انتخاب عمدة طنجة، منير ليموري، رئيسا لمجلس مجموعة الجماعات الترابية "طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع"    "الكونفدرالية" تقرر تسطير برنامج احتجاجي تصعيدي ضد التراجعات التشريعية للحكومة وإخلافها لالتزاماتها    استئنافية فاس تؤجل محاكمة حامي الدين إلى يناير المقبل    نظام الجزائر يرفع منسوب العداء ضد المغرب بعد الفشل في ملف الصحراء    نقابة تنبه إلى تفشي العنف الاقتصادي ضد النساء العاملات وتطالب بسياسات عمومية تضمن الحماية لهن    البنك الدولي: المغرب يتصدر مغاربيا في مؤشرات الحكامة مع استمرار تحديات الاستقرار السياسي    الاتحاد الإفريقي يعتمد الوساطة المغربية مرجعًا لحل الأزمة الليبية    وسط صمت رسمي.. أحزاب مغربية تواصل الترحيب بقرار المحكمة الجنائية وتجدد المطالبة بإسقاط التطبيع    برنامج الجولة الخامسة من دوري أبطال أوروبا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    الشرطة توقف مسؤولة مزورة بوزارة العدل نصبت على ضحايا بالناظور    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر        الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز 'بوينغ 787-9 دريملاينر'    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر    العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    جماعة أكادير تكرم موظفيها المحالين على التقاعد    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    ياسمين بيضي.. باحثة مغربية على طريق التميز في العلوم الطبية الحيوية    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي    تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    تيزنيت: شبان يتحدون قساوة الطبيعة وسط جبال « تالوست» و الطريق غير المعبدة تخلق المعاناة للمشروع ( فيديو )        إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    لماذا تحرموننا من متعة الديربي؟!    النفط يستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من توترات جيوسياسية    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام        مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..        الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    بسبب ضوضاء الأطفال .. مسنة بيضاء تقتل جارتها السوداء في فلوريدا    انطلاق حظر في المالديف يمنع دخول السجائر الإلكترونية مع السياح    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معمل السكر بسيدي بنور يكبد الفلاحين خسائر فادحة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 08 - 03 - 2012

تعاني سيدي بنور ، القلب النابض لدكالة، وبشكل مقلق من التلوث البيئي الذي تسبب ولايزال في العديد من الأمراض للمواطنين، كأمراض العيون والجلد والحساسية ... وغيرها من الأمراض التي قد تفتك بالإنسان بين الفينة والأخرى. ويعد معمل السكر أحد أبرز هذه العوامل المؤدية إلى ذلك نتيجة ما يحدثه من إفرازات لمواد كيماوية ورمي لبقايا بعض المواد العضوية وإتلاف مواد أخرى أصابها «الخمج» بأماكن عشوائية وضعت بأكوام كثيرة بمحاذاة بعض الدواوير وعلى طول جانب المسارات الطرقية على جميع الجهات ، بالإضافة إلى عملية التخلص من المياه العفنة والحاملة لمواد مختلفة تفوح منها روائح جد كريهة، لا يستطيع معها الإنسان التحمل ، حيث تزداد حدتها كلما اتجهت نحو معمل السكر أو اقتربت منه.
معمل السكر المتواجد بمخرج المدينة على الجهة اليمنى من الطريق الرئيسية في اتجاه مدينة الجديدة، هناك بعين المكان أثارت انتباهنا في الوهلة الأولى حالة أوراق بعض الأشجار المغروسة التي تحول لونها من الأخضر إلى البني وأخرى يابسة انعدمت الحياة فيها، بل تعدى ذلك ليطال أشجارا كانت بالأمس القريب دائمة الاخضرار غير أنها اليوم يبست عروقها فلم تعد تؤدي دورها، تصارع حرارة الشمس وتقاوم قوة الرياح وهي فارغة، وغير بعيد عنها على الجهة اليمنى وضعت أكوام كثيرة من مادة متربة لونها يميل إلى البياض والاصفرار الباهت تنبعث منها هي الأخرى روائح كريهة غطت المكان، اقتربنا منها محاولين نبشها ، وما كادنا نقلبها حتى فاحت منها رائحة كريهة قد تصيب بالدوران أو الغثيان ، لشدتها وعدم القدرة على تحملها، لم نستطع المكوث بالقرب منها فابتعدنا مسرعين عن تلك الأكوام قاصدين الجهة اليسرى التي كانت مليئة ببقايا مادة الشمندر ورواسب سائلة تكاثرت بها فقاعات ( تشبه زبد البحر ) تتجاذب نتيجة اختمار المواد المختلطة وتفاعل مكوناتها ، الأمر الذي يهدد الفضاء البيئي وكذا الفرشة المائية بالتلوث ويصيب النباتات والحيوانات والإنسان بأضرار مختلفة.
جولة الجريدة حول المعمل
بعد جولة بسيطة حول المعمل، لاحظنا أكواما من تلك الأتربة وقد تم التخلص منها ، وذلك برميها بطريقة عشوائية على طول المسارات الطرقية وبمحاذاة بعض الدواوير دون أن يكلف المسؤولون أنفسهم عناء التخلص منها ورميها بعيدا عن السكان على الأقل حفاظا على سلامة الطرقات وبالتالي سلامة المواطنين والحفاظ على جمالية المنطقة ناهيك عن سوء تدبير مسألة المياه المتعفنة المتخلص منها بعد استغلالها في عملية الغسل والتنقية ... والتي تنشر روائحها الكريهة على مدى عشرات الكيلومترات، وقد ساهمت وبشكل كبير في تناسل العديد من أنواع الحشرات الضارة من أبرزها حشرة «الناموس».
أعرب العديد من الساكنة عن غضبهم وقلقهم لما أصبحت عليه أوضاع مدينتهم خصوصا البيئية منها، فأحد أبناء المنطقة صرح للجريدة قائلا : « في واقع الأمر أن الكل يشكو من هذه النفايات والإفرازات التي يقذفها المعمل وما ينبعث منها من روائح كريهة بشكل دائم تفوح في المكان كله وتزكم أنوف الساكنة ، إلا أن المسؤولين ما زالوا لا يعطون اهتماماً كافياً لهذا الأمر رغم أهميته وتأثيره المباشر على الصحة العامة، خاصة لأبناء المنطقة وزوارها سواء من المواطنين أو المقيمين. وما يمكن أن تسببه من أمراض وانتشار للأوبئة ». خاطبنا هذا الرجل والأسف يتملكه حيث برزت على ملامح وجهه علامات الحيرة وعدم الرضى على الوضع الحالي للمدينة حيث أضاف قائلا : « يبدو أن المسؤولين قد غضوا الطرف عنها ولم يعيروا الموضوع اهتماما ، وكأن الأمر لا يعنيهم ويخرج عن اختصاص أعمالهم ، رغم ما فيه من مخالفة صارخة أمام أعين الجميع ... » بينما تساءلت سيدة عن سبب هذا التلوث و الرائحة المقرفة قائلة : « إن المدن تعرف بتاريخها و ثقافتها و ما تتميز به من مواقع تاريخية و جغرافية ... غير أن مدينتنا أصبحت معروفة بروائحها الكريهة و هذا عيب و عار ، هل معمل السكر الذي صرفت عليه الأموال الطائلة لا يستطيع المسؤولون عنه وضع حد لهذه الروائح الكريهة التي تنبعث من المعمل بشكل مستمر ودائم ؟ » حركاتها وطريقة كلامها تشيران إلى مدى انفعالها وكذا غضبها عن الوضع البيئي بالمدينة و تقاعس الجهات المسؤولة في أداء واجبها بهذا الخصوص مضيفة : « انتظرنا لفترة لعل الأمر يتغير و ترتاح ساكنة المدينة خصوصا في فصل الصيف من هذه الرائحة غير أنها في ازدياد و لا من يحرك ساكنا ، فتلك الإفرازات المتسربة تسبب أضرارا صحية مختلفة سواء بالنسبة للإنسان أو الحيوان ، وتشكل خطورة جمة على مستقبل التربة » .
الكلمة للساكنة
يشير السيد عبد الرحيم في معرض تصريحه للجريدة «كون الرائحة النفاذة المنبعثة من المعمل أصبحت مصدر إزعاج للأسر نظرا لما تسببه من إحراج وخجل خصوصا حين تكون العائلة مجتمعة ، ونفس الشيء بالنسبة لزبناء المقاهي الذين تفسد راحتهم تلك الرائحة ، وإذا استمر الحال على ما هو عليه فإننا سنكون مضطرين إلى اقتناء أقنعة واقية حتى نتمكن من الجلوس مع الأهل و الأحباب سواء داخل المنزل أو في المقاهي و غيرهما »، واسترسالا في تصريحه لنا يقول عبد الرحيم ، «فهي « أي الرائحة و إفرازات المعمل ) تتسبب في تلوث الهواء الذي يستنشقه الناس بشكل دائم خصوصا ساكنة الجوار ، والغريب أن هذه الرائحة السيئة يلاحظها كل من يمر من المدينة ، فما بالك بسكان المنطقة الذين يقيمون بشكل دائم بها، فمن الممكن أن تؤدي هذه الرائحة الكريهة إلي إصابتهم بالأمراض التنفسية المختلفة نتيجة اعتيادهم على تنفسها بشكل دائم ومستمر». ويلفت عبد الرحيم انتباه الجهات المسؤولة إلى ضرورة اتخاذ إجراء حاسم لهذه المعضلة وكذا من قبل القائمين على إدارة المعمل حيث لا احد يستطيع العيش في محيط مليء بمثل هذه الرائحة المقرفة خصوصا و نحن في شهر رمضان الكريم .
أثناء زيارتنا لمعمل السكر قصد الوقوف على أسباب الروائح الكريهة المنبعثة من هناك ، لم نجد أحدا من المسؤولين لنحاوره، وبالتالي ظلت الأسئلة التي حملناها عالقة بدون إجابة ، غير أنه بعد تفقدنا لمحيط المعمل شاهدنا النفايات المتراكمة هنا وهناك بالأطنان في الهواء منها من مازالت أدخنة لهيب النار تتصاعد منها بينما رميت أخرى بجانب الطريق الرئيسية دون مراعاة لأية ضوابط ، ونظرا لشدة الرائحة الكريهة لم نستطع المكوث كثيرا هناك . وعن أسباب الرائحة صرح أحد العاملين على أنها ناتجة عن رمي نفايات المعمل في الهواء الطلق الذي أدى إلى اختمارها وبالتالي أصبحت تفوح بروائح كريهة تضررت منها الساكنة أضرارا صحية مختلفة ، الأمر الذي يستوجب إجراء بحث وخبرة لتحديد الضرر والعمل على عدم تكرار ما تعيشه الساكنة اليوم من معاناة جراء ما يرمي به المعمل من نفايات .
لقد تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948  الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي يشكّل أول إجماع أخلاقي دولي حول ما ينبغي للناس توقعه من المجتمع المدني من الحريات المدنية الشخصية وحقوق الإنسان المتراوحة ما بين حرية الكلام إلى الحرية في الحد من  التعذيب، وكذلك الحق في الحصول على الصحة والذي يساعد بإيجاد وترسيخ نقاط التقاء بين الحركات البيئية وحركات حقوق الإنسان نظراً للترابط العضوي بين حق الإنسان في بيئة نظيفة وفي تنمية مستدامة وحقه في العلم والغذاء والمأكل ( نتاج عملية التنمية ). فمنذ عام 1968 إلى العام 2002 والذي شهد انعقاد قمة الأرض العالمية الثانية مرورا بقمة الأرض الأولى في العام 1992، أصدرت الهيئة العامة للأمم المتحدة عدة قرارات وإعلانات ركزت على العلاقة بين نوعية البيئة وتمتع الإنسان بحقوقه الأساسية، وقد شكل إعلان ستوكهولم لعام 1972 اعترافا واضحا بأنّ عناصر البيئة هي من العوامل الأساسية لرفاه وحياة الإنسان، وتلاه إعلان لاهاي ليثبت حق الإنسان في الحياة بكامل متطلباتها من العيش بسلام وحرية، وتتوج هذه القرارات والإعلانات بقرار الهيئة العامة للأمم المتحدة في عام 1990 إلى حق الأفراد  في بيئة مناسبة لصحتهم ورفاهيتهم .
لم يكن الحديث عن الرائحة الكريهة مصدر إزعاج الساكنة أمرا سهلا ، حيث نلاحظ بين الفينة والأخرى السخط العارم لديهم فكان لابد وأن نستمع إلى رأي أحد الأطباء في موضوع هذه الرائحة والأعراض التي قد يصاب بها المواطن، حيث أفادنا بما يلي « يتأثر الإنسان بشكل كبير جراء التلوث البيئي بصفة عامة وهذه الرائحة التي يفرزها معمل السكر بسيدي بنور وما ينتج كذلك من تغييرات جراء رميه للنفايات في الهواء، يؤدي إلى ظهور أمراض خطيرة كانتشار أمراض الجلد والعيون وإحداث أزمات في الجهاز التنفسي كالإصابة بالربو والاختناق والحمى ... كما يمكن أن يؤثر هذا التلوث على جينات الإنسان وعناصره الوراثية مما يجعله ينقل آثاره السلبية للأجيال القادمة .... » .
معاناة الفلاحين
يعد الفلاح قطب الرحى التي تدور لأجلها كل دواليب معمل السكر بسيدي بنور ، فبدونه لايمكن لمادة الشمندر أن تكون وبدون هذه الأخيرة لا يمكن للمعمل أن يتواجد بهذه المنطقة ، في حين أن كلا من المعمل و جمعية منتجي الشمندر لم يقدما للفلاح أي شيء يذكر إن على المستوى التكويني أو المنح التشجيعية أو على الأقل إحداث قسم لإرشاد الفلاح، بل لم تكلف نفسها عناء صرف ولو دريهمات قليلة لأجل تطوير أسلوب عمل الفلاح والرفع من كفاءته في هذا المجال ... هذه اللامبالاة جعلت الفلاح يفقد كل الثقة في إدارة هذا المعمل ، وحسب بعض الفلاحين فإن المعمل يساهم بشكل كبير وفوضوي في قهر الفلاح بالاقتطاعات المباشرة من عائدات منتوجهم دون إذن مسبق ، ولفائدة جهات متعددة ، فماذا يستفيد هذا الفلاح اذن ؟ يقول أحد الفلاحين : « اذا كنا لا نستفيد حتى من ( نجارة الشمندر ) التفل التي يعاد بيعها لنا وبأثمان باهظة، فماذا بعد ذلك ؟ فمنذ عملية الزرع ونحن نؤدي من جيوبنا ثمن البذور والأدوية وأجرة العاملين ... حتى وصوله إلى المعمل الذي لم يفكر المسؤولون عن إدارته يوما في الجلوس معنا للحوار والأخذ بيدنا ومناقشتنا حول أوضاعنا المزرية ( ما كاين غير لي بغا امص ليك دمك ولوحك )» . بهذه العبارة أنهى هذا الفلاح كلامه وقد بدت على ملامحه علامات التوتر . نتيجة الأضرار والخسائر التي تكبدوها خلال هذا الموسم والتي وصفت بالفادحة ، مما جعل من تصاعد صرخاتهم سبيلا لأجل إظهار الإفلاس الذي وصلوا إليه وما أصبحوا يعيشونه من قهر وإهمال في بلد اختار من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خيارا لأجل تقدم البلاد عامة والعالم القروي خاصة، و نضرب هنا مثلا ما يعانيه فلاحو منطقة اثنين الغربية بالخصوص و سيدي بنور و الزمامرة و غيرهم من المناطق، بل تزداد معاناة الفلاح الدكالي حدة في ظل الزيادة الاخيرة في ثمن أعلاف البهائم و التي تضرب في العمق القدرة الشرائية للفلاح .
في بداية اللقاء الذي جمع الجريدة ببعض الفلاحين و الذي تميز بالإعلان عن التذمر والسخط والغبن الذي يشعر به الفلاح خلال هذا الموسم ، أكد أحد الفلاحين بالمنطقة على أن هذا الموسم يعد من أسوأ المواسم التي عرفها الفلاح وذلك نتيجة عدة عوامل يتحمل فيها معمل السكر القسط الأوفر بسبب عدم احترامه للبرنامج المتفق عليه الأمر الذي جعل عملية قلع الشمندر تعرف تعثرا يتضح من خلال التأخر المسجل في وتيرة التسليم ، كما أن هذا الموسم عرف تراجعا كبيرا في زراعة الشمندر من طرف الفلاح الذي وجد نفسه مضطرا لذلك في ظل ما تكبده و يتكبده من خسائر فادحة دون الأخذ بيده او التخفيف من معاناته من طرف الجهات المسؤولة .
وضعية مزرية
الوضعية التي يعيشها معمل السكر اليوم بالرغم من توسيعه بتكلفة 80 مليارا وتجهيزه بأحدث الآلات تعد بالمقلقة نتيجة الأعطاب التقنية التي يعرفها بين الفينة والأخرى ، وهو ماجعل الفلاح يتكبد جراء ذلك خسائر فادحة جعلت منتوجه يتعرض للإتلاف والتعفن والامراض ...أو النقص في مادة الحلاوة ، وبما أن بداية الموسم عرفت العديد من الوقفات و المسيرات الاحتجاجية ضد الفساد و المفسدين و ناهبي المال العام و القهر الذي يعيشه الفلاح محملين المسؤولية للجهات المعنية إلى درجة أزبدت فيها الأفواه وهي تعد ما يتعرض له الفلاح من إهمال وتواطؤ لمعمل السكر مع بعض الجهات ضده مما زاد في مديونيته وأثقل كاهله بالاقتطاعات غير المشروعة ، على اثر تلك الاحتجاجات تم عقد لقاء رسمي احتضنته قاعة الاجتماعات بعمالة الإقليم غير انه خرج الجميع كما دخل دون التوصل إلى حلول أو مقترحات فعلية تهم الوضع المتأزم للفلاح والفلاحة بالمنطقة بصفة عامة .
الاقتطاع عن الأوساخ بالإضافة إلى الاقتطاع المباشر لفائدة المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي وكذا مؤسسة القرض الفلاحي بدون اذن مسبق أو إقرار أو حتى تشاور في الموضوع مع الفلاح المعني الذي يعتبر هذه الإجراءات ظلما في حقه و منافية للقانون ، جعلته دوما يزحف تحت وطأة المديونية والإفلاس في وقت يعرف فيه الطرف الآخر ربحا مستمرا على حساب عرق جبينهم وراحة وحقوق أسرهم ، متسائلين إلى متى سيظلون بين مطرقة الاستغلال والإهمال من طرف معمل السكر وسندان المديونية التي دفعت البعض منهم إلى بيع أرضه والهجرة إلى المدن .
في الوقت الذي كان فيه الفلاح ينتظر من إدارة معمل السكر تشجيعه والدفاع عن مصالحه خدمة لمصالحها قبله ، تفاجأ باقتطاعات من طرف المعمل لفائدة جهات أخرى دون إذنه ، وهو ما اعتبره الفلاح تجاوزا وتصرفا في أموال هي لغيره ،بل تجاوز ذلك ليتم إهمال منتوجه و تركه عرضة ل«الخمج» و الضياع كما واجه البعض عنترية بعض المسؤولين بمعمل السكر الذين لم يتوانوا في إصدار كلام ناب و استعراض عضلاتهم وصلت حد الاعتداء على بعضهم .
وهكذا تصبح مصداقية المعمل وحتى الجمعية في شك دائم لدى الفلاح ، حيث لم يعد ينظر إليهما بعين الرضى على ما يقومان به بدون موجب قانون من اقتطاع مبالغ هامة لفائدة المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بخصوص مستحقات ماء السقي ، واقتطاعات لفائدة مؤسسة القرض الفلاحي في إطار استرداد الديون ، وبطبيعة الحال فكل مؤسسة أو إدارة هي مسؤولة عن ما تقوم به ويبقى تواصلها المباشر مع الفلاح ضروريا دون اللجوء إلى معمل السكر ليقوم بهذه الاقتطاعات البعيدة عنه كل البعد ، وحتى نقف على الخسائر الفادحة التي يتكبدها الفلاح في هدا المجال دون غيره .
إذا كان هذا كله بالإضافة إلى فترة قلع الشمندر والذي يصادف فصل الصيف حيث تكون الحرارة مرتفعة ، فإن عملية القلع تترتب عنها خسائر فادحة ، بسبب تعرض المنتوج لأشعة الشمس لفترة طويلة وبالأخص إذا حصل هناك عطب بالمعمل أو حدوث طارئ كإضراب سائقي الشاحنات مما يعرض المنتوج للضياع وبالتالي يتكبد الفلاح تلك الخسائر لوحده بعدما كافح واجتهد طيلة السنة في مراقبته ورعايته ، أضف إلى ذلك ما تعرفه أسعار البذور والمبيدات والأسمدة والغازوال وماء السقي... من ارتفاع في الاثمنة ، تلك كلها عوامل تحالفت وأزمت وضع منتجي الشمندر في غياب جمعية حقيقية ترعى مصالحهم وتدافع عنهم وتطرح مشاكلهم على الجهات المعنية عوض أن تهتم بالاقتطاعات غير المبررة ، والاستفادة الشخصية عملا بمبدأ « أنا ومن بعدي الطوفان »!
في انتظار تدخل الجهات المسؤولة
لقد ضاقت الساكنة صبرا مع الروائح الكريهة التي تنتشر يوميا لتغطي مساحة شاسعة بالمنطقة ، وأصبح من الضروري تدخل الجهات المسؤولة المعنية بأوضاع البيئة وحمايتها لضمان بيئة سليمة خالية من المؤثرات السلبية سواء على صحتهم أو سلوكهم، باعتبار أن الإنسان ابن بيئته يتأثر بتأثرها ، وعلى الجمعيات المدنية المهتمة بمجال البيئة محليا وإقليميا التدخل لحماية البيئة باستخدام كل الوسائل القانونية والضرورية لضمان تفعيل الاهتمام بالقضايا البيئية ووقف كل ضرر بصحة الساكنة ضمانا لحقها الثابت في العيش وسط بيئة سليمة من كل أنواع التلوث ، وإلا فإن الساكنة و في ظل ما هو كائن اليوم، ستكون مضطرة لاقتناء أقنعة واقية تحسبا لكل رائحة كريهة !؟.
وبخصوص أوضاع الفلاح فقد بات على اللجان التي تكونت سابقا و كذا الجمعيات التي تعنى بشؤون الفلاحين البحث عن أسلوب لأجل معالجة الخسارة والأضرار التي يتكبدها الفلاح و رفع الظلم و القهر عنه باستعمال جميع الأساليب النضالية حتى تحقيق مطالبه العادلة و المشروعة ، دون أن نركن لزاوية وترك الأمور هكذا في انتظار «عصا موسى» لتشق له طريق النجاة في بحر مليء بالاكراهات والمشاكل التي تثقل كاهله .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.