أثارت وفاة الشاب محمد عقيل، يوم السبت 16 شتنبر 2012 بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، استياء كبيرا بين سكان المدينة القديمة إثر وفاته بسبب تناوله لمادة المعجون المخدرة (المراون). الحادث أثار مخاوف الأسر بالمنطقة على حياة أبنائها المهددين بالإدمان والجنون ثم الموت نتيجة التسمم بهذه المادة الخطيرة التي أصبحت تروج في واضحة النهار بكل دروب وأزقة المدينة العتيقة، والتي أصبح لها اختصاصيون من الرجال والنساء الذين أغرقوا سوق المخدرات المزدهر، سواء داخل أو خارج السور، بهذه المادة القاتلة. توفر هذه المادة وبكميات كبيرة جعل تعاطيها سهلا بين الكبار والصغار من الجنسين بسبب سهولة الحصول عليها وتنافس المنتجين على كسب عدد أكبر من المستهلكين بالتفنن في تنويع المواد المستعملة فيها والتي تحدث تأثيرا أكثر ودوخة أسرع. يقول أحد سكان زنقة التناكر: «المنتجون كثيرون... هناك امرأة بدرب العروسة بزنقة التناكر تزود المراهقين والشباب بهذه المادة هي وأبناؤها وبناتها وأخرى بباب الجديد، وهناك شاب بدرب أزمور داخل السور يشاع أنه هو من باع المراون للضحية محمد، وهو الآن في حالة فرار بعد أن سمع بوفاة هذا الأخير. كما أن هناك آخرون خارج السور ببوسبير ودرب الطاليان وبوطويل». وعن ذلك تقول إحدى الأمهات موضحة: «أصبحت مقاهي المدينة القديمة سوقا للمخدرات بكل أنواعها من كيف وحشيش ومعجون وأقراص وشيشة. الأخطر أن الكل الآن أصبح يتعاطى لهذه الأنواع بنات من 13 إلى 17 سنة يتعاطين لكل هذه الأنواع وليحصلن عليها يبعن أجسادهن من أجل قطعة حشيش أو حبة من حبوب الهلوسة. جل مقاهي المدينة القديمة أصبحت نقطة للتبضع، تبضع المخدرات والبنات الجالسات على الأرصفة أمام المقاهي لتصيد الزبائن منهن الحبلى ومنهن المبتدئة ومنهن المحترفة. وعندما تدور الرؤوس وينفلت الزمام يبدأ الشجار على قطعة حشيش أو كأس خمر أو على صبية، فينطق اللسان بالكلام الساقط ثم تنطلق المعارك وتسل السيوف والخناجر والسكاكين بين الشباب وشفرات الحلاقة بين الفتيات طيلة الليل. مرات عديدة بلغنا الشرطة بذلك لكنها لا تحرك ساكنا. أما مدارس مدينة الدارالبيضاء، فقد أصبحت، هي الأخرى، مراكز تجارية لبيع كل أنواع المخدرات على شكل كيك أو حلويات أو غريبة أو قطع شكولاطة...». أحد الشباب يستعرض المواد المستعملة في خلطة المعجون: «يستعمل المنتجون في المراون مواد كثيرة وخطيرة كزريعة الكيف، الحشيش،قطرات الدواء التي يشربها المتخلفون عقليا والمنغوليون والمرضى العقلانيون أقراس الهلوسةوالأقراص الخاصة بالمرضى العقلانيين والنفسانيين وبعض المحدرات. وكذا الحشرات مثل الصراصير التي تحمر ثم تطحن بالإضافة إلى بعض الأعشاب كالحرمل والخشخاشة وغيرها من المواد المخدرة والمدوخة. والأخطر أن الكل أصبح يصنعها سواء الحرفيون وغير الحرفيين لما تذره من أرباح، مما يجعل هذه المواد المستعملة بكميات غير مضبوطة وزائدة مضرة، بل قاتلة، حيث تعرض صحة وحياة مستهلكيها لخطر التسمم ثم الوفاة. وفي أحسن الأحوال الإصابة بالجنون». وبحنق شديد تشرح إحدى الأمهات: «إبني وقع ضحية لهذه المواد، فهو الآن مريض عقليا نتيجة إدمانه على استهلاك وتناول هذه المواد السامة. نعيش معه عدة مشاكل نحن والجيران بسبب تعاطيه لهذه المواد التي يجدها في متناوله بالدرب. تصنع المخدرات وأنواع المعجون وتروج بالمدينة القديمة... فكل درب بالمدينة القديمة به مروج أو اثنين والسلطة تعلم بذلك، لكنها لا تحرك ساكنا... على الأمن أن يتحمل مسؤوليته، فكل المقاهي داخل سور المدينة القديمة تستهلك فيها المخدرات والشيشة ويتجمع فيها المنتجون والمروجون والمستهلكون من جل أحياء الدارالبيضاء حتى رجال البحرية الملكية يتعاطون هذه الأنواع. لقد ذاع صيت المنتجين والمروجين بالمدينة القديمة بكل ولاية الدارالبيضاء الكبرى، حيث يقصدها المستهلكون لتسوق هذه المواد فكيف لا يعلم جهاز الأمن بذلك؟». وتضيف شابة: «تمثل المقاهي أكبر خطر على المراهقين، فهم يرتادونها للتفرج على مباريات كرة القدم مع أصدقائهم ويرفضون التفرج في المنزل، مما يجعلهم فريسة سهلة لمروجي المخدرات والشيشة. وأخي واحد من هذه الفرائس لولا تداركنا الأمر وتدخلنا في الوقت المناسب منذ بداية تعاطيه للمخدرات بعد إخبارنا بالأمر من طرف أحد أصدقائه المخلصين». إحدى السيدات اللواتي عزين أهل الضحية محمد عقيل تعاني من نفس المشكل بالحي الذي تقطنه بزنقة البكري قرب إحدى المدارس الخصوصية، تحكي: «لا ننام ليلا بسبب تجمع المراهقين والشباب ليتحششوا ويسكروا بالشارع، لأن أحد الشباب القاطن بالمنطقة يزودهم بهذه المادة بعد أن ألقي القبض على أخيه، بل إنه يزود تلامذة المدرسة التي أصبح جل تلامذتها يتعاطون للمخدرات». وعن الضحية محمد عقيل من مواليد 08/03/1990 تحكي والدته: «عشية يوم الجمعة 15/09/2012 شعر ابني بآلام شديدة في رأسه وبطنه. وفي السابعة والنصف أخذناه إلى مستشفى مولاي الحسن ، حيث تم إسعافه وغسل معدته. لكن الطبيب أخبرنا بضرورة نقله إلى المركز الاستشفائي ابن رشد، نظرا لخطورة حالته، إذ تعرض لعملية تسمم خطيرة وكان يتقيأ. وفي مستشفى ابن رشد تم تقديم الإسعافات له وكان في حالة اصفرار شديد وحالة غيبوبة، حيث توفي صباح يوم السبت على الساعة الثالثة صباحا». وعن أسباب التسمم تقول: «إنه تناول كمية كبيرة من المعجون كانت سببا في وفاته حسب تقرير الطبيب الشرعي الذي أكد أن ابني يتمتع بصحة جيدة ولا يعاني من أي مرض وأن سبب الوفاة تناوله مواد سامة». أسرة الضحية محمد عقيل تطالب بفتح تحقيق في الواقعة لمعرفة من تسبب في قتل ابنها حتى لا تذهب روحه ضحية إهمال أو تقصير من طرف المسؤولين عن أمن المدينة. وحتى لا تتكرر نفس الواقعة مع مراهقين وشباب آخرين يذهبون ضحية جشع مروجي المخدرات، وحتى لا ينجو الجاني من العقاب... وقد علمت الاتحاد الاشتراكي أن رجال الأمن بالدائرة الأولى قد تمكنوا من إلقاء القبض على المشتبه بأنه هو من باع المعجون للضحية محمد عقيل. ويشن رجال الآمن بالمنطقة، منذ أيام حملة مكثفة، سواء داخل أو خارج سور المدينة القديمة ضد مروجي المخدرات ومنتجي أنواع المعجون، حيث تم منذ أسبوع إلقاء القبض على أحد كبار مروجين وصناع هذه المواد القاتلة خارج سور المدينة القديمة.