انعقدت شهر الاثنين الماضي بالدار البيضاء الدورة الثانية للمؤتمر الاقتصادي، المنظم من طرف «التجاري وافا بنك« حول محور »تطور الاقتصاد المغربي في سياق التحولات الدولية». المؤرخ ورئيس التحرير «ألكسندر أدلير» كان من بين المتدخلين ونقدم هنا ترجمة لحوار له مع موقع yabiladi. في مقال لجريدة الفيغارو صنفتم الأحداث التي عرفها المغرب خلال الربيع العربي بالثورة المخملية؟ هذا المصطلح استعمل من طرف التشيكيين، النظام السوفياتي التشيكوسلوفاكي انهار عمليا ما بين عشية وضحاها، والمؤسسات الديمقراطية اتخذت مكانها بدون أدنى عنف. في المغرب ومنذ 2011، لا نشهد على ضعف الدولة بل بالأحرى على تقويتها. المغاربة اتفقوا في الأخير على التفاهم بينهم والتجمع حول مقترحات الملك وبالتالي الحفاظ على وحدة المخزن. هل تظنون أن بإمكان المغرب أن يعرف نفس أحداث العنف التي شهدتها البلدان العربية كتونس و مصر؟ بعد سنتين سترون أن تونس ستكون مستعدة للقيام بثورة مضادة. الجهلاء والحمقى الذين يسيرون البلاد حاليا، هم في طريقهم لهدم كل المزايا التنافسية التي يتوفر عليها هذا البلد. وهذا ليس حال المغرب، فالمغرب يكمل فقط المسار الذي أنشأه الملك محمد السادس عند مجيئه إلى الحكم والمبني على الحريات العامة، حرية التعبير والتعددية الحزبية، هذه هي مزايا المغرب الحقيقية وأؤكد لكم أن بلدا بهذه المزايا، لا يشتت. ولكن لا يجب أن ننسى أن هناك في المقابل، مشاكل اجتماعية جد مهمة. فمن جهة نجد أن الجانب المغربي الواقع على ساحل المحيط الأطلسي، مزدهر. ومن جهة أخرى فالجانب الآخر المكون من جبال وصحراء، يعيش سكانه على مسافة بعيدة من الأقطاب الاقتصادية. ولكن رغم ذلك، فإن قارنا بين مؤشر التطور الديمقراطي للبلد مع مؤشر التطور الاقتصادي والاجتماعي والذي يعتبر لحد الآن معززا بنمو قوي. فأنا لا أرى أن هناك مشكلا. وأعتقد اليوم أن أغلبية المغاربة ومهما كانت آراؤهم السياسية، يريدون أن تكتمل الأمور على هذا النحو. لدى المغرب طائفة يهودية كبيرة متواجدة حول العالم وخصوصا بإسرائيل. ألا يمكنه الاعتراف بالعلاقة التي تجمعه بإسرائيل بدل إخفائها؟ كان اليهود في جميع دول العالم العربي خارج أرض الرسول، لكن العلاقات الحميمية بين اليهود والمسلمين لم تلاحظ أيضا إلا مع المغرب. كان هذا في القرون الوسطى وبعد وصول المطرودين من إسبانيا، المغاربة واليهود على حد سواء، خلقوا تكافؤا ثقافيا صحيحا. إنها المعجزة الفاسية. لكن من المستحيل أن يختفي هذا. اليوم عند الاسلاميين أصوات ترفع للمطالبة بسياسة حادة أكثر نحو اسرائيل، لكنني لاحظت بكل سرور أن عبد الاله بنكيران وحزبه PJD يشجعون مشروعا يعطي حق التصويت لكل المغاربة المقيمين بالخارج بما في ذلك أكثر من 600,000 يهودي يعيشون في فرنسا، كندا واسرائيل والذين حسب الدستور لديهم الحق في التصويت في الانتخابات المغربية. جميعهم لا يقومون بهذا لكن البعض لديه رغبة للقيام به. وأنا أعلم كل شيء. كل هذا يوضح الخصوصية المغربية وأعتقد أن التوافق بين المسلمين واليهود مهم جدا من أجل السلام في هذهالمنطقة. ماهو الموقف الذي يجب على المغرب إذن أن يحتفظ به؟ المغرب لا يمكنه فعل كل شيء لوحده. المغرب هو دولة داخل المغرب الكبير ودائما هو يتقدم خاصة في الحوار بين اسرائيل والعالم العربي. الملك الحسن الثاني تحمل المخاطر والملك محمد الخامس قام بنفس الشيء قبله، والملك الحالي لديه نفس الموقف. ولكن لا يمكن أبدا أخذ المزيد من المخاطر! مع النظام الاسلامي في تونس الذي وضع في دستوره حظرا رسميا بخصوص العلاقات الديبلوماسية مع اسرائيل ومع الازمة الكامنة لجبهة التحرير الوطني الجزائري ومعاداة السامية للوطنيين الجزائريين الذين يعيشون في صراع دائم. يمكننا أن نسعد لأن المغرب حقق خطوة إلى الامام، ولكن الأمر لا يستحق أن يتقدم خطوتين وذلك لأن السياسة الاسرائيلية ليست مشجعة. المغرب يأخذ دائما بكل العناصر الممكنة ليتقدم. نطلب منهم طرح المزيد؟ هذا لا يبدو واقعيا والله يعلم أنني أتمنى علاقات جيدة بين المغرب والمجتمع اليهودي ومع الدولة الاسرائيلية كذلك. لا يعتبر هذا مستعجلا بالنظر إلى الاقتراحات المفتوحة من طرف بنكيران حول المواطنة المغربية. حاليا، المغرب لم يقطع الميثاق الذي صانه مع المجتمع اليهودي وهذا هو المهم. (يقول وهو ضاحكا) قبل 3 قرون اسم بنكيران كان 100% يهوديا!