من المسؤول عن تسويق ثقافة الوهم والضحك على ذقون المغاربة في هذا الشهر الفضيل، وهل يستوجب كل هذا الجذب وسياسة شد الحبل ونشر الغسيل حتى يستحيي مسؤولونا من أنفسهم على هذه المهزلة التي يتم تقديمها في قناتين عموميتين ممولتين من أموال دافعي الضرائب.. فالمهزلة المسماة تجاوزا فكاهة إما أن المسؤولين عن شؤون القناتين الأولى والثانية يجهلون تمام الجهل الفكاهة الحقيقية أو أنهم لا يشاهدون القناتين ويتمتعون بالبرامج المؤدى عنها في القنوات التي تحترم نفسها ومشاهديها. فقد أجمع المغاربة على رداءة هذا المنتوج التلفزيوني الذي أقامت عنه الدنيا ولم تقعدها، وصرفت من أجله الملايين من الدراهم في ظرفية اقتصادية صعبة، ولاحظ العديد من المواطنين الذين استفسرتهم «الإتحاد الإشتراكي» والذين يتابعون برامج رمضان على القناتين الأولى والثانية، أن المنتوج الذي يقدم في فترة الذروة لا يرقى إلى مستوى ما تقدمه بعض القنوات العربية الحديثة العهد، حيث أن البرمجة الرمضانية هي ذاتها التي تمت خلال السنوات الفارطة، وحتى وإن كان هنا تغييرا بسيطا، حيث ظل أسلوب البهرجة والضحك المجاني وتمطيط عمر الحلقات هو مايميز الحلقات التي تم بثها الى حد الآن، علما أن ذات الأسماء مازالت مسيطرة بشكل مطلق على تأثيث المشهد التلفزي، وإن ما تم الترويج له لحد الآن من سيتكومات في البرمجة الرمضانية يغلب عليها طابع الميوعة، ويفتقر إلى الحبكة الفنية، والبناء الفني وسنركز في هذه الورقة على سيتكوم «كلنا جيران» الذي يحظى بدعم القناة الثانية للموسم الثالث على التوالي من دون أن يفي بالمأمول أو يقدم إضافة فنية تؤثث المشهد الفني ببلادنا، رغم اعتماد منتجيه على ممثلين مصريين أضرا بالبناء الدرامي أكثر مما أضفيا على العمل قيمة مضافة، وتبقى الميزة الأساسية للسلسلة في جزءها الثالث الضحك المجاني، و الوصلات الإشهارية اللامنتهية.. وفي غياب الجودة وإعادة إنتاج نفس الأعمال التي تتميز بالضحك على الذقون بديكور مختلف تقلصت نسبة الإقبال على برامج القطب العمومي، ليبقى المستفيد الأكبر من رمضان هو شركات الإنتاج التي تشترك في مبدأ واحد ووحيد، هو أن كل شيء قابل للمشاهدة ولو كان يشبه المسوخ، خاصة في هذا الشهر الفضيل الذي تنشط فيه الإعلانات الإشهارية، مما جعل من جل الأعمال الكوميدية المقدمة سواء في القناتين الأولى أو الثانية لم ترق إلى المستوى المأمول من طرف المشاهدين المغاربة، حيث يقال (باك طاح كاليه من الخيمة خرج مايل ) حيث كان ذلك متوقعا إذ أن الإنتاج اتسم بالإرتجالية وعدم التتبع اليومي والمراقبة القبلية حتى أن بعض الأعمال لم يتم تركيبها إلا ساعات قليلة بعد الإعلان عن حلول رمضان، فيما عرفت أخرى العديد من المشاكل في الإنتاج والتسليم في الوقت المحدد مما كان من بين نتائجها إنتاج لايرقى الى مستوى جودة المنتوج ولا طريقة البناء الفني، حيث تتميز سلسلة «ما شاف ما را» بالهزالة الفنية والمضوعاتية، رغم اعتمادها على ممثلين معروفين في مجال الكوميديا، علما أن أعمال أخرى لم تكن في أغلبها موفقة في ملامسة صلب الموضوع وعصبته كما يحدث في سلسلة «الديوانة» التي حاول منتجوها ومخرجها ملامسة إشكالية الحدود المغلقة بين المغرب والجزائر التي تعتبر اليوم قبل الغد إشكالية حقيقية تستوجب نضالا سياسيا واجتماعيا لفتحها عكس هذا الموقف الكوميدي الذي لايرقى إلى ماكان مأمولا من السلسلة، إضافة رلى أعمال كوميدية رديئة تقدم قبل الإفطار بقليل والتي لارابط بين مواضعها وأصحابها وتغلب عليها روح النكتة «البايخة»، كما في سلسلة فهيد والداسوكين، والذي عبر من خلالها فهيد عن أنه اخطأ الموعد مرة أخرى.. وأمام هذا النزر القليل الذي استطعنا مواكبته قدر المستطاع نستنتج مرة أخرى أن القناتين الأولى والثانية خسرتا مرة أخرى رهان كسب المواطن المغربي في هذا الشهر الفضيل، وبالتالي كسب الرهان ولو مؤقتا في مواجهة قنوات عربية وخليجية، منها قنوات استحدثت بعد ما يسمى بالربيع العربي، إلا أنها قدمت منتوجا جيدا شد انتباه شرائح مهمة من المغاربة.. يحدث هذا في الوقت الذي اكتفى فيه مصطفى الخلفي وزير الإتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة بالتعبير عن عدم رضاه عن البرمجة الرمضانية وهو رأي شخصي، وبالتالي فإن مقاومة الرداءة لاتستدعي فقط توزيع التصريحات هنا وهناك، ولكن تتطلب إرادة سياسية حقيقية للرفع من مستوى قنواتنا التي أضحت ممهورة بالرداءة خاصة في رمضان، علما أن كل هذه الرداءة رافقتها الكثير من الوصلات الإشهارية التي تبث بشكل متزامن مع هاته المنتوجات الفاشلة في هذا الشهر الفضيل والتي قيل حولها الكثير ووجهت لها انتقادات كبيرة على صفحات المواقع الإجتماعية من فايسبوك وتويتر، مما سيؤدي لامحالة الى تدخل المجلس الإعلى السمعي البصري ، من أجل منع عدد من المسخ الإشهاري الذي يستبلد المغاربة. وأمام الفشل الذريع لوزير الإتصال في تدبير شؤون القناتين، ولو بشكل مؤقت، خلال هذا الشهر الفضيل، مكتفيا بالتشديد على إخضاع كل مايحدث إلى تقييم هادئ، وكأننا أمام موضوع خطير يستوجب ضبط الأعصاب، يتبين أن مصطفى الخلفي فشل في تدبير هذه..