في لقائي الأخير مع السيناريست ومعالج النصوص الاستاذ حسن رياض أثرنا موضوعا على جانب من الأهمية وهو الإخراج التلفزي، وللتذكير فحسن رياض سبق واشتغل مع المخرجة المغربية فريدة بورقية في العديد من الأعمال كمعد للنص ومعالج لأعطابه التي قد تعترض الرؤية الفنية للمخرج بدء من: «رحيل البحر» و«الحي الخلفي» و«جنان الكرمة» و«المجذوب»، وهو من جانب الإنصاف رجل يشتغل بصمت ويحاول الابتعاد عن الأضواء قدر الإمكان، كما أنه من الفنانين الذين لم تنصفهم الحركة الفنية منذ السبعينيات إلى الآن فوضعه المادي لا يليق بحجم الخدمات التي أسداها للساحة الفنية و لمخرجة في قيمة فريدة بورقية رغم أن هاته الأخيرة لا تتوانى على مساعدته وإخراجه دائما من عطالته، المهم أن الموضوع الذي شد انتباهنا ونحن نرتشف كوب قهوة مسائية بإحدى المقاهي الشعبية هو أن بعض المخرجين لا يعملون شيئا سوى إعطاء الانطلاقة لبدء تصوير لقطة أو ختمها، في حين يتكلف بالعمل بكامله التقنيون المحيطون به خاصة إذا راكم أحدهم تجربة مهمة في الاشتغال خلف الكاميرا، أي أن هؤلاء المخرجين يستغلون أسماءهم الرنانة لكي يقضوا أيام التصوير في فنادق خمس نجوم على حساب الشعب، ويركض الطاقم من أول الفيلم إلى آخره كالمجانين بحثا عن مشهد لائق، انه كرسي الإخراج الذي علم بعض مخرجينا اعطاء الأوامر فقط، لقد ظهرت في الآونة الأخيرة موجة مساعد مخرج ولجأ البعض إلى الاستعانة بأكثر من مساعد واحد، وفي النتيجة يخرج العمل هزيلا من بدايته. كما برزت ظاهرة المخرج الممثل فعمد مجموعة من الذين احترفوا التمثيل الحصول على رخصة الإخراج ليس من أجل إخراج أعمال جيدة، ولكن لإخراج أنفسهم من الأوضاع المادية المزرية أي أنهم حولوا مهنة الفن إلى وسيلة للاغتناء والخروج من دائرة الفقر، وإذا كان الاغتناء أمرا مباحا للجميع لكن لا يجب تحويل الرداءة الفنية مغنما سهلا، ولعل الأعمال الرمضانية الأخيرة أظهرت عجزا إخراجيا أثرت على بعض الأعمال التي كان من الممكن جعلها في مستوى انتظارات المشاهدين باستثناء التحفة الرباعية للمخرج كمال كمال: الحياني، والأيقونة النسائية للمخرج يونس فنان: «بنات لالة منانة»، في حين تم تسجيل بعض الأخطاء الإخراجية في سلسلة دموع الرجال رغم أن حسن غنجة يعتبر من المخرجين المشهود لهم بالاجتهاد والبحث عن الجديد لكن قد يكون الكاستينغ أساء اختيار الوجوه، فالمخرج يساهم بشكل كبير في ترشيح ممثلين لكن عموما يعتبر نموذج دموع الرجال جرأة في التخلص على الأقل من جلباب السيت كوم الذي استبد بمشهدنا الإعلامي. إن مشهدنا الفني غير واضح المعالم، فالكل يتسابق للفوز بغنيمة ما، والضحية الأولى والأخيرة هي مشاهد يقرر يوما عن يوم الرحيل إلى عوالم افتراضية بديلة سواء بالشرق أو الغرب، من هنا يجب الاستفادة من المدرسة السينمائية المغربية التي أعطتنا مخرجين كبار وغالبيتهم يقضون عطالة مفروضة وإسناد الإخراج إلى من يمتلكون غيرة على المنتوج المغربي وليس أولئك الذين يخرجون بأسمائهم لا غير.