فقدت الساحة الأدبية والثقافية قبل أيام الصديق الكاتب والشاعر عبد الرزاق جبران الذي وافته المنية بالدار البيضاء، بعد معاناة شديدة مع مرض عضال ألم به. التقيت بالراحل لأول مرة بمدينة العيون، عقب انتقاله أستاذاً لمادة اللغة العربية بثانوية المصلى. توطدت العلاقة بيننا، التقينا كثيراً وكان «يحلم» معنا في تأسيس فرع لاتحاد كتاب المغرب بالصحراء، الذي لم يكتب له النجاح خلال عدَّة محاولات، بسبب جهات داخلية كانت تشوش على فكرة التأسيس!! كما كان الراحل دائم الحضور ونشيطاً جمعوياً يسعى لتنظيم ملتقى أدبي كبير حول الحكي والإبداع السردي بالعيون وأعدَّ مشروعاً مهماً لم يحظ بالدعم، ولم تتح له الإمكانيات اللازمة لذلك رغم العديد من المحاولات. واكتفى بتأسيس وتنشيط «نادي الوحدة للإبداع وتحليل الخطاب» الذي لم يدم سوى القليل من الوقت. من إبداعاته الشعرية التي كان لي شرف قراءتها ديوان «أسماء»، و»بياض الحروف». وهذان العملان، إلى جانب النص القصصي «مظلة في قبر» للقاص مصطفى لغتيري، شكلا نقاشاً دار بيننا حين استضفته -قبل سنوات قليلة- في الحلقة الأولى من برنامج «قراءات» الذي كنت أعده وأقدمه بقناة العيون الجهوية. خلال السنوات الأخيرة تباعدت اللقاءات بيننا بسبب الانشغالات ومماشي الحياة الكثيرة، وعلمت في ما بعد بمرضه ولم تسمح لنا ظروف العمل والتكوين والتنقلات المتتالية بزيارته، غير أن مكالمة هاتفية دارت بيننا قبل رحيله بشهرين تقريباً رفقة زميله لغتيري، حيث التمسا مني إقناع المسؤولين بنيابة العيون وإبلاغهم بتدهور حالته الصحية وإصابته بشلل نصفي، بعد أن تصاعد الإلحاح عليه ومطالبته باستئناف عمله وإجراء فحص مضاد.. بهذا الرحيل المفجع، تكون الأسرة الثقافية والأدبية بالمغرب قد منيت بخسارة أخرى بعد رحيل العديد من فنانيها ومثقفيها الكبار..وبهذه المناسبة الأليمة، نتقدَّم نحن زملاؤه بمدينة العيون، وبالصحراء عموماً، بأحر تعازينا إلى عائلته الصغيرة والكبيرة، راجين من العلي القدير أن يلهمهم الصبر والسلوان، ويسكن الفقيد فسيح جناته. وإنا لله وإنا إليه راجعون.