تتواصل منذ عدة أيام بتونس احتجاجات الصحفيين والمهنيين في قطاع الإعلام ضد التعيينات الحكومية على رأس عدد من مؤسسات الإعلام العمومي، كان آخرها تعيين مدير عام جديد على رأس «دار الصباح» للطباعة والنشر ورئيس مدير عام جديد على رأس التلفزيون الرسمي. ويطالب مهنيو القطاع، ممثلين في عدد من التنظيمات النقابية في مقدمتها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، الحكومة بأخذ رأي العاملين بالمؤسسات المعنية في المرشحين للمناصب الإدارية على رأس هذه المؤسسات في انتظار تفعيل القوانين التي تنظم القطاع، مع الالتزام بالفصل التام بين الخط التحريري والإدارة، متهمين بعض الأحزاب الحاكمة بمحاولة الهيمنة على قطاع الاعلام في أفق الانتخابات القادمة. غير أن المسؤولين عن قطاع الإعلام برئاسة الحكومة، الجهة المشرفة على شؤون الإعلام، في غياب وزارة وصية على القطاع في التشكيلة الحكومية الحالية، يرون أن القوانين الجاري بها العمل تخول للحكومة صلاحية التعيين على رأس مؤسسات الاعلام العمومي، شأنها في ذلك شأن باقي المؤسسات العمومية الأخرى. وكانت الحكومة قد عينت الأسبوع الماضي مديرا عاما جديدا على رأس مؤسسة «دار الصباح» التي تصدر يوميتين، واحدة بالعربية «الصباح» والثانية بالفرنسية «لوطان» وهي مؤسسة صادرتها الدولة غداة الإطاحة بالنظام السابق في 14 يناير 2011، بعد أن كانت في ملكية صخر الماطري، صهر الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي. وتتمثل مطالب أغلب العاملين في هذه المؤسسة، الذين نظموا على مدار الأسبوع الماضي اعتصامات ووقفات احتجاجية كان آخرها داخل مقر المجلس التأسيسي، بالتراجع عن تعيين المدير الجديد، لطفي التواتي، متهمين الجهات الحكومية بمحاولة ضرب «استقلالية» الخط التحريري للجريدتين. وعلى مستوى مؤسسة التلفزة العمومية، التي عينت على رأسها مؤخرا الصحفية المعروفة، إيمان بحرون، التي أعلنت بدورها أمس عن تعيين مديرين جديدين على رأس كل من القناتين الأولى والثانية، فقد «نددت» النقابات المهنية بالمؤسسة بهذه التعيينات. ودعت في بيان لها، إلى مواجهة ما وصفته ب«عملية تركيع التلفزيون عبر تصعيد الاحتجاجات وانجاح الإضراب العام المقرر في 13 شتنبر الجاري»، والذي دعت له نقابة الصحفيين في كافة مؤسسات الإعلامية. وأكد البيان الصادر عن النقابات التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل «رفضها القاطع» لهذه التعيينات «المسقطة»، واعتبرت أنها تدخل ضمن «مخطط للهيمنة على المرفق العمومي السمعي البصري والسيطرة على الخط التحريري للتلفزيون التونسي». وفي سياق متصل، ندد الفرع التونسي لجمعية «مراسلون بلا حدود»، في بيان له صدر في وقت سابق من هذا الأسبوع بما وصفه ب«سيطرة السلطات التونسية على وسائل الإعلام العمومي» وب«غياب آلية الاستشارات التي تنظم عمليات الإقالة والتعيينات في قطاع الإعلام المرئي والمسموع في تونس»، داعية الحكومة إلى تفعيل المرسومين المتعلقين بتنظيم قطاعي الصحافة المكتوبة والإعلام السمعي البصري من أجل ملء الفراغ القانوني للحد من السيطرة الحكومية على وسائل الإعلام. يذكر أن الحكومة السابقة، التي ترأسها الباجي قائد السبسي، كانت قد أقرت في نوفمبر 2011 المرسومين 115 (قانون الصحافة) و116 (قانون الإعلام السمعي البصري)، اللذان نشرا في الجريدة الرسمية في حينه. ويتناول المرسوم الأول مسألة «حرية الصحافة والطباعة والنشر»، فيما ينص المرسوم الثاني على «إحداث الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري»، كهيئة «تعديلية» لها صلاحيات التعيين على رأس المؤسسات العاملة في قطاع الاعلام السمعي البصري العمومية وتسهر على استقلاليتها. وكانت الحكومة قد اتفقت مؤخرا مع وفد يمثل النقابات المهنية من صحفيين ورؤساء مؤسسات إعلامية على تشكيل لجنة مشتركة تناقش الاقتراحات الخاصة بتعديل المرسومين قبل احاتهما على المجلس التأسيسي لاعتمادهما. إعداد مكتب تونس )و.م.ع)