في عز الفضيحة التي اهتز لها الرأي العام الرياضي الوطني، بعد سقوط العدائين المغاربة في حفرة المنشطات بلندن. خرج سعيد عويطة أمير السباقات النصف طويلة والطويلة والمدير التقني السابق للجامعة ، ملتزما بأنه سيفجر قنبلة من العيار الثقيل مباشرة بعد انتهاء الألعاب. انتظرنا ومعنا الرأي العام الرياضي هذه «القنبلة» التي التزم بها سعيد عويطة، خاصة وأن سعيد - قياسا مع درجة النبرات الصوتية التي عبر أو هدد بها - كان قريبا من الجامعة ومن سراديبها ويعرف التفاصيل والبناية والأشخاص والعدائيين. لذلك كنا ننتظر فعلا أن يقول الحقيقة كل الحقيقة، عن هذه الجامعة وعن ملف المنشطات الذي شكل مادة دسمة، تغذت فيها ومن خلالها العديد من الأحاديث و التصريحات والاتهامات، وشكلت الجامعة في هذا كله، الحلقة التي يشار إليها ب«البنان»، بل أتهمت مباشرة على أمواج إحدى الإذاعات الخاصة، مما دفع هذه الجامعة - وحسب المقربين - إلى إعداد ملف لتقديمه إلى القضاء، لحفظ ماء الوجه ولإبعاد التهمة التي اعتبرها البعض أنها متورطة بشكل مباشر في هذا الملف . اليوم وقد عاد الجميع إلى أرض الوطن. وفي انتظار أي يتم فتح هذا الملف وغيره من الملفات الخاصة والمتعلقة بالأسباب الحقيقية التي أدت إلى تواضع الرياضة الوطنية في هذا المحفل الدولي. فإننا مع الأسف لم نعد نسمع - كما كان الأمر في السابق - على أن الدوائر المسؤولة عن هذا القطاع، تسعى حقيقة إلى فتح هذه الملفات الحارقة التي بكل تأكيد ستشعل النار في مؤخرة العديد من المسؤولين هنا وهناك. وأن العدالة وحدها قادرة على المسك بالأيادي الخفية التي كانت وراء هذه الفضيحة ، المدهش في الأمر، أن عويطة الذي وعد وبالفم المليان، علي أنه سيفجر «القنبلة»، سلك طريقا أخرى، طريق الوزارة الأولي، أي أن القنبلة الموعودة، فجرها سريا عند رئيس الحكومة. في محاولة لهذا الأخير، الالتفاف عن الفضيحة التي يطالب الرأي العام بمعرفة تفاصيلها وحجمها والأسماء المساهمة فيها وتقديمهم للعدالة . وكذا قدرتها - أي القنبلة الموعودة - على خلخلة البنيات التي تحمي الفساد والمفسدين . قد نقول في هذ الباب. أن عويطة قرر قطع المسافات القصيرة، للحديث عن الأزقة المظلمة المؤدية إلى الرؤوس الكبيرة أي إلى الحقيقة، التي يطالب بها الرأي العام، سلك طريق الأحاديث السرية و الثنائية، عوض أن يتحدث بصوت مرتفع لمعرفة أولا ما سيقوله و ما هي الاتهامات ونوعيتها، وبالتالي معرفة رأي أو آراء الأطراف الأخرى المعنية بهذا الأمر، وموقفها من تلك الاتهامات الخطيرة الموجهة إليها. كنا فعلا ننتظر خرجة سعيد عويطة، الذي لم يعد - حسب علمنا - أنه ليس لذيه ما يخسره، بعد أن أبعد مرتين، وضاق ذرعا من الجميع ومن ألعاب القوى ذاتها. كنا ننتظر منه فعلا تلك «القنبلة»، حتى يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود. وليتحمل وقتها كل طرف المسؤولية. أما وأن يتم الإلتفاف علي هذا الملف الحارق، بطريقة العدائين الكبار ، فذلك ما لا يقبله أي عقل مستقيم. طبعا من سلطات رئيس الحكومة، كما يخول له ذلك الدستور، - على الأقل في هذ الموضوع بالذات الذي لايرتبط لا من حيث قيمته ولامن حيث درجة الحرارة فيه بموضوع «ما للملك وما لرئيس الحكومة»- أن يعرف حقيقة ما يدور وعلى لسان شخص غير عادي، والذي اختار قناة الجزيرة لتقديم التزامه وليقول الحقيقة وبتفجير القنبلة الموعودة. لكن من حق الرأي العام الرياضي كذلك ،أن يعرف ما جرى بين رئيس الحكومة وسعيد عويطة. عن هذا الاجتماع الشبه سري. كذلك لم يكلف الناطق الرسمي باسم الحكومة الذي هو في ذات الوقت وزير الاتصال، أن يقوم - على الأقل - باعلان عناوين هذا الاجتماع. وما هي الخطوات التي سيقدم عليها رئيس الحكومة في اتجاه تقديم المتورطين للعدالة و انقاذ الرياضة الوطنية من المنشطات التي بهذلت المغرب والمغاربة في أكبر محفل دولي. الوزارة الوصية من جانبها، التزمت الصمت. وسلكت مسلك «كم من حاجة قضيناها بتركها»، فلم يعد يطل علينا السيد الوزير، ليقول لنا وللرأي العام. أين وصل بحثه في هذا الموضوع، الذي عبر غير ما مرة عن اشمئزازه وضيقه من المنشطات وما خلفته من خدوش علي وجه الرياضة الوطنية، الذي هو مسؤول أول عنها، مسؤول في الحفاظ على وجهها الناصع وعن قيمتها أمام المحافل الدولية. لم نعد نسمع للسيد الوزير صوتا. وكان مليا به هو الآخر، أن يحدث الرأي العام عما دار بينه وبين سعيد عويطة الذي غير وجهته وسرعته وخط الوصول. في الحقيقة، إن هذا الالتفاف على الحقيقة، يفهم منه شيء واحد، مادام أنه لحد الساعة لم تعرف التفاصيل. أن هناك رغبة في تغيير الاتجاه، اتجاه الحقيقة، لتبقى المنشطات إحدى الملفات المطموسة، ولا أحد له القدرة في الكشف عن أسماء المتورطين. وذلك مااعتدناه في ملفات سابقة عانت منها الرياضة الوطنية، ومازالت الحقيقة فيها محفوظة وكأنها سر من أسرار الدولة.