياته من مقالب ومستملحات دون أن تفارق الابتسامة وجهه الدائري كالقمر، المنحوت بتجاعيد وتقاسيم جغرافيا التهميش والإقصاء والحاجة .
رحم الله السي عبد الرحمان لبصير ، فنان العيطة العبدية، وينبوع التراث الشفهي والمحكي بالمنطقة، الذي ودعته مدينة جمعة سحيم في صمت دون أن يصل مساره الفني إلى عموم الشعب المغربي، رغم صيته الذائع عبر ربوع الوطن من خلال مشاركاته الفنية والإبداعية في العديد من المحطات الفنية، التي أدى فيها أجود الأغاني العيطية وأعقدها دون أن تتسلل إلى نظمها ولو كلمة واحدة ساقطة لأنه بكل بساطة كان ضد الرداءة التي أصابة أنماطنا الغنائية التراثية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.