إنها شابة خفيفة الظهور، يعرفها الصغير والكبير، ابتسامتها تغزو اللوائح الاشهارية الضخمة وتبدو عبر وصلة اشهارية أخرى كحبة أسبرين لمرضى القصور التلفزي ، لكن أي قدر قاد هاته الشابة المليئة بالحلم إلى غزو الساحة الإعلامية كصوت أنوثي حصل على التأشيرة المشرقية بمباركة سلطوية للطخمة الحاكمة في سوق الإشهار ؟ إنها دنيا باطما فنانة صاعدة شغلت المغاربة وربات البيوت والمراهقات ولولا ألطاف الله لازدادت مشاكلنا بعد الضجة التي أثيرت بعد حصولها على الرتبة الثانية وكأنها لو حصلت على الرتبة الأولى كنا سنخرج من وضعنا الفني ونصبح بعدها منافسين بشراسة للسوق المصرية واللبنانية والخليجية ، لكن ماذا قدمت هاته الفنانة الواعدة ؟ كم عدد الأغاني التي رسمتها في حقل تاريخها المجهول ؟ لقد أبرزت دنيا كعبها العالي كصوت مغربي موهوب واستطاعت أن تشق طريقها في منافسة غنائية عربية ، لكن إنها مجرد مسابقة فنية لا تسمن ولا تغني من جوع ، لكن يبدو أنها أسمنت صاحبة الرتبة الثانية بهدايا المعجبين و آخرها سيارة آخر طراز ثم ظهورها في وصلة اشهارية لإحدى شركات الاتصال ، لقد كان الفنان ومازال ملزما بتقديم مشوار فني هام ، وقديما كان المغني يعبر حقول الألغام ويهجم على البدايات وبصبر معرضا نفسه لضربات الحساد قبل أن يخطف قلوب الملايين ، المشهد الآن تغير وأصبحت لغة الماركوتينغ وبريق الشهرة الزائفة مطلبا للدخول إلى مصاف الكبار ، وكم من إعلام يقدم شهادات مزورة لمواهب لم يحن بعد موسم قطافها . إن دنيا باطما تمتلك صوتا جميلا وبحة معترف بها من طرف صناديد الشرق اضافة إلى اشراقتها الصافية وابتساماتها الطفولية وكونها تمثل جيلا من المواهب التي صعدت من قاع المجتمع وأنموذجا للعديد من الفتيات اللواتي يردن تقمص دور الكبار ، لكن دنيا الفن أصبحت خاضعة للوبي اقتصادي جشع يعمل على تحويل المواهب إلى نجوم واستغلال حاجة الفنان إلى نقلة مادية في حياته نظرا للبؤس الفني الذي يعيشه المغرب ، فكم من دنيا تعيش بيننا ولا أحد التفت إليها وكم من شاب يقطر موهبة ومع الوقت يغيم في النسيان ، لماذا قدر الفنان أن يبحث عن أمجاده عند الآخرين ؟ هل ضاق بنا الوطن إلى هذا الحد ؟ إن حفاوة الاستقبال والضجة التي أثيرت حول باطما تعطي صورة سيئة عن تكريم الفنان المغربي بالداخل وتثير حنق المتتبعين للشأن الفني وتحيلك إلى فكرة واحدة : إذا أردت أن تحظى باستقبال فخم فعليك أن ( تضرك زلافتك من هنا ) أي غير وجهتك جهة المشرق فتمت وجه الفن. لكن لغة الإعلام لها منطق واحد: العرض والطلب. ورغم الخدمات المادية التي تسديها للفنان حيث تنقذه من مواسم عجاف وتحفظ ماء وجهه إلا أن دور الفنان هو أن يراكم أعماله ويقوم بدوره في خدمة المجتمع والناس هؤلاء الناس الذين يكنون له الإعجاب والاحترام وإذا ما خان تعاقده معهم فانهم سيبحثون عن بديل غير قابل للتدجين.