بايتاس: ارتفاع الحد الأدنى للأجر إلى 17 درهما للساعة وكلفة الحوار الاجتماعي تبلغ 20 مليارا في 2025    "ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز".. قصصٌ توثيقية تهتم بالإنسان    إحباط عملية تهريب دولية للمخدرات بميناء طنجة المتوسط وحجز 148 كيلوغراماً من الشيرا    رابطة علماء المغرب: تعديلات مدونة الأسرة تخالف أحكام الشريعة الإسلامية    بايتاس: مشروع قانون الإضراب أخذ حيزه الكافي في النقاش العمومي    كربوبي خامس أفضل حكمة بالعالم    كمية مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي تبلغ بميناء المضيق 1776 طنا    وهبي يقدم أمام مجلس الحكومة عرضا في موضوع تفعيل مقترحات مراجعة مدونة الأسرة    وكالة التقنين: إنتاج أزيد من 4000 طن من القنب الهندي خلال 2024.. ولا وجود لأي خرق لأنشطة الزراعة    بايتاس يوضح بشأن "المساهمة الإبرائية" ويُثمن إيجابية نقاش قانون الإضراب    نجاة مدير منظمة الصحة العالمية بعد قصف إسرائيلي لمطار صنعاء    توقيف القاضي العسكري السابق المسؤول عن إعدامات صيدنايا    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الإغلاق على وقع الإرتفاع    خلفا لبلغازي.. الحكومة تُعين المهندس "طارق الطالبي" مديرا عاما للطيران المدني    احوال الطقس بالريف.. استمرار الاجواء الباردة وغياب الامطار    السرطان يوقف قصة كفاح "هشام"    الكلاع تهاجم سليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين المدانين في قضايا اعتداءات جنسية خطيرة    قبل مواجهة الرجاء.. نهضة بركان يسترجع لاعبا مهما    "الجبهة المغربية": اعتقال مناهضي التطبيع تضييق على الحريات    في تقريرها السنوي: وكالة بيت مال القدس الشريف نفذت مشاريع بقيمة تفوق 4,2 مليون دولار خلال سنة 2024    جلالة الملك يحل بالإمارات العربية المتحدة    ستبقى النساء تلك الصخرة التي تعري زيف الخطاب    مدرب غلطة سراي: زياش يستعد للرحيل    العسولي: منع التعدد يقوي الأسرة .. وأسباب متعددة وراء العزوف عن الزواج    تحديد فترة الانتقالات الشتوية بالمغرب    نشرة انذارية.. تساقطات ثلجية على المرتفعات بعدد من مناطق المملكة    حصاد سنة 2024.. مبادرات ثقافية تعزز إشعاع المغرب على الخارطة العالمية    المغرب يفاوض الصين لاقتناء طائرات L-15 Falcon الهجومية والتدريبية    "زوجة الأسد تحتضر".. تقرير بريطاني يكشف تدهور حالتها الصحية    330 مليون درهم لتأهيل ثلاث جماعات بإقليم الدريوش    أبناك تفتح الأبواب في نهاية الأسبوع    المحافظة العقارية تحقق نتائج غير مسبوقة وتساهم ب 6 ملايير درهم في ميزانية الدولة    بيت الشعر ينعى محمد عنيبة الحمري    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الثورة السورية والحكم العطائية..    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على الحكومة أن تراجع طرق تدبيرها من أجل عودة الثقة الى صفوف موظفي الادارات العمومية والجماعات المحلية

قال الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي محمد الدرويش في حوار أجريناه معه بمقر النقابة بالرباط بمناسبة الدخول الجامعي، إن عجلة تاريخ البشرية لا يمكن أن تعود إلى الوراء, بل لابد لها من التطور المنطقي في حياة الإنسان في إشارة واضحة الى الخطاب التقليداني الذي يستمد مشروعه من العودة الى الماضي دون قراءته، ومن هذا المنطلق أضاف محمد الدرويش أنه على كل فاعل أن يجعل حياة الفرد قبل الجماعة والمجتمع أساس فعله، وأن يكون بهدف إيجاد المجتمع الديمقراطي الحداثي والمستفيد من التطور العلمي والتكنولوجي المعاصر والقائم على أسس التضامن والتعايش والمساواة والتشاور ونبذ العنف والتقاتل والتنابذ بالألفاظ...
مؤكدا على ضرورة المساهمة في تطوير المجتمع إلى ما هو أحسن اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً ودبلوماسياً، لذلك أصبح من غير المقبول أن يردنا أحدهم إلى شروط حياة لا يقبلوها هم بأنفسهم باطناً ولا لأسرهم, بل يدفعون الآخرين إلى الاقتناع بها قولاً وفعلاً وهذا قمة النفاق, الشيء الذي يجعل المجتمع يعيش تناقضات غير منطقية ولا مقبولة.
{ الأستاذ محمد الدرويش قبل الخوض في مسألة الجامعة والملف المطلبي للنقابة وغيرها, أريد منك كلمة في موضوع حوادث السير ببلادنا والأزمة التي خلقت بسبب الفيلم المسيء للرسول والأزمات التي تعرفها مجموعة من القطاعات ؟
أولاً أتقدم بشكر خاص لجريدة الاتحاد الاشتراكي على متابعة صحافييها لكل القضايا التي تهم الرأي العام الوطني والجهوي والمحلي والدولي وفي مقدمة هاته القضايا المسألة التعليمية ببلادنا. إن متابعة الجريدة لهاته القضية لها أكثر من دلالة. وقبل مباشرة الجواب على أسئلتك اسمحي لي أن أتقدم باسمي الخاص وباسم كل مناضلات ومناضلي النقابة الوطنية للتعليم العالي بأحر التعازي وأصدق المواساة لأهالي وأسر كل ضحايا فاجعة تيشكا وتازة وكل مناطق المغرب، والتعزية والمواساة لكل أعضاء أسرة التربية والتكوين الذين فقدوا أعضاء من أسرهم. وبهاته المناسبة الأليمة أدعو الحكومة وكل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين وكل أبناء هذا الوطن إلى تحمل المسؤوليات كاملة كل حسب موقعه وأدواره حتى نتجنب الخسائر البشرية والمادية والاجتماعية والاقتصادية التي تحصل بسبب حوادث السير وبسبب تهور الأفراد والجماعات، إننا نفقد اليوم بسبب حرب الطرقات ما لا يفقد في حرب معلنة بين الدول. ما يحصل عندنا قد يكون يهدد وطننا اجتماعياً واقتصادياً وسياحياً وسياسياً... فليتحمل كل واحد مسؤوليته.
أما الأمر الثاني من سؤالك فأقول إني أندد بالسياسات المتبعة من قبل جهات ما بدافع اختلاق الصراعات والكراهيات القائمة على أساس ديني أو عرقي أو جغرافي. فهؤلاء يتصيدون الفرص، ما توشك فتنة من الانتهاء حتى يختلقون أخرى بهدف ترويع المجتمعات وإرهاب الأفراد والجماعات. وأعتقد أن هؤلاء يقومون بما يقومون به بدوافع اقتصادية و/أو سياسية من جهة وعلى أساس «فرق تسود»، بل إنهم في اعتقادي يصفّون حساباتهم السياسية والانتخابية بالمس بما هو مقدس عند شعوب وبما هو مدنس عند أخرى، إنهم سبب الترهيب الاجتماعي والإحساس باللاستقرار وبالخوف من الآخر وعدم الاطمئنان إليه فتصير حرباً بين المدنيين نفسية واقتصادية واجتماعية وفي هذا الإطار تدخل المحاولات اليائسة للإساءة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بإخراج الفيلم السيء الذكر أو الرسوم الكاريكاتورية للمجلة الفرنسية, وأصحاب هاته المبادرات يعلمون قبل غيرهم أن ردود الأفعال عند المسلمين وغيرهم ستكون قوية وهذا ما حصل. إن هؤلاء يبحثون عن الفتن لتقوية جهة على جهات أخرى سياسياً واقتصادياً. بل إنهم يتفنون في صناعة الأحداث على نفس الأساس وفي اعتقادي في الخلاف في العالم أصله لغوي بهدف التحكم الاقتصادي.
وفي هذا الإطار أجدد تنديدي بما حصل, بل أني أعبر عن اشمئزازي لهذا النوع من التفكير الدنيء الهادف إلى زعزعة استقرار الشعوب والجماعات وأحسن رد في نظري هو تجاهل مثل هاته السياسات ونهج أسباب الاستقرار والتعايش والسلم.
وبالمناسبة أني لا أفهم ما يقع لنا في مجموعة من القطاعات، إذ إني أحس أحياناً بسوء الطالع بل بالنحس يطارد بعض مسؤولينا في قضايا معينة، فكلما قررنا تجاوز أزمة في قطاع من مجموعة من القطاعات بتوفير الإمكانات المالية اللازمة وباتخاذ قرارات يعلن عنها إلا والنتائج تكون مخيبة لآمالنا وأحلامنا وطموحاتنا وما نستحقه كشعب متحضر محب للآخر وراغب في الحياة...
ويمكن أن أذكر ببعض هاته المجالات التي أعدها شخصياً مفتاح التقدم والتطور والرقي ببلدنا إلى مصاف الدول المتقدمة والمتطورة في كل المجالات. خذ مثلاً قطاع الشباب والرياضة أو قطاع التربية والتكوين أو قطاع السياحة أو قطاع الخارجية... فهل تعتقدون أن هناك نقصاً في مالية هاته القطاعات ؟ أم أن التعثر الذي تعرفه بتفاوت ناتج عن الإمكانات اللوجستيكية أم المادية أم البشرية ؟! أبداً إن هاته القطاعات عموماً ? في اعتقادي ? تعاني من أزمات تدبير وسوء تقدير وقرارات متسرعة وأحياناً انفرادية وانعدام الرؤية، بل وانعدام المسؤولية أحياناً أخرى...
إن المغرب كان في مواقع أحسن مما هو عليها اليوم في مجالات الشباب والرياضة والطفولة من تكوين وتمثيل وتأطير وتثقيف وترفيه وتخييم وفي مجال البحث العلمي كنا نحتل المرتبة الثالثة إفريقياً أما اليوم فالمرتبة الثامنة وفي مجال إيداع البراءات والاختراعات كذلك هناك تراجع بين، وفي مجال التربية والتكوين وفرت الدولة إمكانات مالية غير مسبوقة في تاريخ التعليم ببلادنا وتستمر تفعل ذلك لكننا نختلف في تقييم النتائج, فمن قائل إن إصلاح المنظومة فشل ومن قائل إن هناك إيجابيات وتقدماً في مجموعة من المكونات التربوية, كما أن هناك سلبيات وجب تجاوزها، وأما مجال الدبلوماسية الخارجية فنسجل تراجعات في علاقاتنا مع مجموعة من الدول بسبب تصرفات غير محسوبة لبعض المسؤولين هنا وهناك وهذا يؤثر سلباً على قضايا المغرب الحيوية جغرافياً واقتصاداً وعلاقات دولية وأمثلة كثيرة تؤرق المتتبع وتصيب الوطني الغيور بالصدمة عدة مرات.
إن أصل المشاكل التي تتخبط فيها مجموعة من القطاعات سببها الرئيس في اعتقادي يرجع إلى بعض المسؤولين عن هاته القطاعات، إذ تجد بعضهم يتخذ قرارات ارتجالية وغير محسوبة النتائج كما تجد البعض الآخر منهم لا علاقة لهم بالقطاعات المدبرة من قبلهم, في حين تجد آخرين ليست لهم التجربة المطلوبة للتسيير والتدبير. فهذا يعلن عن قرار ثم يتراجع عنه وهذا يلوح بقرار هو أول من يعلم بأنه لن ينفذه وهذا يقرر في شيء هو مشترك بين زملائه وهذا يقدم قراراً وجب أن يكون متأخراً ويؤخر القرار في أمور يجب أن تكون متقدمة, إنه العبث في مجموعة من القطاعات، وكأننا أمام مسؤولين لا يعرف أحدهم الآخر ولا يتكلمون لغة واحدة وليسوا من نبتة مغربية تنشئة ومعرفة بالمجتمع المغربي بمشاكله وإمكاناته وطاقاته, أو أنهم لا يدركون واقع العالم اليوم وخلفيات التحرك في مجموعة من المناطق وأفقها ونهاياتها.
فهل المسؤولية هي فقط اتخاذ قرار والرمي به في سلة القرارات دون تتبع ومسؤولية؟ أم هل المسؤولية هي اتخاذ قرارات في قضايا هامة والرمي بها إلى الرأي العام في وقت غير مناسب ودون تهييء لذلك مع الشركاء الاجتماعيين والسياسيين ولا حتى المسؤولين المركزيين لقطاعاتهم ؟ أم هي التسرع في الإعلان عن عناوين برامج/أفكار لم تخضع للدراسة والتمحيص والبلورة في إطار مشاريع...
إن المسؤولية في أي مجال وأي مستوى تستلزم التمكن من كل الملفات المدبرة كما أنها تقتضي أن يكون للمسؤول مشروع برؤية واضحة وبرنامج تنفيذ ومراحل تقييم وآليات للتتبع وضبط الشركاء وضمان انخراطهم فيه والقدرات التمويلية وانعكاساته على المحيط والنتائج المرتقبة منه وغيرها مما يشكل آليات ومكونات المشروع أفقياً وعمودياً.
فهل يتوفر هذا عند كل مسؤولي القطاعات الحكومية ؟ هذا أمر أشك فيه إذ إن الواقع يؤكد عكس ذلك.
ثم إن مجموعة من القطاعات الحكومية تعرف فراغاً في مواقع (كتابة عامة، مديرون، رؤساء مصالح، رؤساء أقسام...) وهذا يساهم في تأخر معالجة ملفات المواطنين, بل إن ما ترتب عن الإطناب في الحديث عن ربط المسؤولية بالمحاسبة خلق نوعاً من اللاستقرار عند مجموعة من الموظفين حتى صار الموظف يشك في كل شيء ويخاف كل شيء ويتخوف من المبادرة بل ويخاف من القيام بأدواره بسبب ما صار يسمعه ويراه ويلمسه. إنه جو ? في نظري ? غير صحي وغير سليم في تدبير أمور البلاد والمواطنين. هذا ليس معناه أنني ضد المحاسبة والعقاب وربط المسؤولية بالمحاسبة أبداً, يجب أن يكون ذلك لكن في صمت ودون تشهير من أخطأ يعاقب وهذا أمر طبيعي في دولة الحق والقانون.
لذا أرجو من الحكومة وأعضائها أن يراجعوا طرق تواصلهم بخصوص هذا الموضوع وإرجاع الثقة في نفس موظفي الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات الاقتصادية, فالمغرب مر عبر تاريخه بأزمات قد تكون أكثر من هاته التي نمر منها اليوم, لكن المعالجة الذكية والرصينة والمبنية على الاستشارة وتبادل الرأي والاستعانة بأصحاب التجارب والخبرات وجعل حسن النية في الآخر هي الأصل حتى يثبت العكس وإسناد المهام والمسؤوليات لمن هم أهل لها والاشتغال بمنطق واسع متسع لكل المغاربة مبعد للحزبية الضيقة والبدء بمعالجة القضايا المتفق بشأنها وتأجيل المختلف حولها وإن قال الذي لا يعلم لا أعلم لارتفع الخلاف. هذا بعض مما أفكر فيه جهراً وهمساً من أجل وطننا.
إن المشاكل التي يعرفها مغرب اليوم هي مشاكل مرتبطة أساساَ ? في اعتقادي? بأزمة تدبير وتسيير وعلاقات إنسانية محلياً وجهوياً ووطنياً ودولياً. كما أننا نعيش أزمة قيم في مجتمع الأزمات.
{ ما هي مميزات الدخول الجامعي 2012-2013 ؟
بالنسبة للدخول الجامعي لهاته السنة 2012-2013 اسمحي لي بالقول إنه يتميز أولاً بتزايد أعداد التلاميذ الحاصلين على شهادة الباكالوريا, إذ ارتفع عددهم من 430000 طالب السنة الماضية إلى 550000 طالب هاته السنة وهذا أمر نسجله بإيجاب. كما نسجل كذلك تعدد الحقول المعرفية التي تخصص فيها هؤلاء التلاميذ، والتي شملت كل الحقول كما أنهم يمثلون كل مناطق المغرب وجهاته ونحن نتمنى أن يزيد عددهم وفي المقابل, فإننا نسجل بأسف عدم استعداد مجموعة من الجامعات بالشكل المطلوب في إعداد بنيات لاستقبالهم مما جعل ظاهرة هاته السنة هي الاكتظاظ في مجموعة من المواقع أكادير، فاس، مراكش، المحمدية، الجديدة، مكناس وغيرها ,كما أننا نسجل بأسف عدم استجابة الحكومة لمطلبنا بتوفير المناصب المالية الكافية للأساتذة الباحثين والإداريين من أجل مواكبة أعداد الطلاب الجدد والقدامى إذ إن 300 منصب ماليا لا تفي لهذا الغرض.
وباختصار أقول إن هذا الدخول سيفضح عيوب مجموعة من المواقع, بل إنه سيضع اليد على أزمات التدبير والتسيير لدى مجموعة من المسؤولين وزارة وجامعات ومؤسسات للتعليم العالي ومراكز البحث والنقابة الوطنية للتعليم العالي إيماناً منها بدورها الوطني والجهوي والمحلي لن تسكت عن أي خرق أو تجاوز أو تسلط أو فساد, فالأساتذة الباحثون معبأون للوقوف ضد كل هذا ومنخرطون في كل المشاريع التي تساهم في تقدم بلدنا.
كما يتميز هذا الدخول بالنسبة لي بالبدء في ظل الدستور الجديد بالإعلان عن فتح باب الترشيحات لمسؤولية العمادة أو الإدارة بالنسبة ل 42 مؤسسة جامعية (القرويين والمدارس العليا للأساتذة ومؤسسات جامعية بمدن الرباط، البيضاء، سلا، المحمدية، مكناس، فاس، تازة، مراكش، أكادير، العيون، القنيطرة، سطات، بني ملال، الحسيمة، طنجة، وجدة، الجديدة ...).
وهذا أمر نسجله بإيجاب, خصوصاً بالنسبة لتلك التي تعيش على صفيح ساخن إذ عرفت مجموعة من المشاكل المرتبطة أساساً بطرق التدبير والتسيير والعقلية والأمزجة وقد ناضلت النقابة الوطنية للتعليم العالي مدة من الزمن من أجل وضع حد لتلك الأوضاع التي لا تشرف أسرة التعليم العالي وتستمر تقوم بذلك حتى بلوغ مطلبنا الانتخاب المباشر للرؤساء والعمداء والمدراء.
وباختصار شديد أقول إن مؤسسات التعليم العالي بصنفيها الجامعي وغير التابعة للجامعات تعرف تزايداً في أعداد الطلاب, إذ تطور منذ سنة 2003 بشكل تصاعدي بلغ حداً لن يطاق خلال الدخول الجامعي المقبل إذا لم تتخذ الإجراءات المواكبة لاستقبال هاته الأعداد من الطلاب والمتمثلة أساساَ في تخصيص المزيد من المناصب المالية في كل المؤسسات وتهيئ البنيات التحتية من قاعات ومدرجات ومختبرات ومكاتب للأساتذة والإداريين ومراكز إيواء وتغذية للطلاب حتى يتمكن المغرب من الانتقال من عدد طلاب التعليم العالي اليوم 550000 طالب تقريباً إلى أكثر من مليون طالب خلال سنة 2020.
ونحن نسجل بإيجاب انخراط وتضحيات السيدات والسادة الأساتذة الباحثين من مختلف الأجيال وتنوع التخصصات في إنجاح تطوير منظومة التعليم العالي والبحث العلمي, فقبل سنة 2003 كان عرض التعليم العالي لا يتجاوز التكوين التقليدي في شتى المجالات الإدارية والحقوقية والاقتصادية والإنسانية والعلمية والتقنية, بل إنه لم يكن يتجاوز 50 مجالاً في كل الحقول وبعد أقل من 10 سنوات صار اليوم العرض يفوق 2000 مسلك للتكوين الدقيق وهذا بفضل انخراط الأساتذة الباحثين وبفضل مجهودات الدولة المغربية تشريعاً وتمويلاً وبفضل مجهودات الإداريين والمسؤولين.
{ قبل تعيين الحكومة كانت لكم مفاوضات مع الحكومة السابقة انتهت إلى اتفاق 29 أبريل 2011، أين وصل التطبيق وما هو برنامجكم المطلبي الحالي ؟
لا بد من التذكير هنا أن النقابة الوطنية للتعليم العالي دخلت منذ انتخاب هياكلها الوطنية في المؤتمر الوطني التاسع في مفاوضات مع وزارة التعليم العالي من جهة ومع الحكومة من جهة ثانية توجت بتوقيع اتفاق 29 أبريل 2011 بين النقابة والحكومة، والملفات التي شكلت أساس هذا الاتفاق سويت أو في طريقها للتسوية نهائياً ولإفادة الرأي العام من أسرة التعليم العالي لا بأس من التذكير بها :
بالنسبة لملف استرجاع سنوات 1-9 الخاص بالأساتذة الباحثين بمؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعات فقد تمت تسوية الملف بكامله, أما الأساتذة الباحثون بالجامعات فهو ملف في طريق التسوية النهائية إذ توصل مجموعة من الأساتذة بمختلف المواقع الجامعية بمستحقاتهم وقد تراوحت السنوات المسترجعة بين أقل من سنة و9 سنوات على الأكثر، وعدد منهم سيتوصل بمستحقاته خلال شهر شتنبر وأكتوبر، وأما ملف الترقيات فإن ترقية سنوات 2006-2007-2008 و 2009 سويت أغلب ملفاتها سواء بالنسبة للجامعات أو المدارس العليا للأساتذة قبل نقلها وحتى سنة 2010 بالنسبة للمؤسسات غير التابعة للجامعات. وأما ملف استرجاع المقتطع المالي بالنسبة لحملة الدكتوراه الفرنسية فقد تم ذلك خلال شهر غشت الماضي كما أن ملف استرجاع الثلاث سنوات اعتبارية بالنسبة لمن كان أستاذاً مؤهلاً خلال المدة المتراوحة بين 1 يوليوز 1996 و7 مارس 2001 فقد سويت. وكذلك تمت تسوية ملف المساعدين والأساتذة المساعدين وذلك بنقلهم إلى أساتذة التعليم العالي المساعدين وأما ملف تحويل 300 منصب مالي خاص بأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي والمهندسين والمتصرفين والحاصلين على الدكتوراه والعاملين بمؤسسات التعليم العالي فإن القرار الوزاري الذي سيسمح لهم باجتياز المباراة للانتقال إلى إطار أستاذ التعليم العالي مساعد يصدر خلال الأيام القادمة, وبالمناسبة فإن ما جاء في المذكرة الوزارية الخاصة بالموضوع بخصوص هذا الشق هو أمر للاستئناس وهو حد أدنى عدداً وغير ذي صلة بالقرار النهائي لأن القرار النهائي تتخذه هياكل المؤسسات والجامعات ولا يتخذه شخص بمفرده كان رئيساً أم عميداً أم مديراً أم حتى وزيراً. وللتذكير فإن أصل الاتفاق بين النقابة الوطنية للتعليم العالي والحكومة كان بهدف الحذف النهائي لهاته الإطارات, أستاذ الثانوي التأهيلي والمتصرف والمهندس, إضافة إلى إطار المساعد والأستاذ المساعد وذلك تهييئاً لتصور نظام أساسي جديد للأساتذة الباحثين في إطار الوظيفة العمومية.
وبالمناسبة أؤكد أن النقابة الوطنية للتعليم العالي لا دخل لها في الجوانب العلمية والبيداغوجية الخاصة بالموضوع وحرصاً منها على فتح المجال أمام كل الطاقات التي تتوفر فيها الشروط لم نسد الباب أمام من له مسؤولية إدارية بالمصالح الإدارية للجامعات والمؤسسات والوزارة فبلغ عدد كل هؤلاء 409 معني واختيارنا اليوم أن نصفي 300 منصب مالي ,ونطالب بقرار تحويل المناصب المالية للأعداد المتبقية والخاصة بالموضوع.
وأما ملف المجنسين فقد خصصت الحكومة ما قدره 4.480.377 موزعة على 7 أساتذة في خمس جامعات (1 بجامعة الحسن الثاني عين الشق و3 بجامعة محمد الخامس أكدال و1 بجامعة محمد الأول وجدة و1 بجامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس و1 بجامعة الحسن الثاني المحمدية) تودع في حساب مؤسسة للتقاعد تصرف للمعنيين مستحقاتهم حسب اتفاق ثلاثي (المعني بالأمر والجامعة والشركة) وبهذا نكون قد طوينا ملفاً عمر أكثر من 25 سنة.
وأما ملف المتعاقدين وهو ملف يعني 50 أستاذاً باحثاً من أساتذة التعليم العالي المساعدين أو المؤهلين الذين بلغوا سن التقاعد في 31 دجنبر 2010 أو قبل ذلك سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات وأكدوا رغبتهم في الاستمرار في العمل إلى حدود 65 سنة فقد صرفت وزارة المالية ما مجموعه 800 مليون تقريباً في حساب الجامعات المعنية وهي جامعة محمد الخامس أكدال، جامعة محمد الخامس السويسي، جامعة مولاي إسماعيل مكناس، جامعة مولاي سليمان بني ملال، جامعة ابن طفيل القنيطرة، جامعة الحسن الثاني المحمدية، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، جامعة القاضي عياض مراكش، جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس، جامعة محمد الأول وجدة وجامعة عبد المالك السعدي تطوان بحيث تصرف لهؤلاء ما قدره آخر أجرة تسلمها المعني بالأمر في 31 دجنبر 2010.
وأما ملف تاريخ مناقشة دكتوراه الدولة بالنسبة للمسجلين فيها قبل 1997 فإنه لم تعد هناك آجال محددة للمناقشة إذ صارت مفتوحة أبداً.
وقبل انعقاد المؤتمر الوطني العاشر نعمل على إنهاء مجموعة من الملفات في مقدمتها مراجعة مواد من القانون 01.00 وخصوصاً ما يتعلق بوضعية الأساتذة الباحثين (إلغاء المادة 17 وما يرتبط بها)، تقوية مكانة الشعب قبل المؤسسات، التمثيلية في مجالس المؤسسات والجامعات، تقوية مكانة البحث العلمي وتجميع مؤسساته وموارده وإمكاناته وتوحيد التعليم العالي توحيداً شمولياً وشاملاً وهاته قضية تطرحها النقابة الوطنية للتعليم العالي منذ سنوات, إذ من غير المقبول اليوم أن لتعليمنا العالي سرعات متعددة بل يمكن القول إن لنا مؤسسات للتعليم العالي من صنف 5 نجوم ومؤسسات من صنف 4 و 3 واثنان وواحدة ومع كل الأسف نعامل بعض المؤسسات وكأنها مؤسسات غير مصنفة. وهذا أمر مخجل في مغرب اليوم.
إن لمؤسسات التعليم العالي في المغرب 14 قطاعاً وزارياً للإشراف. وحين نذكر بهذا الأمر فمن أجل أن نقول إن لهاته المؤسسات ميزانيات للتسيير والتجهيز والبحث العلمي لأعداد من الطلاب والأساتذة والموظفين محددة وحين نقارن بين الميزانيات المرصودة لهاته المؤسسات والميزانيات المرصودة لمؤسسات الجامعات المغربية تكون المفاجأة.
فأين هو التعليم القائم على المساواة وتكافؤ الفرص ؟ ثم إن هناك هدراً في الموارد المالية والبشرية والمادية في مجال التدريس والتأطير والبحث العلمي ؟ فلماذا لا يتم تجميع هاته المؤسسات وعددها 56 مؤسسة تحت إشراف قطاع التعليم العالي مع تحويل كل الإمكانات المالية والمادية والبشرية والبنايات لهذا القطاع وبذلك سنكون نتجاوز مشاكل تمويل البحث العلمي ومشاكل الاكتظاظ ومشاكل الموارد البشرية في مجموعة من التخصصات وغيرها من المواد التي تعرقل تطوير منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، بالإضافة إلى هاته الملفات هناك ملف الكليات المتعددة التخصصات بتمكينها من نظام (الإجازة الماستر الدكتوراه) كاملاً، وملف إضافة درجة أخرى بالنسبة لأساتذة التعليم العالي وملف الانتقال من إطار أستاذ مؤهل إلى إطار أستاذ التعليم العالي وحل ملف ترقية المعهود إليهم بمسؤوليات إدارية المتوقفة لسنوات 2006-2012، والإعداد لمراجعة الهندسة البيداغوجية في إطار نظام الإجازة الماستر الدكتوراه في كليات الآداب والعلوم والحقوق ورفع الحيف على مجموعة من الأساتذة أفراداً وجماعات (سن التوظيف، حملة الدكتوراه الفرنسية، المعنيون بمباريات 2011، وحالات خاصة)، ثم البلوغ إلى اتفاق أولي حول مشروع النظام الأساسي الجديد للأساتذة الباحثين بين النقابة الوطنية للتعليم العالي والقطاع الوصي، كما أننا نتابع باهتمام بالغ ما يتم في المراكز الجهوية لمهن التربية في ما يخص الإرساء القانوني والهيكلي وإحداث التكوينات واستقطاب الكفاءات وعلاقة هاته المراكز بالجامعات وبالثانويات والأكاديميات ومباريات الانتقال إلى إطار أساتذة التعليم العالي المساعدين وكل ما يرتبط بالحياة المهنية والإدارية لهاته المؤسسات دون أن نغفل متابعة وضع مركز المفتشين والأكاديمية الدولية محمد السادس للطيران المدني والمدرسة الحسنية للأشغال العمومية والمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية باعتبار هاته المؤسسات مؤسسات للتعليم العالي غير تابعة للجامعات من أجل ملاءمتها مع مقتضيات القانون 01.00.
وأعتقد أنه مطروح علينا اليوم أكثر من أي وقت مضى أمر البث في مجموعة من القضايا التي تؤرق الرأي العام الوطني بكل مكوناته وفي مقدمة هاته القضايا مسألة لغة التدريس, إذ حان الوقت لنتحمل جميعاً مسؤولياتنا حكومة وأحزاباً سياسية ونقابات تعليمية وكل من له علاقة بالمسألة التعليمية... لاتخاذ قرار اختيار لغة التدريس في مؤسسات التعليم العالي, إذ من غير المقبول أن التلميذ المغربي يتلقى تعليمه في المستويات الابتدائية والإعدادية والثانوية التأهيلية, خصوصاً بالنسبة للمواد العلمية باللغة العربية وحين ينتقل إلى التعليم العالي يتلقاه باللغة الفرنسية. فيجب القرار إما أن تعليمنا باللغة العربية وإما باللغة الفرنسية وإما اختيار لغة أو لغات أخرى. لكن يجب أن يقرر في الأمر كل المعنيين.
كما أن مسألة المساطر المالية المطبقة على مؤسسات التعليم العالي في الصرف والتحصيل مطروحة بحدة لأنها تعرقل في مجموعة من المؤسسات سيرها الطبيعي, إذ من غير المقبول والمعقول أن تطبق المراقبة البعدية على الجماعات المحلية مثلاً وتطبق المراقبة القبلية على الجامعات؟ يجب اليوم أن نعيد النظر في هاته المساطر باعتبار الجامعات مؤسسات عمومية الداخل لمسؤوليتها بريء حتى تثبت إدانته لذلك له حق التصرف وتنفيذ قرارات الهيآت المقررة مجالس المؤسسات ومجالس الجامعات في أفق تمكين كل أستاذ صاحب مشروع من التصرف مباشرة في مالية مشروعه ولتطبق المراقبة البعدية بشدة أكثر. كما هو معمول به في كل الدول المتقدمة والمتطورة الثقة هي الأصل.
وباختصار, فإننا سندافع عن كل ما تقرره اللجنة الإدارية خلال الفترة المتبقية قبل انعقاد المؤتمر المقبل، إضافة إلى كل ذلك فنحن نستعد لتنظيم مناظرة وطنية حول المسألة التعليمية بالمغرب يشارك في أشغالها نقابات تعليمية وأحزاب سياسية وفعاليات تربوية وهيآت معنية بالقضية لنتدارس جميعاً واقع التعليم بكل مستوياته في المغرب من الروض إلى الجامعة ونشرح هذا الواقع بإيجابياته وسلبياته ونريد من هذا اللقاء أن يتحمل كل واحد مسؤوليته التاريخية في الفصح عن قناعات الجهات المشاركة وطرح البدائل والصيغ لتجاوز المعيقات ورفع التحديات والجواب الشافي الكافي على الإشكالات المطروحة من لغة تدريس ومناهج وبرامج وموارد بشرية ومالية وغيرها.
ثم إن أسعفنا الوقت فسننظم ندوة أخلاقيات مهنة الأستاذ الباحث للوقوف على الظواهر - على قلتها - التي تسيء لشرف مهنة نخب المجتمع التي مع كل الأسف بدأ يصلها ما لا نرضاه ولا نقبله.
وبالموازاة مع ذلك, فإننا ننتظر قرار اللجنة الإدارية الإعلان عن تاريخ المؤتمر الوطني العاشر وبدء اللجنة التحضيرية في أشغال الإعداد لهاته المحطة المهمة والحاسمة في تاريخ النقابة الوطنية للتعليم العالي لنسلم المشعل لجهاز هو أهل لتحمل المسؤولية وقادر عليها وله مواصفات ذلك واختاره المؤتمر.
{ مقاطعة : هل معنى ذلك أنك تغادر المسؤولية ؟
لم أقل ذلك ولم أعنيه. هذا أمر سابق لأوانه والمؤتمر سيد نفسه وقناعتي الشخصية عموماً هي أن المسؤولية لا تطلب ولا ترفض ولكل حادث حديث.
{ وماذا عن المجلس الأعلى للتعليم ؟
المجلس الأعلى للتعليم تمت إعادة تنظيمه بموجب ظهير رقم 1.05.152 والصادر بتاريخ 10 فبراير 2006 بهدف الاستشارة في كل قضايا التربية والتكوين وإبداء الرأي فيها والقيام بتقييم شامل للمنظومة التربوية بكل مستوياتها الأولى والابتدائي والإعدادي والثانوي والعالي مع تهيئ الدراسات اللازمة حول كل القضايا المرتبطة بالتربية والتكوين مناهج وبرامج ولغة من أجل تعليم بجودة عالية يساهم في تربية وتكوين الناشئة من أجل إعدادها لعالم المعرفة والتكنولوجيا والحياة الاجتماعية والاقتصادية وإعداد المواطن المتشبع بحب الحياة وبقيم المواطنة والتضامن والتعايش والتسامح والقادر على الانخراط في عالم اليوم بكل مكوناته وخصوصياته.
وللمجلس هيئة وطنية للتقويم يعهد لها بتقديم التقييم الشامل أفقياً وعمودياً لقضايا ترتبط بمنظومة التربية والتكوين، كما أنه كانت للمجلس لجان دائمة تكلفت بإنجاز الدراسات والأبحاث التي تمس البرامج والمناهج والوسائط وكل القضايا المؤسساتية والمالية والشراكات. لقد كان المجلس الأعلى للتعليم في صيغته الدستورية السابقة مؤسسة للحوار وتبادل الرأي والمشورة بين كل مكونات المجتمع المغربي ولم يكن تابعاً لأي قطاع من قطاعات التربية والتكوين : التربية الوطنية، التعليم العالي والبحث العلمي، التكوين المهني، بل كان ذا مسافة بينة بينه وبين مسؤولي هاته القطاعات الحكومية وبين الأحزاب السياسية والنقابات التعليمية وهذا في اعتقادي أمر ذكي لأنه لا يمكن لجهة أن تحكم وتقيم الشيء وهي جزء منه. لذلك أترقب أن يحافظ مشروع المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي المنصوص عليه في الفصل 168 من الدستور الجديد على كل نقط قوة المجلس الأعلى للتعليم في صيغة 2006 ويخلق أدواراً أخرى لهيآته محافظاً على استقلاليته التامة والحرفية والمهنية حتى يتمكن أعضاؤه من إبداء الرأي والتشاور وتقييم الدراسات والبرامج العمومية المرتبطة بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي تحصيناً للمكتسبات وتثبيتاً للإيجابي منها وتصحيحاً للظواهر السلبية فيها ودفعاً للمنظومة للقيام بأدوارها الأساس وربطها بكل مستوياتها بمحيطها المتنوع والمتعدد. وأنا أترقب كما يترقب المهتمون ظهور النص المنظم للمجلس في صيغته الجديدة.
س : كلمة أخيرة ؟
ج : أعود للمسألة التعليمية ببلادنا لأجدد تأكيدي على أن منظومة التربية والتكوين تعد القلب النابض في تاريخ وحاضر ومستقبل أي أمة لأنه في إطارها يربي الفرد ويكون على قيم الحياة والمواطنة والمسؤولية والحداثة والديمقراطية, والخطأ غير مقبول فيها لأنه يساهم إلى جانب عوامل أخرى اجتماعية واقتصادية في إنتاج حالات شاذة في المجتمع إن ظلت قليلة العدد, أما إن كثر أعدادها فإن المجتمع برمته يصير شاذاً مقارنة مع مقتضيات مجتمعات القرن 21 .إن عجلة تاريخ البشرية لا يمكن أن تعود إلى الوراء, بل لابد لها من التطور المنطقي في حياة الإنسان، لذلك أرجو من كل فاعل أن يجعل حياة الفرد قلب الجماعة والمجتمع أساس فعله وأن يكون بهدف إيجاد المجتمع الديمقراطي الحداثي والمستفيد من التطور العلمي والتكنولوجي المعاصر والقائم على أسس التضامن والتعايش والمساواة والتشاور ونبذ العنف والتقاتل والتنابذ بالألفاظ... إننا نريد المساهمة في تطوير مجتمعنا إلى ما هو أحسن اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً ودبلوماسياً، ولا نقبل أن يردنا أحدهم إلى شروط حياة لا يقبلوها هم بأنفسهم باطناً ولا لأسرهم, بل يدفعون الآخرين إلى الاقتناع بذلك قولاً وفعلاً وهذا قمة النفاق, الشيء الذي يجعل المجتمع يعيش تناقضات غير منطقية ولا مقبولة.
فرجاءً, اعفونا من هاته التناقضات واعفونا من تبعات التطرف كيف ما كان وأياً كان. ولننخرط جميعاً على اختلاف مسؤولياتنا ومواقعنا وانتماءاتنا وقناعاتنا في بناء مجتمع ديمقراطي متقدم متطور حداثي يرقى إلى مصاف ومراتب الدول التي تقود اليوم العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.