هيمنت مأساة حادثة السير التي أودت في «تيشكا» بحياة 42 راكبا على مراسيم افتتاح معرض النقل واللوجستيك والحركية التي نظمت صباح أول أمس الأربعاء بالمعرض الدولي بالدارالبيضاء. ففضلا عن كون الاجتماع الاستثنائي الذي انعقد بالرباط برئاسة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، فرض على وزير التجهيز والنقل عزيز الرباح الاعتذار عن الحضور وأناب عنه الكاتب العام محمد بنجلون، فإن مهنيي النقل الطرقي لم يصرفوا وقتهم في زيارة الأروقة بحثا عن أحسن الآليات التي تتجاوب مع برامجهم الاستثمارية، وإنما اغتنموا فرصة تواجد تمثيلياتهم النقابية بالمعرض ليتداولوا بشكل عفوي وغير رسمي في أسباب الفاجعة، بل وفي أشكال الرد على تصريحات الوزير الرباح التي اعتبروها مستفزة ومجانبة للحقيقة. وبينما كان الوفد الرسمي يتجول عبر الأروقة، كان ممثلو نقابات أرباب النقل الطرقي للبضائع بعدة مناطق، بما فيها الدارالبيضاء والشمال والجنوب، يتبادلون التهم في ما بينهم حول اكتفاء كل منهم، منذ سنوات، بالاجتماع بشكل منفرد مع الوزير الوصي ومحاولة الظهور بمظهر منقذ القطاع من الأزمة التي يتخبط فيها. بصوت مرتفع دعا أحد النقابيين إلى اتخاذ أشكال نضالية مثيرة للانتباه، ودعا إلى توحيد الصف لأن مهنيي القطاع لم يعد لهم ما يخسروه، وهذه الدعوة تبناها الجميع، ومنهم من أشهر وثائق تثبت أنه شرع في الاتصال مع مختلف مكونات القطاع لتوحيد المواقف والدخول بشكل جماعي في حركة نضالية تضع حدا لمغالطات الوزارة، وتوجهها باستمرار نحو البحث عن تبرئة ذمتها من آفة حرب الطرق عبر الإدلاء بتصريحات تدين المهنيين وكأنهم المسؤولون الوحيدون عن وقوع حوادث السير. وإذا كان الرباح قد اعتمد في تصريحاته الأخيرة على الحالة الميكانيكية للحافلة، وعلى تجاوز الحمولة المسموح بنقلها ليخلص إلى أن العنصر البشري هو المسؤول الرئيسي عن فاجعة «تيشكا»، فإن المهنيين اعترفوا بكونهم طرفا في ما يحصل ولكن مع التأكيد على أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق الوزارة التي لا تتخذ من حماية الأرواح البشرية معيارا رئيسيا لتحديد الأولويات في الإنفاق على التجهيز، وفي هذا السياق تم التذكير بحالة «تيشكا» التي كانت مسرح الفاجعة، فأكدوا أن أول دراسة لتحويل الطريق الحالي بنفق، أنجزت سنة 1976 ورفضت سنة 1998 وبعد ذلك تم إنجاز دراسة ثانية سنة 2006 وظلت حبيسة الرفوف علما بأن نفقا مماثلا سبق بناؤه في إنجلترا سنة 1841 بالوسائل البدائية التي كانت متوفرة آنذاك، وهو النفق الذي يساهم حتى الآن في تيسير حركة السكك الحديدية بشكل آمن.