خلفت حادثة اليوسفية جراحا تشاركتها مع آسفي، حيث «أريد» لجثامين الموتى بقرار لا نعرف مصدره ، التسفير إلى مدينة أخرى .. كل المأساة .. كل الشهادات والمعاناة الجحيمية التي لاقاها الأهالي ما بين اليوسفية ومستودع الأموات بآسفي .. تنقلها «الاتحاد الاشتراكي» عن كثب .. محمد دهنون لم يكن صباحا عاديا قرب مستودع الأموات بآسفي .. من غبش الفجر وأولى خيوط صباح الأربعاء الماضي وبشر كثير يتقاطر ويتجمع على وفي هذا المكان الذي يسطمى تجاوزا مستودعا لأموات المسلمين منذ التاسعة صباحا انطلق الصراخ و الهياج وسط عوائل وأسر الموتى، احتجاجا على الظروف الكارثية التي ووجه بها هؤلاء، حيث لم يجدوا ولا مخاطبا في المستشفى أو مسؤولا من الإدارة الترابية، يواسيهم، فأحرى أن ينكب على تذليل الإجراءات من تغسيل وتوزيع وتسليم الموتى لذويهم . الساعات تمر متثاقلة، والألسن الصائمة جفت، نحن في منتصف النهار والأهالي دائخون، يطالبون بالجثامين، وليس هناك سوى مي الزاهية العاملة في المستودع المذكور، تربت على كتف هذا وتخفف عن ذاك ، فيما حضر ضابط أمن حاول تطمين الناس و إعادة الهدوء إلى السرادق المفتوح على السماء والمقام في الهواء وتحت شمس حارقة ... ! «الاتحاد الاشتراكي» كانت قريبة من فوضى الموت و الألم، ومن أفواه المحتجين والمحتجات الذين كانوا يرمون بكلمات الاحتجاج على الهواء ، إذ لن يحتاج المرء إلى تعقب شهادات أو الانفراد بمكلوم أو مكلومة . «شوف آسيدي والله من فطوري البارح باقي صايم لدابا ، يعطيوني غير ولدي نديه، أنا جاي من بوشان ...» ، وانهرقت دموعه .. شيخ سبعيني .. وسط هذه الجموع تبح الكلمات .. ولم نستطع الرد، فيما كان الزميل منير الشرقي يُقَيِّدُ أسماء الضحايا.. وقفت نسوة أخريات و طالبنه بكل الجرح البائن في تهدج أصواتهن .. أن ننقل كصحافة حقيقة الأمر ... «ولادنا خنزو ، آجيو دخلو شوفو ، حاطينهوم شي فوق شي» .. منظر مقذع لم نشأ توثيقه بالصورة .. احتراما لقداسة اللحظة، وهذا ما كان. شباب غاضب لما علم بحضور الصحافة .. صب جام حنقه على مسؤولي اليوسفية الذين لم يتحملوا مسؤوليتهم في الإبقاء على الجثامين هناك في مدينة التراب والفوسفاط.. إذ حسبهم .. احتجوا ويحتجون على هذا التسفير القسري للجثامين إلى آسفي، في الوقت الذي كان من الطبيعي القيام بالإجراءات هناك، دون إدخال الأهالي إلى شرنقة جحيم إداري و صيفي في مدينة لا يعرفهم فيها أحد ..! .. في كل الأحوال كانت الشهادات المتناثرة فوق تراب و أسوار مستودع الأموات الخرب و المتسخ.. صادمة مؤثرة و تفي بالغرض لكل من سمعها. وإلى حدود عصر أول أمس الأربعاء، كانت الأهالي ما تزال تنتظر ، جيء بسيارات الإسعاف ك « دعم لوجستيكي» مقدم من الجماعات القروية بالإقليم ..! .. وبقيت كل أسرة تنتظر جثمان فقيدها وسط دوخة لا تبغيها لعدوك في يوم صيام قائظ . الأسئلة البسيطة التي تفرض نفسها بعد هذا الحادث المأساوي .. تستعيد وجاهة الطرح وملحاحيته .. أولا .. من صاحب هذا القرار بتعذيب الأسر وإضافة عشرات الكيلومترات على أسر فقيرة مكلومة تعيش ضنك العيش في جزء من المغرب العميق .. في بلاد «احمر» التاريخية .. ثانيا .. توجد مؤسسات إنتاجية في اليوسفية تستغل و تشتغل على ثروة محلية و وطنية أيضا .. غير قادرة هذه المؤسسات على توفير بنية تحتية من قبيل مستشفى متعدد التخصصات حقيقي ومستودع أموات بمواصفات عصرية وأطر طبية متمكنة ..؟ ثالثا .. لماذا لا يقوم المسؤولون بما يتوجب عليهم فعله بناء على موقع منوط بهم صنع وتفعيل القرار فيه بما ينسجم ومصالح الناس .. لنتصور بجانب اليوسفية ستنبت مدينة أيكولوجية عبئت لها كل الموارد .. بينما ستبقى هذه المدينة التاريخية شبيهة بموتاها في هذه الحادثة المؤلمة. رابعا.. وهذا الكلام موجه لمسؤولي بلدية آسفي .. بالله عليكم .. ألا ترعوون ..؟.. مستودع للأموات تكدس فيه الجثث بطريقة هجينة .. أوساخ، أتربة، روائح عطنة، بلا أبواب .. هل هذه هي آسفي التي تريدون .. لعلها الأسئلة المؤرقة .. تعازينا الصادقة للعوائل والأهالي .. لمدينة العمق النضالي والعمالي. وللتذكير، فقد تم السنة الماضية بالرباط وبالضبط بتاريخ 19 يوليوز 2011 تأسيس مجموعة من اللجن الأروبية الممثلة للمناطق التي يعمل بها أساتذة اللغة العربية والثقافة المغربية بأوربا، ومنذ دلك الحين عملت اللجنة على طرق أبواب كل القطاعات التي لها علاقة بالملف، ولكن دون جدوى، ومن النقط الأساسية التي يتضمنها الملف المطلبي نجد التعجيل بتسوية المتأخرات المتبقية، تحيين الأجور بتحويل الرواتب للمركز الوطني للمعالجة لجعل حد للتدبير السيء للملف في شقه المالي وتفاديا لما لحق رجال ونساء تعليم جراء تراكم المتأخرات وضبابية طريقة صرف الشطر الأول من هذه المتأخرات، التسريع بتنفيذ الالتزام الوارد في محضر اجتماعي 8 و15 دجنبر 2010 المنعقدين بمديرية الميزانية بالرباط والمتعلق بتمكين رجال ونساء التعليم بأوربا، أسوة بأعوان الخارجية الملحقين بالخارج ، من التعويض اليومي عن الإقامة وتسوية رواتبهم وفق مرجعية السعر التفضيلي وأخيرا تمكين هاته الفئة من التغطية الصحية حماية لصحتهم وصحة أسرهم تحقيقا لحقهم في الأمن الصحي والنفسي. وأمام اللامبالاة للمسؤولين المباشرين على هذا الملف، فقد سطرت اللجنة التنسيقية برنامج نضالي بحيث قامت بتاريخ 14 ماي 2012 بوقفة احتجاجية أمام سفارة المغرب بباريس، وتم برمجة وقفات أخرى ومعلوم أن عدد الأساتذة بأوروبا يناهز 560 أستاذ وأستاذة موزعين بين إسبانيا وهولاندا وبلجيكا وإيطاليا وفرنسا.