قبل الخمسينات هُنا في الأرض التي يقع عليها دوار?الكْوارة? الصفيحي بحي يعقوب المنصور بالرباط، كان يستقر مبنى كَبير مُخصص ليلاً لاحتضان خيول و حَمِير العربات المجْرُورة. لعل ذلك بالضبط، السّبب وراء تسمية الناس قَديماً للدوار بِاسم الكْوارة. مع مطلع الستينات سيهُدّ هذا الإسطبل إلا أسواره، التي ستستدير التجمع العشوائي في نفس العام . الدوار ضم في الأول، عددا قليلا من الناس. الأعوام تمرّ، عشرات من هنا... عشرات من هناك... ، اليوم صَارت لديك المئات تعيش داخل مبنى الإسطبل المذكور. على الرغم من اعتماد الناس له في السكن بعد خروج الدواب منه لم يتغير فيه لأجل ذلك أي شيء، عدا القصدير الذي عمّه عن آخره، ما وقع إجمالاً،رحلت الخيول و الحمير عن المبنى الكَبير إيّاه وجاء البشر أخذ مكانهم فيه! . السلطات المحلية في إطار القضاء على السكن العشوائي كانت قد أحصت السكان بالدوّار سنة 2007، على أساس أن تُسلمهم بُقعا أرضية أو شققا صغيرة في عين عودة مقابل مبلغ مالي رمزي لا يتجاوز الخمسة ملايين للشقة أو البقعة حسب ما أكّد لنا السكان . السلطات منذ أن أحصتهم لأجل إفراغهم الدوار لم ترجع عندهم على الإطلاق،الناس بقوا ينتظرون منذ ذلك الوقت. جزء مِنهم فقد الأمل في وعود السلطة بشأن إسكانهم، و جُزء آخر يرفض أصلاً فكرة السكن بعين عودة أو أي مكان يقع خارج يعقوب المنصور، ذلك أن حوانيت حرفهم المُدِرّة دراهم العيش عليهم تتواجد بالقرب من دوارهم بالحي نفسِه ،مما سيتسبب في حالة سكنهم بِعين عودة، في زيادة مصاريف النقل من عين عودة إلى محلاتهم بيعقوب المَنصور ،هذه المصاريف التي يؤكدون أنّهم لن يدفعوها في حالة ما إذا مُنحت لهم البُقع الأرضية أو الشقق بالقرب من محلاتهم . الدوار له واجهتان،واجهة تطل على شارع المُستقبل و واجهة أخرى تطل على شارع الشبانات. من الناحية المُطلة للدوار على شارع المُستقبل ، تلتصق به 6 حوانيت للحدادة و 3 مستودعات واسعة لصنع مواد البناء، أصوات المطارق الصّادِرة عَن محلات الحدادة وأصوات دك الحجر المُتفَجِّرة مِن مُستودعات صنع مواد البناء التي تُسمع مِن بَعيد جِدا عن الدوار،تُسبب ضجيجاً غير محتمل لسكانه، النّاس هنا تحيا صباحا ومساءً مع ?طقطقات? المطارق. أمراض الجهاز السمعي و العصبية الزائدة تتنامى فِي خَفاء بين سكان الدوار بقدر تعرضهم الطويل والمتكرر للضجيج !. الطريق المستخدمة من طرف السكان كَثيراً، هي طريق ?الطّلعة ديال لكوارة? كما يُسمِّيها أبناء الدوّار . الطريق بالتحديد المُوصلة من شارع الشبانات إلى شارع المستقبل وأيضاً العكس، في فصل الشتاء تتحول الطريق إلى طريق مُوحلة بالبرك بسبب غياب قنوات الصرف الصحي،،،إذا حفرت على أرض هذه الطريق بِعمق عشرة سنتمترات فقط ستُطالعك عشرات الأنابيب البلاستيكية،،الأنابيب مُتصلة مباشرة مع السقاية الوحيدة بالدوار و موزعة تحت الأرض نحو البراريك. عندما يكثر الضغط على التزوّد بالماء يحدث كثيراً أن تنفجر هذه الأنابيب?أُنظر الصورة!?. أُنبوب صغير من الأنابيب المُمرِّرة للماء إذا انفجر،،الدوار القائم على أرض ?غير مُستوية? كله يَعلم ذلك قبل انتشار الخبر بالألسن!،الناس هنا ،يعون جيدا أن أنابيب المياه إيّاها تنفجر بين كل وقت وآخر،صارت قاعدة لهم. الماء لا يحصلون عليه إلاّ في ظروف قاسية ، تُشبه كثيرا ظروف حصولهم على الكهرباء الذي يأخذونه من كل أعمدة الإنارة الموجودة بداخل الدوار و بِجوانبه، أعمدة الإنارة من التي ترجع إلى ?أيام زمان? هنا، تتطاير من أغلبها شرارة التماس الكهربائي على الأرض في كل مرة تتساقط فيها الأمطار،في فصل الشتاء يعم الشعور بالخوف نفوس سكان الدوار من أن يُأذوا من الأعمدة أثناء سيرهم بالقرب منها. تظل عُيونهم مُنتبهة لها في سيرهم بأزقة الدوار مع كل تساقط كثيف لزخات المطر!. إلى جانب ما يتكبده ِرباطيو دوار الكوارة في فصل الشِّتاء، في فصل الصّيف، يعانون إضافة إلى ، الحرارة المُفرطة داخل بيوتهم القصديرية،من زحف العقارب و الثعابين الصغيرة على جدران منازلهم العشوائية،،، العقارب و الثعابين تهجم عليهم من داخل مقبرة ?الشبانات? التي فقط لأنها لم تعد تُعتمد لدفن الموتى،هُمّشت وامتلأت بالأزبال و الأشواك و النباتات المتوحشة، الشيء الذي هيأ المناخ لتنامي هذا النوع من الزواحف بالمقبرة التي تلتصق بالدوار الذي يعيش وضعية لاإنسانية فيما يتعلق بواقع انتشار الروائح النّتِنة بين دروبه بشكل لا يُطاق،الروائح الكريهة التي يشمها أبناء الدوار في كل مكان بينهم،نتيجة تكدّس الأزبال بجوانب عتبات أبواب براريكهم و بمحاذات مسجد السلام الوحيد بالتجمع الصّفيحِي!،وذلك بسبب عدم دخول عمال النظافة لجمعها. عُمال النظافة الذين يشرعون في عملهم بعد غُروب الشمس بيعقوب المنصور لا يَلِجُون دوار الكْوارة بسبب انتشار الظلام به مع حلول الليل، الظلام الناتج بشكل مُباشر عن غياب مَصابيح أعمدة الإنارة العُمُومية. لأن الإنارة غائبة بالدوار ،فلذلك شباب تجمع الكوارة هو الذي يقوم بِعمل عُمال النظافة الذي من الطبيعي و من حقهم، أن يرفضوا تأدية عملهم إلا في الظروف المواتية التي تسمح بذلك.. شباب دوار ?الكْوارة? ومُواطنيه كُلّهم، لا يُعانون فقط المشاكل عندما يكونون داخل دوارهم، نعم الفقر و الشعور بالحِرمان يتبعهم أينما ذهبوا لا شك في ذلك، لكن أكثر الأشياء التي تبقى تقتل الثقة بالنفس فيهم و تُعمِّق فيهم الإحساس بالحكرة و لو ابتعدوا عن دوارهم بمئات الأميال والتي لا يشعر ضغينتها إلاّ هم، هي، اسم دوارهم ذاك ?الكوارة? الذي ينقص من قيمتهم، عندما تُقرأ عناوين سكنهم في بطائقهم الوطنية عندما يستدعي الأمر ذلك، في ?السيفيات? أيضاً المُقدمة إلى الشركات. أمام رجال الأمن..، وفي كل مناسبة مثل هذه يُنظر إليهم نظرة خاصة تُلغى فيها المساوات حُيالهم في الكثير من الأحيان. ... رجال المصالح الأمنية بيعقوب المنصور يرفضون إطلاقاً كتابة أية شكاية لسكان دوار ?الكْوارة?، يقولون لهم، إذهبوا إلى وكيل الملك لتقديم شكاياتكم لا تأتُوا عندنا إذا وقع لكم شيءرجال الأمن بيعقوب المنصور في لاشُعورهم ،ترسّخ رفض دفين لأبناء الطبقات المسحوقة !،رفض الشكايات و التقليل من مستوى الناس هو الشيء العادلين فيه بصرامة حيال فقراء العشوائيات بيعقوب المنصور ،مِن دوار الكوارة و من غيرها من الدواوير المتواجدة هُنَا ... مشاكل مُهينة كل الإهانة تلك التي يعيشها سكان دوار »الكْوارة« بحي يعقوب المنصور بمدينة الرّباط ،الفقر،القصدير،الإسطبل، ضجيج المطارق، العقارب،الصعوبة في الوصول إلى الماء الشروب و الكهرباء، الأزبال، العُن