يعيش المستشفى الإقليمي الحسن الثاني بخريبكة، حالة استثنائية بكل المقاييس نتيجة الفوضى العارمة في كل المجالات، ورغم مجهودات النقابات الصحية وعلى رأسها النقابة الوطنية للصحة (ف.د.ش) فإن هناك هروبا جماعيا للأطر الصحية وخاصة الأطباء الاختصاصيين من القطاع العام إلى القطاع الخاص ،وبالتالي فقد المستشفى 8 أطباء في التخصصات التالية: الجراحة العامة (1/3) المسالك البولية (2/1)، القلب والشرايين (2/2) ، الأنف والفم والحنجرة (2/1) الأمراض النفسية (2/1)، الراديو (2/1)، والصيدلة (4/1)وذلك عن طريق الاستقالة أو التقاعد النسبي، مما أثر سلبا على الطاقم الطبي، بل إن جناح أمراض القلب والشرايين تم حذفه نهائيا، وأصبح المستشفى الإقليمي بدون جناح لذلكالتخصص ونعرف أهميته القصوى في العمليات الجراحية ومتابعة لمصابين بالأمراض المزمنة وحوادث السير، وكان الجناح متميزا في السابق خاصة أنه كان مؤطرا بطبيبتين اختصاصيتين استفادتا من التقاعد النسبي ...كما أن الأطباء الصامدين يعانون من الاكتظاظ وخاصة في الأجنحة التي تتوفر على طبيب واحد ويصعب عليه تلبية حاجيات المرضى والزائرين...ومن الأطباء الذين لا يتوفرون على الضمير المهني وجدوها فرصة للابتزاز أو التهديد بالاستقالة !!! كما أن جناح الأمراض العقلية أصبح مأوى لمن لا سكن له وتحول إلى جناح اجتماعي للمتشردين والمتخلى عنهم، والمتسكعين والمجرمين وأن القوات العمومية والوقاية المدنية تحمل تلك النماذج من الشارع إلى ذلك الجناح... رغم أن الطبيب الوحيد بالإقليم يعاني من تلك الحالات ويصعب عليه متابعة ومراقبة المرضى الحقيقيين، ...أما الأجنحة الأخرى والتي يصل عدد أسرتها حوالي المائتين، فإنها تعاني من الخصاص في الأطر الصحية ، ومن سوء التغذية ومن قلة الأدوية والنظافة وغياب الحراسة، رغم تواجد عدد كبير منهم يتجولون بين الأجنحة ويكتظون أمام الباب الرئيسي لأغراض أخرى. رغم الاستقلالية المالية للمستشفى، ورغم المداخيل المرتفعة، فإنها لا تنعكس إيجابيا على تحسين المردودية والجودة ، ما يطرح أكثر من تساؤل وخاصة في غياب مجموعة من الآليات أو التقنيين المتخصصين منها السكانير وآلة الصدى والآلات السينية...كما أن المستعجلات تحولت إلى مستشفى بعينه، ورغم توسيعه فإنه لم يستوعب عدد الزائرين نظرا لتنامي الإجرام وحوادث السير والعنف الجسدي والاعتقالات العشوائية، والتدخلات الأمنية العنيفة والقوية والظواهر الاجتماعية... وخلال زيارة الجريدة لهذه المؤسسة تبين أن هذا المستشفى أصبح جهويا بحكم الزائرين القادمين من الأقاليم المجاورة وخاصة من سطات (لخزازرة - النخيلة- ثلاثاء لولاد، ابن احمد، أولاد محمد...) وبني ملال وخنيفرة... كما أن صيدلية المستشفى والتي تتوفر على الأدوية تتجاوز قيمتها المالية 3 مليون درهم ، ولكن يجهل الجميع مصيرها باستثناء استغلال جزء منها في المستعجلات، أما الباقي فيجهل مصيره وبالطبع فإن المرضى يشترون الأدوية... جناح الولادة المستقل عن باقي الأجنحة تم بناؤه وتجهيزه من طرف مساهمة يابانية، والتي سنت في السابق تقاليد طبية منها تسليم للمرأة الحامل المقبلة على الولادة محفظة طبية بها كل لوازم الولادة ومساهمة مالية قدرها 300.00 درهم لكنها لم تدم طويلا...أما عائلات الحامل الممنوعون من الدخول، فيفترشون التراب ، ومعرضون لأشعة الشمس نهارا وللتعب والنوم ليلا...وتبقى نقطة الضوء الوحيدة في المستشفى هي جناح التحاليل، رغم خطورتها، فإنه يعمل ليلا ونهارا وبدقة متناهية حتى تكون النتائج واقعية وبدون أخطاء حتى لا تؤثر على المريض... إن المستشفى الإقليمي الحسن الثاني فقد بريقه، حيث كان يعتبر في السابق مستشفى في مستوى المستشفيات الجامعية ، لكنه تراجع بشكل كبير بسبب الهروب الجماعي للأطر الطبية والصحية بدون تعويض وإتلاف بنياته التحتية التي تظهر للعيان وخاصة في فصل الشتاء (القطرة)، وسوء معاملة الزائرين وضعف الوجبات الغذائية والنظافة والمساحات الخضراء والأمن وإتلاف الوسائل والمعدات الطبية وأن خلفياتها هي تشجيع الزائرين للذهاب إلى المصحات الخاصة....وتحول المستشفى إلى مرتع لليالي الحمراء والمجون ليلا وللأخطاء الطبية والمهنية لبعض الأطباء عديمي الضمير...مما يستوجب تدخلا مستعجلا لوزير الصحة وتكسير الصمت المريب للوزارة حتى يسترجع المستشفى بريقه الذي فقده منذ سنوات.