رد حكيم من بوريطة.. إسكات استفزازات العالم الاخر ومسه بسيادة العراق    بنكيران وحزب العدالة والتنمية.. زعامة تتآكل وسط عزوف القيادات وهروب إلى المجهول    الصين: المغرب ضيف شرف النسخة ال11 لمؤتمر رواد الأعمال لمنتدى التعاون الصيني العربي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    تيزنيت : الوقاية المدنية و الهلال الاحمر درعا السلامة و الأمان ب"سباق النصر النسوي"    كيوسك الاثنين | قرار وزاري يضع حدا لتعقيدات إدارية دامت لسنوات    إقبال كبير على المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط في دورته ال30    المغرب يحل ضيف شرف على مؤتمر رواد الأعمال الصيني العربي بهاينان    المرزوقي يدعو التونسيين لإسقاط نظام قيس سعيد واستعادة مسار الثورة    المشتبه به في قتل مصلّ بمسجد في جنوب فرنسا يسلم نفسه للشرطة الإيطالية    لارام توسع شبكتها بإيطاليا لتربط مباشرة 7 مدن إيطالية مع المغرب    ثروة معدنية هائلة ترى النور بسيروا بورزازات: اكتشاف ضخم يعزز آفاق الاقتصاد الوطني    أجواء حارة في توقعات طقس الإثنين    انخفاض الذهب بأكثر من 1 % وسط تراجع التوترات التجارية    فريق نهضة بركان يتأهل لنهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    التنسيقية الصحراوية للوديان الثلاث وادنون الساقية الحمراء واد الذهب للدفاع عن الارض والعرض تستنكر… ارض الصحراويين خط أحمر    "منتخب U20" يواصل التحضيرات    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الإولي والرياضة تحتضن الدورة الثانية للمهرجان الجهوي الإبداعي    فوزي لقجع يهنئ نهضة بركان بعد تأهله إلى نهائي كأس الكونفدرالية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    حكومة كندا تستبعد "التهديد الإرهابي"    ابن كيران يشكل الأمانة العامة للبيجيدي من نفس الوجوه التي رافقته خلال سنوات صعوده وانحداره    أزروال يهنئ لقجع إثر تعيينه نائبا أولا لرئيس الكاف: "إنجاز مشرف ويعكس الكفاءة العالية والعمل المتواصل"    ابن مدينة شفشاون نوفل البعمري رئيسًا جديدًا للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان    عزيز أخنوش يختتم فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بزيارة ميدانية    درجات الحرارة تسجل ارتفاعا ملحوظا غدا الإثنين    الطالبي العلمي: "الأحرار" الحزب واعٍ بالضغوط السياسية والهجمات التي تستهدفه ويقود الحكومة بثقة    الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب يختتم فعالياته على وقع النجاح    الحسيمة تحتفي باليوم العالمي للهيموفيليا لسنة 2025 بتنظيم يوم دراسي وتحسيسي الحسيمة - فكري ولد علي    اجتماع تنسيقي لتفعيل مخطط عمل استباقي للحد من حرائق الغابات بجهة الشمال    والد لامين يامال: كنت مدريديًا… لكن برشلونة وفر لي لقمة العيش    الأوغندي أبيل شيلانغات والمغربية رحمة الطاهري يتوجان بلقب ماراطون الرباط    منصة رقمية تواكب منتجي الحبوب    الملك يهنئ رئيس الطوغو بعيد بلاده    25 قتيلا جراء انفجار بميناء إيراني    غزة: إضافة 697 شهيدا بعد التحقق    طنجة تحتضن اجتماع المجلس الإقليمي للاتحاد الاشتراكي استعدادًا للمؤتمر المقبل    حقيقة هجوم على حافلة بالمحمدية    بعد ارتفاع حالات الإصابة به .. السل القادم عبر «حليب لعبار» وباقي المشتقات غير المبسترة يقلق الأطباء    جريمة بن أحمد.. الأمن يوقف شخصا جديدا    9 صحفيين يحصدون الجائزة الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    الرباط: تتويج التلاميذ الفائزين بالدورة السادسة لجائزة 'ألوان القدس'    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    نهضة بركان يبحث بكل ثقة وهدوء عن تأكيد تأهله إلى النهائي من قلب الجزائر    مشروع ورش الدار البيضاء البحري يرعب إسبانيا: المغرب يواصل رسم ملامح قوته الصناعية    "المرأة البامبارية" تُبرز قهر تندوف    المديني: روايتي الجديدة مجنونة .. فرانسيس بابا المُبادين في غزة    الأمن يصيب جانحا بالرصاص بالسمارة    أدوار جزيئات "المسلات" تبقى مجهولة في جسم الإنسان    البشر يواظبون على مضغ العلكة منذ قرابة 10 آلاف سنة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزارة الثقافة ... و«العيون عينيا»
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 13 - 10 - 2012

لا نشك في وطنية وزراء ثقافة بلدنا الذي تعاقبوا على كرسي مسؤولية هذه المؤسسة المغربية إسما. كما تحمله من دلالة خصوصا في الجانب المتعلق بالعمق الإنساني، على عكس باقي الوزارت المتصلة بالإجراءات الورقية الجافة. ونفتخر بسمو أعمال بعضهم في مجال الكتابة والإبداع ككل.
نزل يوم السبت الأخير خبر عممته بعض الوكالات، يفيد بأن رئيس حكومة جزر الكناري «باولينو ريبيرو باوطي» ورئيس بلدية تينيريفي ومسؤولين إسبان، رقصوا في ذلك السبت (6 أكتوبر 2012) على أنغام أغنية «العيون عينيا والساقية الحمرا لي»، للفرقة الرائدة جيل جيلالة، خلال زيارتهم للرواق المغربي في معرض الصناعة التقليدية المنظم بتينريفي، وكان المسؤولون منسجمين مع أنغام هذه الأغنية التي تعني الكثير للمغاربة.
لا داعي لأعرف بجيل جيلالة أو ناس الغيوان أو غيرهم، من الأعلام الفنية التي أضحت عنوانا لبلدنا المغرب، لكن ما يثيرني إزاء وزراء ثقافتنا هو ما يحدث لفرقة جيل جيلالة، التي يتغنى الجميع بأغانيها. فإذا كان جلالة الملك، قد قام بالتفاتة إلى ناس الغيوان، فما الذي فعله وزراء الثقافة إزاء بعض الأعلام الفنية خصوصا جيل جيلالة.
خلال السيرة الذاتية التي نشرناها في أعمدة الجريدة، لمولاي الطاهر الأصبهاني، علمنا أشياء لم تكن تخطر في الحسبان. علمنا أن مولاي الطاهر وعبد الكريم قصبجي، بعد أن غادرهما محمد الدرهم، عاشوا أياما عصيبة، دون أن يلتفت إليهما أحد. علمنا أن زوجة مولاي الطاهر، مثلا، عندما توقف «الحال» على مجموعة زوجها، أخرجت آلة خياطة قديمة لتعمل عليها وتنقذ «مصروف» البيت اليومي، علمنا أيضا، أن مولاي الطاهر، حولته إحدى شركات الهواتف إلى «كلون» في رواقها بأحد المعارض، ولم يكن المكلف بالرواق الذي لا يصل سنه إلى 30 سنة يرحم أحد معالم فننا الوطني، حيث كان يدفعه لاستقبال الناس، بعد أن طلى وجهه بكل أنواع الصباغات ويطلب منه أن يغني لأطفالهم ويراقصهم. لم يكن يعلم ذلك المسؤول، أو تلك الشركة أنها «تمرمد» وجه الثقافة ووجه الفن المغربي، مقابل ريالات، احتاجها هذا الفنان الكبير في «حصلة الوقت»، جعلت غداءه في ذلك الرواق «فلوتة والطون».
أسر لي الصديق عمران، خلال صياغتي لسيرة مولاي الطاهر الأصبهاني (نجم مسرحية الحراز)، وأحد صناع الفن المغاير في بلدنا، أن مولاي الطاهر، اضطر للعمل في «الريكلام» لفائدة هذه الشركة خلسة من الجميع، حتى من ابنته الصغرى غيته، لكن مكر الصدف، جعل البنية غيثة ترافق والدتها إلى ذلك المعرض القريب من المنزل، للترويح عن النفس، فاستهواها هذا «الكلون» الذي لم يكن سوى والدها، تفاجأت الزوجة وسألت رب المنزل باستغراب «آش هادشي أمولاي الطاهر»؟!فأجابها «هادشي للي عطى الله».
رويت هذه الحكاية، لأزيل اللبس، عن مفهوم كان سائدا لدى المغاربة، جميعا وهو أن جيل جيلالة، لما عبأوا الشعب المغربي للانخراط في المسيرة الخضراء بالرائعة «العيون عينيا»، قد تم الإغداق عليهم، وأصبحوا مترفين.
لكن الحقيقة كما رواها محمد الدرهم في استجواب مطول مع جريدتنا، أوضح بأن الأغنية التي عبأت المغاربة، حولت جيل جيلالة، إلى فرقة غير مرغوب فيها من لدن بعض الأوساط، خاصة تلك المتحكمة في الوسط الفني خارج أرض الوطن. ففي السبعينيات والثمانينيات كان معظم منظمي السهرات بأوربا جزائريين أو يساريين متطرفين من دول أخرى، ما دفعهم إلى إخراج الفرقة من كل حساباتهم لفترة جد طويلة، نعتت خلالها الفرقة بكل أوصاف «الرجعية» مع مرور الوقت والسنين سيتضح للجميع أن هذه الأغنية «نقش» لا يزيحه غبار. وأصبحت عنوان معظم السهرات يتغنى بها كل المغنين حتى ضيوف المغرب من الفنانين العرب.
ما جعلني أتحدث عن وزراء الثقافة المغاربة، هو كون «شمعة» جيل جيلالة بعد أن مات محمود السعدي وفارقها الدرهم الذي أصبح يعمل في مجالات أخرى تعفيه من قاعة الانتظار، وبعد أن قرر الطاهري التوقف عن الغناء نهائيا، ظل يحملها رجلان وهما عبد الكريم قصبجي ومولاي الطاهر الأصبهاني رفقة شابين من مدينة طنجة، وهما سعيد «عازف السنتير» وجعفر عازف «البوسق»، هؤلاء وبفعل «سماسرة» المهرجانات أصبحوا من المبعدين عن مهرجاتنا الوطنية الكبرى، هكذا نرى في بضع مرجاناتنا، أن المتحكمين في الدواليب يستدعون من يغني «العيون عينيا» ولا يستدعون أصحابها. من مكر الصدف، أن جيل جيلالة، تعد من المقصيين الأساسيين عن أكبر مهرجان وهو مهرجان موازين، لكن فنانين من الغرب كفرقة «ديسي دانسن» التي يتم استدعاؤها إلى هذا المهرجان تصر أن تشاركها جيل جيلالة في عملها أمام جمهور الرباط. بمعنى أن جيل جيلالة تدخل هذا المهرجان، من البحر، رغم أن المهرجان لا يبعد عن أنفها. كذلك الشأن بالنسبة للعديد من المهرجانات.
عندما انتهت الثورة في تونس، وبدأ الاعداد لعهد جديد، استضاف المسؤولون هناك طيلة شهر رمضان ما قبل الماضي مجموعة جيل جيلالة، للاحتفاء، وسطرت لها مجموعة من السهرات في كل ربوع تونس، ليستمتع التونسيون بأغانيها وعلى رأسها «العيون عينيا»، وهذه مفخرة للمغاربة، لكون التونسيين فضلوا فرقة مغربية على باقي الفنانين العرب الذائعي الصيت. لدى عودتها ظلت الفرقة في حالة عطالة إلى أن استدعتها الأميرة الراحلة لالة أمينة، التي دأبت على استضافة جيل جيلالة وزمرة من الفنانين طيلة سنوات خلال مهرجان أسبوع الفرس، المهرجانات تتراقص، أمام أعين المجموعة، ولا من دعوة، إلا إذا ما تدخل صديق لدى صديق مسؤول لدعوة الفرقة، بمعنى أن الفرقة أصبحت تنتظر «التدخلات» للمشاركة في مهرجان مغربي.
لكن ما يتلج الصدر، أن الاعتراف يأتي من وراء البحر، من خلال دعوة الفرقة للمشاركة في دول أوربا، حيث التدخلات لا معنى لها والمضاربون الجدد في الثقافة المغربية لا وجود لهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.