إن المتتبع للشأن الرياضي بالمغرب منذ عقود ليقف أمام حقيقة صادمة تتمثل في شح الإنجازات و ضعفها مقارنة مع ما يكلفه هذا القطاع للدولة من مصاريف ، و لحد الساعة فإن الحصيلة كانت ضعيفة جدا ، إذ على مستوى كرة القدم مثلا لم يحصل المنتخب المغربي إلا على لقب إفريقي واحد سنة 1974 بأديسا بابا ، كما سجل أربع مشاركات في كأس العالم كان أفضلها تلك التي عقدت بالمكسيك سنة 1986 ، و تأهل لنهائيات كأس إفريقيا بتونس سنة 2004 و خسر المباراة النهائية و لكن بشهامة . و فيما يخص ألعاب القوى ، سجل بعض العدائين نتائج مهمة في العديد من الملتقيات الدولية الأولمبية كسعيد عويطة و هشام الكروج و نزهة بودوان و خالد السكاح و غيرهم ممن رفعوا راية المغرب عالية و شرفوا وطنهم . كما عرفت بعض الرياضات كالملاكمة مثلا نتائج إيجابية . إلا أن المحللين يرون أنه منذ سنة 1998 ، أخذت الرياضة المغربية تعرف تراجعا ملموسا إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه الآن من نتائج كارثية يندى لها الجبين ، مست مختلف الرياضات الجماعية و الفردية و نخص بالذكر كرة القدم التي مني من خلالها المنتخب المغربي بهزيمة نكراء أمام منتخب الموزنبيق بهدفين لواحد ، و كذلك رجوع المنتخب الأولمبي لألعاب القوى خاوي الوفاض إلا من ميدالية برونزية يتيمة ، من أولمبياد لندن التي عقدت مؤخرا ، و الأمر يسري على باقي الرياضات الفردية و الجماعية ككرة السلة و كرة اليد و غيرها. و نتيجة لتشعب الأزمة بالشأن الرياضي بالمغرب ، فإن سؤال الحكامة الإدارية و المالية يطرح بحدة و يجعلنا نتساءل عن أسباب ضعف مرد ودية الرياضات الجماعية و الفردية بالمغرب و سر تراجعها ؟ و هل يمكن اختزال فشل الرياضة المغربية في ضعف مدرب معين و عدم تحقيقه للنتائج المطلوبة منه ؟أم أن الأمر يتجاوز مشكل المدربين و يحتاج إلى معالجة شاملة لمختلف الإختلالات التي تعاني منها الرياضة المغربية ؟. يجمع مختلف المتتبعين للشأن الرياضي بالمغرب أن هذا الأخير يعرف أزمة خانقة تتمثل أسبابها في وجود خلل كبير في طريقة تدبير الشأن الرياضي بالمغرب ، و يمكن توصيف هذا الخلل بسوء التدبير الإداري و الفني و التقني في الشق الأول ، وفي الشق الثاني سوء التدبير المالي . و على مستوى الشق الأول ، تعرف جل الرياضات المغربية تهميشا للأطر الرياضية الإدارية و الفنية و التقنية الكفؤة و ذات الحس الوطني ، فيما يفضل المسؤولون عن القطاعات الرياضية التعاقد مع أطر أجنبية تكلف غاليا ميزانية الدولة ، و تعكس سيادة ظاهرة خطيرة تسمى "بعقدة الأجنبي" حتى ولو كان هذا المدرب غير ذي مردودية كما حدث مع مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم غريتس الذي أثبت وجود ارتباك و ارتجالية في التسيير لدى المسؤولين عن الجامعة المغربية لكرة القدم و لدى الوزارة الوصية ، وصل الأمر إلى درجة مخالفة العقد المبرم مع غيريتس للدستور المغربي الذي يعطي الحق للمغاربة في الإطلاع على مختلف المعلومات بمؤسسات الدولة ويدعو إلى الشفافية و الحكامة الجيدة للشأن العام و يشجع الديموقراطية التشاركية التي لاتقصي أحدا و كذلك مخالفة أو الكذب على الفيفا زورا بالقول أنها تمنع البوح براتب المدربين إذا ما شمل العقد ذلك . و قد أثار هذا الموضوع ضجة كبرى و نقاشا وطنيا, و الأصل فيه مخالفة الجامعة المغربية للدستور و للأعراف الدولية وللشفافية و استخفاف بعقل المواطن المغربي و هذا أكبر مثال على الارتجالية و غياب الاحترافية و سوء التدبير الإداري و المالي للشأن الرياضي . كما تعاني مختلف الجامعات و الاتحادات الرياضية من اختلالات تنظيمية و قانونية و إدارية و فنية ، و سيادة المحسوبية و الزبونية في اختيار الأطر الرياضية المسيرة لها ، ضدا على مبادئ الكفاءة و الاحترافية و المصداقية و الحس الوطني ... كما أن التدبير الإداري لمختلف هذه الجامعات يفتقر إلى الديمقراطية و الشفافية و يتغلب عليه البيروقراطية و هو مايؤثر سلبا على مرد ودية الرياضة المغربية . و لعل وضع الإتحاد المغربي لكرة القدم لخير مثال على التجاوزات القانونية التي أدت إلى وجود الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب . كما تفتقر جل هذه الجامعات و الاتحادات إلى منهجية علمية و احترافية ترقى بالشأن الرياضي إلى المستوى اللائق ، و لازالت معظمها تنهج أسلوب العمل الاعتباطي الذي لا يستند للعلمية و للمرد ودية . كما يعرف المغرب هشاشة البنية التحتية للمراكز الرياضية و غياب التجهيزات الرياضية و الطبية و غياب برنامج التغذية الرياضية و الأخصائيين و الأطباء في مجال الرياضة .هذا و تعرف الرياضة المغربية سيادة آفة المنشطات التي برزت بشكل أساء للمغرب في الألعاب الأولمبية الأخيرة التي جرت في لندن دون أدنى محاسبة للمسؤولين عنها و في غياب أي صرامة تجاههم. أضف إلى ذلك ضعف مستوى تكوين و تأطير القائمين على الشأن الرياضي بمختلف هده الجامعات و الاتحادات الرياضية بالمغرب في مختلف التخصصات الفنية و التقنية ، و تهميش غير مفهوم و لا منطقي للرياضيين القدامى الأكفاء الذين حققوا نتائج إيجابية في مجالهم الرياضي و شرفوا وطنهم الغالي . كما نسجل عدم العناية بالفئات الصغرى و الشابة في جل الرياضات بالمغرب و غياب المدارس الوطنية التي ينبغي آن تكون خزانا للأطر الرياضية اللامعة في مختلف الرياضات ، و عدم تتبع الرياضيين منذ صغرهم حتى يتحولوا إلى كفاءات و طنية . قرأت قصيدة في آخر مشاركتي، اعترافا بفضل الثورات العربية، لكن من دون تهييج فارغ. اللعبي اختار قصائده الخفيفة، وقراءات الوساط كانت سريالية، يوسف وهبون اختار كتابة قصائده عن لوحات ما حي بينبين، وسعيد عبد الهادي كتب في القصيدة الحديثة. وقد استقبلتنا دار الفنون في الرباط مشكورة. } هل للتظاهرة برنامج تفصيلي؟ وما علاقة التظاهرة العالمية بالحراك في المنطقة؟ في نفس الساعة، وفي أماكن مختلفة من مدن ومداشر العالم، موجود حفل شبيه بذلك الذي نظمناه الليلة، نحن احتفينا بهذا الحدث في سياق ما انتج الربيع العربي، وألهم الناس عبر العالم، وخرجت الآن مظاهرات ضخمة في أمريكا واسبانيا، تفترض في نفسها أنها تستنسخ التجربة. لكن وجب أن ننتبه إلى أن الاحتفال بالتغيير، لا يفترض أنه تغيير سياسي أو اجتماعي بالضرورة، بل التغيير متنوع جدا، حتى ليكون في شكل رؤية العالم، فنحن حتى ولو افترضنا أننا نناصر كل اشكال التغيير، مع الإقرار بأن قدراتنا محدودة، وأن مدى كلماتنا محدود أيضا. } ألا ترى أن الفعل، كان أكثر محدودية حين لم تسبقه الكلمات؟ ربما، من الأشياء التي تعاب على 20 فبراير، هي عدم حضور البعد الثقافي، الذي كان مفترضا أن ينال حصة الأسبقية. وجب أن نعي أيضا، أننا لم نستغل اللحظة لحدودها القصوى، عبر النقاش عن قضايا التغيير نفسه، كموضوع المرأة أو حتى الدستور، نفسه، المسألة الثقافية مازالت غير مطروحة للنقاش الوطني المفترض وأن توضع عنه توصيات. }المثقف في نظرك، هل استوعب ما يجري حوله أم أنه فاته القطار؟ يمكن أن يستوعبه، لكن وجب أن نعي أن المغرب، كان يعيش فراغا كبيرا ، كان المثقفون وكأنهم تأزموا من الوضع السائد وانكمشوا، وأعادتهم 20 فبراير لنقاش القضايا داخل المجال العام. } كيف يمكن أن تلخص فكرة التظاهرة؟ التظاهرة خصوصيتها أنها تربط الشعر بالتغيير، فتهتم بوظيفة الشعر السياسية أيضا ، التعبوية بصفته حاضرا في القضايا الكبرى للإنسانية، مثل الحرية ورفض الاستبداد، وهذه هي خصوصية هذه التظاهرة التي كانت قد انطلقت من كولومبيا، إذ هناك مهرجان عالمي للشعر، سبق أن ساهمت فيه شخصيا منذ سنوات، قد أطلق فكرة 100 ألف شاعر من أجل التغيير، عبر مبادرات فردية على أي حال، لا تمولها أي جمعية أو مؤسسة رسمية أو غير ذلك، أي أن على الشعراء أن يأخذوا المبادرة، كل في بلده، لينظموا قراءات في المدن والارياف.. في المغرب الصديق الشاعر عبد الهادي سعيد أخذ المبادرة، حيث سبق أن نظم في فاس وأغادير السنة الفارطة وانضافت هذه السنة الرباط. } ألم يكن الشعر غائبا عن »الربيع العربي« وشكل ذلك إلى حد ما سبب النكسات التي لا يزال يعيشها؟ أنا أحس بنوع من الحسرة، إذ مثلا في خضم حركة 20 فبراير، وهذا شيء مألوف، في الحركات السياسية، لم تحاول ربط القضايا السياسية، بمسألة الثقافة والإبداع، ومساهمة المفكرين والمبدعين. أنا لا أقول أن الأمر كان إقصاء من الشباب، بل هناك تجاهل أو عدم الوعي الكافي بهذا الرهان؛ الربط بين الثقافة والفكر وما بين الحركات السياسية التي تهدف الى التغيير السياسي، والنضال من أجل الحريات والمواطنة، ومناهضة الاستبداد، وهو نقص موجود تاريخيا في الوعي السياسي، وكنت أكرر ذلك في كتاباتي في السنوات الأخيرة، ملحاحا، بهدف الوصول إلى حركة مواطنة جديدة، تستطيع قيادة مشروع ديمقراطي جديد، تجدد فعلا الممارسة السياسية، وتربط ما بين السياسيين والمجتمع المدني والمثقفين والمبدعين ،لأني أعتقد أن هذا التداخل، هو الذي يمكن في المستقبل أن يفتح الآفاق، لبروز قوة مواطنة رائدة في الحقل السياسي. } ما رأيك في أن مجموعة من شباب الحراك، أطلقوا مشاريع للقراءة والنقاش ومسرح الشارع؟ هذا شيء جيد جدا، وأنا مع مثل هذه المبادرات، و أؤكد معها وجوب فتح الحوار، لعل الحركة كانت مرهقة في مرحلة معينة، وهذا شيء طبيعي ومشروع، ولكن في وقت النضج، وجب أن يتجاوز الإنسان الاحتجاج والمطالب إلى البناء، لصرح جديد، وهو بناء يتطلب مجهودا على صعيد الفكر، وانفتاحا على كل القوى الموجودة، التي من الممكن أن تساهم، إن في الرؤية أو في الممارسة، نظرا للخبرات المختلفة التي راكمتها. } ما رأيك في مشروع مائة ألف شاعر من أجل التغيير؟ إنه مشروع عالمي، ونحن سعداء لأن الرباط أيضا تشارك هذه السنة، وسعداء جدا بمشاركة السي عبد اللطيف اللعبي الذي قبل المشاركة مع شعراء غير معروفين بدرجة كبيرة. بُعده العالمي يُمكن أولئك الشعراء من الانتشار والإشهار لأعمالهم، وإعادة إحياء صلة الشعب المغربي مع الشعر.. لقد سمعنا قصائد جميلة باللغتين، وأتمنى أن تكثر مثل هذه الأنشطة، حتى نلاقي بعضنا البعض والجمهور . } اخترت في مهرجان للشعر "من أجل التغيير"، قراءة أشعار تتغنى فيها على لوحات الفنان ماحي بينبين، ما العلاقة؟ لأن ماحي عنده لوحات تجعلني أسافر بخيالي، ويمكن قراءة تلك القصائد دون الإطلاع على اللوحات. هي تؤثر فيّ بشدة، وقد قمت بكتابة خواطر شعرية بالتفاعل معها، خرجت من لوحاته وحاولت ترجمتها إلى لغة الكلمات. } في حدث يتغنى بالتغيير، أنت اخترت قصائد يحضر فيها الخمر، ما علاقة الثورة والربيع العربي بالخمريات؟ أظن أن في الأمر مبالغة، لعله ذكر مرتين بطريقة مباشرة، سبب ذلك أن الشعر دائما يتغنى بالخمر، أما عن علاقة الشعر بالتغيير فأنا أعتقد أن كلمة "التغيير" تبقى كلمة شديدة العمومية، تتطلب العديد من الأسئلة، أهمها أي تغيير نقصد، فكل طرف يفترض أن التغيير هو ما حسب مزاجه، والأكثر من ذلك فالتغيير قد يكون حالة نفسية، حتى إذا شربت خمرا والتقيت بالأصدقاء، فأنت تشعر بالتغير في داخلك.