تعاني جماعة بئر النصر المتواجدة بمنطقة ازعير و التابعة لإقليم بنسليمان، من استمرار التهميش و الفقر رغم استفادتها من مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ سنة 2005 ، مما يبين أن أمور تدبير شؤونها طيلة هذه السنوات لا ترقى إلى مستوى تطلعات و انتظارات السكان بسبب تحكم رئيس الجماعة في دواليب التسيير و استغلال موقعه لقضاء مصالحه و تمكين الموالين له من أعضاء المجلس القروي من بعض الامتيازات و الخدمات الاجتماعية على حساب الساكنة التي تفاقمت أوضاعها كثيرا نتيجة ضعف الخدمات الجماعية و غياب أدنى شروط و ظروف العيش الكريم ، حيث انعدام المسالك القروية في جل مناطق الجماعة وعدم استفادة غالبية الدواوير من الكهرباء، نفس الشيء بالنسبة للماء الصالح للشرب الذي ينعدم بالمنطقة و يتسبب في خلق متاعب و معاناة كبيرة خلال فصل الصيف الذي يتزايد فيه الطلب كثيرا على هاته المادة الحيوية . كل هذه العوامل السالفة الذكر جعلت مؤشري الفقر والأمية يسجلان أرقاما صادمة في صفوف السكان( نسبة الفقر 28% و نسبة الأمية 72% منها 83%في صفوف النساء) ودفعت البعض منهم إلى الهجرة إلى المدن المجاورة لتحسين أوضاعهم و للبحث عن ظروف مواتية لتحقيق العيش الكريم . لكن المثير للاستغراب هو أن رئيس الجماعة، بدلا من أن ينكب على إيجاد الحلول التي يتخبط فيها السكان بوضع برامج تنموية شاملة للنهوض بأوضاع الساكنة ونهج سياسة شفافة و واضحة ومبنية على فلسفة إشراك جميع الفاعلين بالمنطقة لفك العزلة عنها و التخفيف من معاناة القاطنين بها ، فإننا نجده يسلك أسلوب الهروب إلى الأمام للتغطية على ضعفه و فشله في تسيير شؤون الجماعة لثلاث ولايات متتابعة حيث أن رئيس الجماعة، حسب شكايات بعض السكان المتضررين ( توصلت «الاتحاد الاشتراكي» بنسخ منها) ، كلما أثير النقاش في بعض اللقاءات و عبر بعض صفحات الجرائد الوطنية حول استمرار التهميش و الإهمال بالمنطقة، فإنه لا يتوانى في إرجاع أسباب فشله و سوء تسييره للجماعة إلى السلطات المحلية و إلى بعض الإدارات و المصالح الخارجية التي هي حسب زعمه هي التي وراء هذه الوضعية المأساوية التي تعرفها الجماعة. لكن هذا الأخير نسي أن بعض مظاهر الاختلالات التي يعرفها التدبير الجماعي واضحة للعيان و لا يمكن إخفاؤها كما لا يمكن إخفاء الشمس بالغربال و إلا ما رأيه في هذه التناقضات و المفارقات العجيبة التي يعرفها التسيير بالجماعة؟! فالرئيس يمتطي سيارة فارهة سبق أن اقتناها باسم الجماعة تظل تجوب الشوارع و يتنقل بها أينما حل و ارتحل علما بأن هذه الأخيرة تعد من أفقر الجماعات في الإقليم، بل و في الجهة، في حين نجده في بعض المناسبات و عند مقابلته لبعض المشتكين و المتضررين من انعدام بعض الخدمات بالجماعة يتذرع أمامهم بكون الموارد المالية لهذه الأخيرة جد ضعيفة وقليلة و لا يمكن تلبية مطالب السكان؟ كما أنه تمكن مؤخرا من اقتناء مسكن بحي الفلين بمدينة بنسليمان عبارة عن فيلا كبيرة علما بأنه كان معطلا و لم يتم توظيفه إلا خلال السنوات الأخيرة في إطار صفقة التوظيفات المشبوهة بينه و بين جماعة عين تيزغة ، و قد رقي في السنتين الماضيتين إلى السلم العاشر بعد أن أصبح موظفا ببلدية بنسليمان؟ فكيف يمكن أن يتقبل المرء بأن رئيس أفقر جماعة الشاب المعطل تمكن من تحقيق كل هذه الامتيازات في ظرف وجيز بعد توليه تدبير شؤون جماعة بئر النصر؟ إضافة إلى ذلك فإن التسيير بهذه الأخيرة يسوده منطق المحسوبية و الزبونية و تبادل المصالح حيث نجد أن الرئيس يوفر الحماية الكافية لأقاربه و الموالين له من أجل الاستفادة من بعض الامتيازات التي توفرها الجماعة كالسماح لأخيه الموظف بنفس الجماعة بالعمل كميكانيكي بأحد المحلات الخاصة بمدينة بنسليمان و هو يتقاضى راتبا شهريا من الجماعة المذكورة؟ كما أنه قام بتمكين مستشارين جماعيين من الاستفادة من الكهرباء بدوار السعيدية في حين تم حرمان باقي الساكنة و كذا المدرسة المتواجدة بنفس الدوار من هذه المادة الحيوية. أما بالنسبة للماء فإنه باستثناء دائرة الرئيس التي توجد بها عدة آبار و محركات لجلب الماء، فإن المنطقة تعاني من نقص حد و خصاص مهول في هذا الجانب و قد تضطر بعض الشاحنات الصهريجية إلى التنقل يوميا خلال فصل الصيف إلى نقل الماء إلى المنطقة علما بأنه تم حفر عدة آبار ببعض دواوير الجماعة و تم تجهيزها بعدة محركات لكن يستفيد منها بعض الأشخاص بعينهم في حين يحرم منها السكان و كذا المرافق العمومية المتواجدة بها كالمدارس و المركز الصحي. لكن ما يثير الدهشة و الاستغراب في نفس الوقت هو إقدام الرئيس على اقتناء و تثبيت كاميرات بمكتبه بالجماعة الفقيرة لأسباب غير مفهومة مما دفع بالبعض إلى طرح تساؤلات عديدة حول الجدوى من تجهيز الجماعة بهذه الكاميرات و هي التي تفتقر إلى أبسط الخدمات، علما بأنه على بعد أمتار قليلة من مقر الجماعة يوجد دوار، مساكنه عبارة عن كهوف مبنية بالتراب و الطين و يفتقر إلى البنية التحتية الأساسية من ماء و قنوات الصرف الصحي و... حيث كان من الأجدر الالتفاتة إلى ما يعانيه سكان الدوار عوض تبدير الأموال في تأثيث مكتبه بتجهيزات ليست بالضرورية.إضافة إلى ذلك، فإنه يستعمل كل الأساليب للتحكم في مصير الجماعة حيث يقوم بتقريب الموالين له من الأعضاء الذين يسايرونه في مخططاته و إبعاد كل من يعارضه كما حدث مؤخرا بعد تنصيب ابن خاله كمقرر للمجلس و إبعاد عضوين نشيطين من التسيير. و رغم فضح البعض من هذه الأساليب على صفحات الجرائد الوطنية ، فإن الأمور مازالت كما هي و لايزال الرئيس متماديا في تحديه للجميع، مما يتطلب من الجهات المسؤولة مركزيا و إقليميا، إيفاد لجان للتحقيق في بعض الاختلالات التي تعرفها جماعة بئر النصر.