نجاة الكرعة، أمين الشنتوف، عز الدين النويري، محمد أمكون، وغيرهم كثير، من سبق أن سمع بهذه الأسماء، من يعرفها، من تابع مسارها، أكثر المتتبعين للشأن الرياضي والحريصين على مواكبة الأحداث الرياضية الكبرى، يعرفون بالكاد أنهم ضمن نخبة من خيرة الأبطال الذين يمثلون المغرب في منافسات الألعاب الأولمبية الموازية (البارالمبية) التي تحتضنها لندن خلال الفترة من 29 عشت إلى 9 شتنبر. بعزيمة الرجال، وتضحيات الأبطال، استطاع هؤلاء الرياضيون، أن ينقشوا أسمائهم في قلوب جميع المغاربة، وأن يخرجوا من الظل ليصنعوا تاريخا جديدا للرياضة المغربية، كيف لا وقد تحدوا إعاقاتهم وتخطوا كل الصعاب والمحن، من أجل هدف نبيل يتمثل في رؤية العلم الوطني يرفرف خفاقا عاليا في سماء العاصمة البريطانية. تتويج مستحق، ونتائج استثنائية حققها هؤلاء الأبطال المغاربة، في بارالمبياد لندن، جميعهم بدون استثناء حطموا أرقاما قياسية عالمية في طريقهم إلى منصة التتويج والحصول على المعدن النفيس، حتى محمد أمكون الذي حصل على النحاسية كان سباقا إلى تحطيم الرقم القياسي للألعاب خلال دور نصف النهاية. وكانت بداية الغيث البارالمبي، مع البطلة نجاة الكرعة التي أهدت للمغرب أول ميدالية ذهبية في منافسات ألعاب القوى، ومحطمة الرقم القياسي العالمي لمسابقة رمي القرص (إف 40)، بتسجيلها 37ر32 متر. قبل أن تتوالى الإنجازات ويحرز الأمين شنتوف، على الميدالية الذهبية لسباق 5000 متر فئة (ت12)، محطما الرقم القياسي العالمي للسباق، مسجلا زمنا قدره 13 دقيقة و53 ثانية و76 جزء المائة، ثم يأتي الدور على عز الدين النويري، الذي أحرز الميدالية الثالثة للمملكة عقب تتويجه بطلا لمسابقة دفع الجلة (إف 34) بتحقيقه رمية بلغت 13 متر و10 سنتمترات، محطما في طريقه إلى هذا الإنجاز رقما قياسيا عالميا جديدا. أما العداء محمد أمكون فقد عانده الحظ، واكتفى بميدالية نحاسية بطعم الذهب، بعد أن حل ثالثا في سباق 400 متر فئة (ت 13)، وهو الذي حطم الرقم القياسي للألعاب في تصفيات نصف النهائية حيث حقق زمنا قدره 49 ثانية و04 جزءا من المائة. وحرص الرياضيون المتوجون في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء على التأكيد أنه بالرغم من حرارة المنافسة وأجواء الإثارة والضغط المرتبط بالحماس الجماهيري، فإن سماع النشيد الوطني ورؤية العلم الوطني خفاقا في سماء الملعب الأولمبي يستحقان بذل كل التضحيات. وأكد العداء الأمين شنتوف في هذا السياق أن جميع الرياضيين المغاربة دخلوا غمار منافسات الألعاب البارالمبية من أجل إعادة الاعتبار للرياضة المغربية وإسعاد ملايين المغاربة من خلال الرهان على حصد أكبر عدد من الميداليات. وشدد على أن تتويجه بذهبية مسافة 5000 متر وتحطيمه الرقم القياسي العالمي- فئة ضعاف البصر- يعد ثمرة سنوات من الجهد والعمل الكبير، والذي تم استكماله بدخول معسكرات وتربصات إعدادية مغلقة ومتواصلة منذ شهر أبريل الماضي من أجل التهيئ للاستحقاق البارالمبي. وأشار الأمين شنتوف في هذا السياق إلى أنه سعى، بمعية مدربه، منذ البداية إلى العمل على تحطيم الرقم القياسي العالمي، وذلك من خلال برمجة تداريب شاقة ومكثفة سواء في إفران أو معهد مولاي رشيد للرياضيات أو معسكر مدينة بيدفورد (انجلترا). وأوضح البطل المغربي، ابن مدينة القصر الكبير المفعم بالحماس والحيوية، أن ألعاب لندن لن تعد سوى بداية وباكورة الألقاب والنتائج الكبيرة، ولاسيما وأنه قد التحق حديثا بالمنتخب الوطني لرياضة الأشخاص المعاقين. وأكد شنتوف أنه عانى كثيرا من سوء البرمجة خلال هذه التظاهرة الدولية، حيث اضطر إلى خوض نصف نهاية مسابقة 1500 متر مساء ثاني شتنبر ومسابقة 800 متر صباح يوم ثالث شتنبر ونهاية سباق مسافة 5000 متر مساء اليوم نفسه،..» وأشار إلى أن الطاقم التقني سعى إلى تعويض نقص المنافسات بالمشاركة في دوري دولي بتونس إلى المشاركة في جميع المنتديات واللقاءات التي تنظم على الصعيد الوطني. وشدد علال التاقي على أن البطل عز الدين النويري يملك قدرات فنية وبدنية، يمكن تطويرها واستغلالها من أجل تحقيق نتائج أفضل، مشيرا إلى أن بإمكانه الوصول إلى تحقيق رقم قياسي عالمي جديد يناهز 15 مترا إذا ما واصل العمل على نفس المنوال. والأكيد، أن المغرب لم يتمكن فقط من الفوز برهان حصد أكبر عدد من الميداليات في هذا المحفل البارالمبي الكبير، وإنما عمل على استثمار هذه التظاهرة الكبرى من أجل ضمان تمكين العناصر الشابة والواعدة من قدر أكبر من الاحتكاك والتجربة، وهو ما سينعكس مستقبلا بشكل إيجابي على مسارها الرياضي.