قبل أسبوع من اليوم، توفي رائد الفضاء الأمريكي «نيل أرمسترونغ» عن سن يناهز الثانية و الثمانين بعشرين يوما (5 غشت 1930 ? 25 غشت 2012) في أحد مستشفيات سنشيناتي بولاية أوهيو، و ذلك نتيجة تعقيدات مصاحبة لعملية الشريان التاجي التي أجراها في 7 غشت المنصرم. و يعد «نيل أرمسترونغ» أول إنسان وطأت قدماه سطح القمر في العشرين من يوليوز سنة 1969 . و قد ارتبط هذا الحدث الكبير بجملة تاريخية نطق بها «أرمسترونغ» و لا زال صداها يتردد إلى اليوم ? من خلال المواقع الإلكترونية ? و هي « هذه خطوة صغيرة لإنسان، لكنها قفزة عملاقة للإنسانية»، و هي الجملة التي أعدها قبل ساعات من هبوطه التاريخي، و سمعها فورا حوالي 450 مليون شخص حسب تقديرات ال»بي بي سي». و قد أُغرم «نيل» منذ صباه بالطيران لدرجة أنه نال رخصة الطيران الهاوي و سنه لا تتجاوز الخامسة عشر أي قبل نيله رخصة سياقة السيارة. و بعد ذلك بسنتين (1947) انتسب إلى جامعة «بورديو» لهندسة الطيران. و في سنة 1949 تم استدعاؤه للخدمة العسكرية في البحرية حيث عمل كطيار و نال شهادته كطيار عسكري، شارك بعدها في الحرب الكورية خلال سنتي 1951 و 1952 . و عقب ذلك قرر «أرمسترونغ» الانتساب لبرنامج اختبارات الطيران بالقاعدة الجوية «إدواردس»، حيث كانت التجارب تجري على طائرات فائقة السرعة تتاخم سرعتها 3 ماخ (حوالي 3200 كيلومتر في الساعة) و تحلق في ارتفاعات عالية جدا تصل إلى 60 كيلومترا. و في مستهل الستينات (1962) تم تعيينه ضمن ستة مهندسين طيارين للمشاركة في برنامج للفضاء، بيد أن أول رحلة فضائية له كانت على متن «جيميني 8» للدوران حول الأرض و ذلك سنة 1966. و في خامس أبريل 1967 و كان برنامج أبولو الفضائي قد انطلق، جمع «ديك سلايتون» 18 رجل فضاء ليعلن لهم أن «أول من سيقوم برحلة إلى القمر سيكون واحدا من بينكم أنتم الموجودون بالغرفة». و في شهر مارس 1969 قرر فريق من إدارة «نازا» أن يكون «نيل أرمسترونغ» هو أول رجل يهبط على سطح القمر لعدة اعتبارات من بينها « تواضعه و عدم حبه للظهور» (لم يكشف عن هذه المعلومة إلا سنة 2001 من خلال مذكرات «كريس كرافت» أحد أفراد فريق «نازا» الأربعة الذين اتخذوا القرار). و قد كان حدس الفريق في محله إذ أن «نيل أرمسترونغ» و بعد الشهرة اللامسبوقة التي أصبحت تحوطه، قرر التفرغ للتدريس رافضا عروض الشركات الكبرى كي يكون ناطقا باسمها مقابل الأموال الطائلة. و على عكس رواد فضاء آخرين، رفض الانتماء السياسي لأي من الحزبين الأمريكيين الكبيرين الدمقراطي أو الجمهوري، و رغم انتمائه السابق للكنيسة الميثودية أو المنهاجية (طائفة بروتستانتية ظهرت في القرن الثامن عشر ترى أن الكنيسة الأنغليكانية قد ابتعدت عن التدين المسيحي الحقيقي) فإنه حين كان يُسأل عن دينه أو كنيسته كان يقول : «أنا رباني» (أي يؤمن بالله) و من المشهور عن «نيل أرمسترونغ» أنه كان يرفض توقيع الأوتوغرافات و ذلك بعد أن علم أن شبكة من المحتالين تعمل على بيع توقيعاته بمبالغ ضخمة بل إن عددا من توقيعاته المزورة يتم بيعها أيضا. و في سنة 2005 رفع «أرمسترونغ» دعوى قضائية غريبة ضد «ماركس سايزمور» و هو حلاق يتعامل معه منذ عشرين سنة، و ذلك بعد أن اكتشف أن الحلاق باع خصلات من شعره بمبلغ ثلاثة آلاف دولار دون معرفة أو ترخيص من «أرمسترونغ». و أمام عجز الحلاق عن استرداد الشعر المبيع قرر إرجاع ثمن الشعر أي 3000 دولار التي منحها «أرمسترونغ» لإحدى الجمعيات الخيرية. هذا هو رائد الفضاء «نيل أرمسترونغ» الذي كان أول رجل وضع قدمه على سطح القمر و هو الذي قال «باراك أوباما» في نعيه «أنه سيبقى أحد أكبر الأبطال الأمريكيين، ليس فقط في عصرنا الحالي بل في كل العصور».